فيما طالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين المنظمة وإسرائيل ردا على قرار الحكومة الإسرائيلية وقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية للسلطة، عبرت الأوساط الفلسطينية الرسمية الاثنين عن استنكارها للقرار الإسرائيلي بوقف تحويل أموال الضرائب عقابا على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وقال نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إن قرار إسرائيل تجميد عائدات الضرائب الفلسطينية يهدف إلى عرقلة عملية المصالحة الفلسطينية، وإبقاء الوضع السابق باعتباره يخدم أهدافها. وأوضح حماد في تصريح صحفي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن «مواجهة هذا الإجراء الإسرائيلي فلسطينيا، يكمن بسرعة تشكيل الحكومة المقبلة، حيث ينتظر المجتمع الدولي شكلها وبرنامجها والأشخاص الذين سيكونون أعضاء فيها»، مؤكدا أنه «لا يمكن لإسرائيل أن تنفرد بموقف يعارض الحكومة الفلسطينية». وأشار حماد، إلى أن القيادة الفلسطينية وعباس أخذوا بعين الاعتبار المحاذير والاحتمالات، وينظرون للتهديدات الإسرائيلية وسط إصرار كبير على إنهاء الانقسام ووضع برنامج للحكومة وأشخاص لا يمكن لإسرائيل أن تستخدمهم كذريعة ضد الشعب الفلسطيني وقضيته. هذا، وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الأحد الماضي أن وزير المالية الإسرائيلي قرر وقف تحويل أموال الضرائب والمستحقات المالية إلى السلطة الفلسطينية كإجراء عقابي على موافقة عباس على التوقيع على المصالحة مع حركة حماس. وقال الوزير يوفال شتاينتس، إن القرار يشمل ما قيمته بين 5-3 مليار شيكل سنويا أي ما يعادل مليار ونصف المليار دولار. وأوعز شتاينتس إلى موظفي وزارته بعدم حضور الاجتماع الدوري الذي كان من المقرر عقده الأحد الماضي مع المسؤول عن ضريبة القيمة المضافة في السلطة الفلسطينية.. وقالت الإذاعة انه يتم عادة في ختام هذا الاجتماع تحويل أموال بقيمة 300 مليون شيكل -حوالي 90 مليون دولار أمريكي- إلى السلطة الفلسطينية هي عبارة عن أموال جمارك وقيمة مضافة وضرائب تجنيها إسرائيل من العمال الفلسطينيين بموجب اتفاقية أوسلو.. وبينت أن قيمة الضرائب الإجمالية التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية من إسرائيل تتراوح بين ثلاثة وخمسة مليارات شيكل سنويا وتشكل ثلثي ميزانية السلطة المالية. من جهته ندد الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالقرار الإسرائيلي، وقال «إذا صح هذا الأمر فذلك يدل على أن إسرائيل تحارب السلطة الفلسطينية سواء كان هناك مصالحة مع حركة حماس أو لم تكن أو كانت هناك حكومة أو لم تكن».. واتهم الحكومة الإسرائيلية «بإتباع نهج بمحاربة الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية بشكل مستمر منذ أن جاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الحكم في إسرائيل».. وقال «إن ما يتحدثون عنه هو أموال الشعب الفلسطيني.. وإذا ما صحت هذه الأخبار بشأن تجميد تحويلها للسلطة فهذه قرصنة مالية الأمر الذي ندينه ونرفضه بشدة». واعتبر عريقات أن كل ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة إزاء اتفاق المصالحة «إنما هو جزء من نهج استخدام الذرائع لعدم ذهابها نحو السلام».. ومن جهته قال رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا): «لن تثنينا هذه الإجراءات الإسرائيلية عن كل جهد ممكن من أجل الإسراع في إنجاز ملف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في أسرع وقت ممكن أيا كانت هذه الإجراءات أو الخطوات أو التهديدات». وأضاف فياض: «إنهاء الانقسام وإنجاز ملف المصالحة هدف لنا، ويجب توحيد الجهود ومضاعفتها من أجل انجاز ذلك». وحول تأثير القرار الإسرائيلي على السلطة، قال فياض «نحن بكل تأكيد لن نتوقف إزاء هذه التهديدات، ونحن على اتصال مع كافة القوى والأطراف المؤثرة دوليا لثني إسرائيل عن هذه الإجراءات». ومن جهته دعا تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى وقف العمل فورا باتفاق باريس الاقتصادي، الذي تم التوقيع عليه بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في العام 1994، ردا على قرار وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتانيتس بوقف تحويل المستحقات المالية التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة، وذلك كإجراء انتقامي على اتفاق المصالحة الفلسطينية، الذي ترعاه مصر. وأضاف أن إسرائيل بهذه السياسة تعود من