أخيرا رُفعت السرية عن صفقة الشراكة التي تمت ما بين مجموعتي البنك الشعبي والمكتب الشريف للفوسفاط، والتي شكلت موضع تضارب في الأنباء منذ حوالي أسبوع بعد تسريب بعض تفاصيلها. مجموعة البنك الشعبي أصبحت مساهمة في رأسمال مجمع المكتب الشريف للفوسفاط، وستأخذ هذه المساهمة التي تبلغ 5 ملايير درهم شكل زيادة في رأسمال المجمع يحصل البنك المركزي الشعبي بمقتضاها على حصة تبلغ 5.88 في المائة من الرأسمال. الصفقة التي أبرمت على أساس تقييم مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بحوالي 100 مليار درهم ستمكن البنك من الحصول على صفة عضو بالمجلس الإداري وتمثيله في اللجان الأساسية للمجمع. هذا في الوقت الذي ستساهم فيه مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط كذلك في رأسمال البنك المركزي الشعبي باستثمار يبلغ مليار درهم، ويأخذ هذا الاستثمار شكل زيادة في رأسمال البنك بنسبة 6.26 في المائة، على أساس رسملة في البورصة بمبلغ 15 مليار درهم. وستحصل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بمقتضى هذه العملية على صفة عضو بالمجلس الإداري وتمثيله في اللجان الأساسية للبنك. عمليات المساهمة المتبادلة أعلن عنها وزير المالية والاقتصاد، صلاح الدين مزوار، في ندوة صحفية عقدت صبيحة أمس الاثنين بمقر وزارة المالية بالرباط، وأكد بالمناسبة أن الدولة تعتزم القيام بعمليات مشابهة مع مجموعة من المؤسسات العمومية، في أفق تمتين بنيتها المالية وتقوية تنافسيتها. بعض المراقبين وصفوا الصفقة المبرمة بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط والبنك الشعبي ب«المفاجئة» واعتبروا أن هذه الصيغة كانت مستبعدة، على اعتبار أن مصطفى التراب، المدير العام لمجمع المكتب الشريف للفوسفاط، سبق له أن أعلن، خلال السنة الماضية، عزم مجموعة صندوق الإيداع والتدبير المساهمة في رأسمال المجمع، عبر دفع ثلث الغلاف المالي لإخراج صندوقه الداخلي للتقاعد (11 ملياردرهم). التراب كشف خلال الندوة الصحافية ليوم أمس أن النتائج التي حققتها المجموعة برسم سنة 2008 التي وصفها ب«الاستثنائية» جعلته يلغي الصيغة التي كانت مبرمجة لولوج صندوق الإيداع والتدبير لرأسمال المجمع، ومكنت المجمع من تقوية بنيته المالية وتمويل إخراج صندوقه الداخلي للتقاعد بمبلغ 28 مليار درهم دون أية زيادة في الرأسمال. فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن مجموعة البنك الشعبي ساهمت بحوالي 16 في المائة من مجموع الغلاف المالي الذي ضخه كونسورتيوم مكون من عدة أبناك لتمويل إخراج الصندوق الداخلي للتقاعد للفوسفاطيين. التراب الذي كان يجيب عن أسئلة الصحافيين بحنكته المعهودة ترك باب الود مفتوحا في وجه مجموعة مصطفى الباكوري، التي قال عنها إنها مازالت مرحبا بها، إن أرادت المساهمة في رأسمال المجمع. قبل أن يكشف إمكانية إدراج أسهم مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط للتداول في بورصة الدارالبيضاء، واعتبر أن العملية سيستفيد منها العاملون بالمجمع عبر تخصيص جزء من الأسهم لفائدتهم. من جانبه، ربط متحدث باسم وزارة المالية والاقتصاد بين ولوج المجموعة لسوق القيم وبين تطور آداء البورصة، وأكد أن طرح أسهم المجمع للتداول مرتبط بعدة أشياء أهمها مستوى تطور بورصة الدار البيضاء. وارتباطا بأداء مجمع المكتب الشريف للفوسفاط، كشف التراب عن تراجع إنتاج المجموعة من الفوسفاط لأن «الأسعار نزلت إلى أدنى مستوياتها»، يقول المدير العام للمجمع، مؤكدا أن التوقعات كانت تشير إلى ذلك، مشيرا إلى أن تأثير الأزمة المالية العالمية بدا واضحا على قطاع الفوسفاط بالمغرب لأن زبناءه يتمركزون في أكثر من 50 دولة في العالم. من جانب آخر، لم تفت محمد بنشعبون، الرئيس المدير العام للبنك المركزي الشعبي، فرصة التأكيد، خلال الندوة الصحافية، على ما ستربحه مجموعة البنك الشعبي من خلال هذه الاتفاقية التي وصفها ب«الاستراتيجية»، واعتبر أن الشراكة بين البنك والمجمع تعد سابقة من نوعها في القطاع العام بالمغرب، يهدف من خلالها البنك إلى مواكبة المخطط التنموي لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط والمساهمة في إنجاز وتطوير موقع الجرف الأصفر عن طريق تمويل ومواكبة المستثمرين الأجانب الشركاء، إضافة إلى مواكبة المجمع في استثماراته الكبرى التي حدد غلافا ماليا يقدر بحوالي 14 مليار درهم للسنة الجارية فقط. إلى ذلك، تحتكر الدولة 45.38 في المائة من رأسمال مجموعة البنك الشعبي، قبل ولوج مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في رأسمال البنك. هذا الأخير الذي سيصبح ثاني مساهم إلى جانب الدولة في المجمع، وبفضل هذه العملية سيتم ضخ حوالي 6 ملايير درهم في الخزينة العامة للمملكة.