تم التوقيع مساء الإثنين 23 ماي 2011 بشكل رسمي وبمقر وزارة الاقتصاد والمالية عن اتفاق لبيع 13 مليون سهم من أسهم البنك الشعبي بقيمة مالية تصل 600 مليار سنتيم. وقد أسفر اللقاء المطول الذي عقد ليلة الأحد الماضي بمقر البنك الشعبي المركزي بالدار البيضاء على خلفية عرض الدولة للتنازل عن 20 بالمائة من رأسمال البنك للمساهمين الآخرين عن تحديد ثمن البيع في 33,5 مليار درهم كحد أدنى. وخلص الاجتماع الذي جمع كل من قيادة المجموعة البنكية ومدير الخزينة العامة ومدير المنشآت العامة والخوصصة عن تحديد تفاصيل عقد التنازل. وأكد مصدر ل ''التجديد'' أن سعر بيع السهم شكل ''عقدة'' المفاوضات خلال اللقاء، وأن سعر البيع للسهم ظل متأرحجا بين 400 درهم للسهم و450 للسهم الواحد، مع العلم أن سعر السهم الواحد في تداولات البورصة حاليات يعادل 440 درهم. وفي قراءته لعملية التفويت من الناحية السياسية، اعتبر لحسن الداودي، أستاذ الاقتصاد ورئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، أن هذا التفويت لجزء من رأسمال البنك الشعبي ''يأتي في سياق إفلاس التدبير الاقتصادي والمالي لحكومة عباس الفاسي''. وقال الداودي: ''من الناحية الأخلاقية ليس من حق هذه الحكومة التي لم يتبق من عمرها سوى شهورا قليلة أن تتخذ قرارات استراتيجية سترهن الحكومة المقبلة التي يراد لها أن تنبثق من انتخابات حرة ونزيهة''. أما ما يجب عمله في هذا الإطار، شدد الداودي على أن الحكومة الحالية تبنت نهجا اقتصاديا ليبراليا دون حدود وهو ما أدى إلى ''كوارث في تدبير الميزانية والاقتصاد''. مشددا على أنه ''يجب توقيف كل القرارات الاستراتيجية التي هي من صلاحيات الحكومة المقبلة''. ومن جهة أخرى كانت تبريرات ''تنازل الدولة'' عن نصف حصتها من المجموعة البنكية هو تقوية الأقطاب الجهوية انسجاما مع ''الجهوية المتقدمة'' التي يسعى المغرب إلى تنزيلها على أرض الواقع في المدى المنظور. وذكر المصدر ذاته أن تأثيرات الأزمة المالية التي تعيشها كل مناشط الاقتصاد المغربي ''كانت حاضرة في المفاوضات''. في هذا السياق اعتبر إدريس بنعلي، خبير اقتصادي، أن الدولة تحتاج حاليا إلى سيولة مالية لمواجهات ''مد المطالب الشعبية''، معتبرا ''أنه على كل حال موارد إعادة تدوير رأسمال مجموعة البنك الشعبي لن تسمح للحكومة بشراء السلم الاجتماعي الذي تبحث عنه بأي ثمن''. وشدد بنعلي ''أن تدابير الحكومة الحالية التي تخص تكاليف صندوق المقاصة والحوار الاجتماعي، سترهن الحكومة المقبلة، وستترك لها مشاكل كبيرة على مستوى تدبير المالية العامة''. ومن بين تبريرات بيع حصة الدولة للمساهمين الآخرين، اعتبر محمد شهبون الرئيس المدير العام للمجموعة البنكية ( التي يقدر عائدها الصافي ب 10 مليار درهم، وحجم الودائع 186 مليار درهم منها 67 حجم ودائع العمال المغاربة في المهجر ويتوفر على 950 وكالة و425 نقطة بيع للقروض الصغرى) اعتبر أن هذا المسلسل سيساهم في تقوية البنوك جهويا، والمساهمة في مخطط إدماج البنوك الشعبية الجهوية في مسار تقوية وظائف الجهات. ويشار إلى أن مجموعة البنك الشعبي تعد ثاني بنك في المغرب، وقد تم تفويت 21 بالمائة من رأسمال المجموعة من قبل الدولة للمساهمين الآخرين سنة ,2002 ويتوزع رأسمال المجموعة حاليا على حصة الخزينة العامة 40,23 بالمائة، البنوك الشعبية الجهوية 17,23 بالمائة، المكتب الشريف للفوسفاط 6,59 بالمائة، الملكية الوطنية للتأمين 5,03 بالمائة، النظام الجماعي لرواتب التقاعد 8,35 بالمائة، مساهمين آخرين 18,54 بالمائة، المستخدمين 4,03 بالمائة. ومن شأن إجراء تفويت 20 بالمائة للبنوك الشعبية الجهوية أن تصبح حصتها في المجموعة ترتقي إلى 37,23 بالمائة.