جديد إلى ممارسة القرصنة المالية كأحد وسائل الضغط على الجانب الفلسطيني بهدف فرض املاءات سياسية، فقد سبق أن مارست حكومة إسرائيل سياسة القرصنة هذه من خلال إجراءات مشابهة، عندما أوقفت تحويل المستحقات المالية إلى السلطة الفلسطينية في العام 2006، دون إبداء حد أدنى من احترام التزاماتها المحددة في اتفاق باريس الاقتصادي الظالم والمجحف أساسا بحق الجانب الفلسطيني. وفي مواجهة السياسية الإسرائيلية دعا خالد جميع القوى والهيئات والشخصيات الوطنية والديمقراطية والإسلامية إلى المضي قدما في سياسة إنهاء الانقسام الداخلي واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني في أجواء انفتاح واسع من الجميع على كل ما من شأنه أن يعزز هذه الوحدة بعيدا عن الثنائية الفئوية الضارة، كما دعا الدول العربية وخاصة المعنية إلى إعادة النظر بعلاقاتها مع إسرائيل في رسالة واضحة إلى كل من إسرائيل والإدارة الأميركية بأن التصرفات غير المسؤولة لحكومة إسرائيل لا يمكن أن تمر دون رد فعل عربي مسؤول، كما كان يجري قبل الانتفاضات الشعبية الشعبية، التي تعم المنطقة العربية. وطالب في الوقت نفسه المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن والرباعية الدولية إلى التدخل العاجل والضغط على حكومة إسرائيل للتوقف عن سياسة القرصنة هذه والى دعم جهود المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني باعتباره شأنا داخليا فلسطينيا يعزز فرص التقدم نحو تسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع وينزع من حكومة إسرائيل الذرائع، التي تستخدمها للتهرب من الاستحقاقات السياسية على أبواب شتنبر القادم، وتستخدمها كذلك في مواصلة سياستها الاستيطانية الاستعمارية المعادية للسلام بحجة عدم وجود شريك فلسطيني في ظل الانقسام. ومن ناحيته وصف مصطفى البرغوثي الأمين العام الحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الأحد الماضي، قيام إسرائيل بتجميد المستحقات المالية للسلطة بأنه عمل من أعمال القرصنة، واعتداء على أموال الشعب الفلسطيني. وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها لن تحول نحو 90 مليون دولار من أمول الضريبة التي تجبيها نيابة عن السلطة رداً على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وأضاف البرغوثي في تصريح صحفي: هذه أموال يدفعها دفع الضرائب الفلسطيني، فهي ليست أمولاً إسرائيلية، وباعتداء إسرائيل عليها، فإنها تقوم عملياً بخرق كل الاتفاقيات الموقعة، وتمزيقها، وتخرق تعهداتها أمام العالم، وتمارس قرصنة على حقوق الشعب الفلسطيني. وأكد البرغوثي أن إسرائيل تريد فرض إملاءاتها على الشعب الفلسطيني بحيث تملي عليه من يقوده وتحكمه، وهو أمر مرفوض، فالشعب الفلسطيني حر في إرادته وسيجسد ذلك من خلال ديمقراطيته، وشدد على أن ليس من حق إسرائيل أن تستخدم القرصنة المالية لمعاقبة الشعب الفلسطيني. ودعا الدكتور البرغوثي السلطة الوطنية الفلسطيني إلى تجنيد المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية بغية الضغط على إسرائيل لوقف هذه القرصنة المالية، وفي حال واصلت إسرائيل تعنتها، فعلى السلطة الفلسطينية إلغاء كافة الاتفاقات مع إسرائيل بشكل كامل، وإنهاء الوضع الذي يسمح لإسرائيل بالتحكم في موارد الشعب الفلسطيني، في ظل خرقها الواضح للاتفاقيات المبرمة. ومن طرفه قال ديمتري دلياني عضو المجلس الثوري لحركة فتح بأن قرار حكومة الاحتلال هو محاولة ابتزاز سياسي مرفوض ستلقى الفشل بكل تأكيد. وأضاف دلياني أن عملية الابتزاز هذه التي تحاول دولة الاحتلال تبريرها على أنها رد فعل على المصالحة الوطنية الفلسطينية، تبرز أحد أوجه الطغيان الاحتلالي الذي يحارب شعبنا بشتى الوسائل، لكنها في الوقت نفسه تفتح الأبواب لإثارة القضية على المستوى الدولي لفضح مدى تمادي المحتل في ممارساته، كما أنها تؤكد بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية والعمل على فرض سيادتها لا يعتبر أمرا سياسيا فقط بل هو شأن ذات أهمية عملية بالغة لجميع مكونات الحياة الفلسطينية. وشدد دلياني على أن تجميد المستحقات الضريبية يضاف إلى قائمة طويلة من انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين والتي تقف عليها وترعاها حكومة نتنياهو ليبرمان اليمينية المتطرفة الرافضة للسلام. وأكد أن إجراءات الاحتلال ستزيد من تمسكنا بالمصالحة التي تشكل خطوة هامة لاستعادة الوحدة الوطنية والمضي قدماً لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.