تم أمس بالرباط التوقيع على اتفاقية شراكة استراتيجية بين المجمع الشريف للفوسفاط والبنك المركزي الشعبي، وهي شراكة تأتي في سياق الاستراتيجيات القطاعية التي انخرط فيها المغربية من أجل إعطاء دفعة قوية للاقتصاد المغربي ولتقوية تنافسيته على الصعيد الدولي. وفي هذا الإطار أشار صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية إلى أن الدينامية التي يعرفها المغرب عموما بفضل قوة الاستثمارات والمشاريع الكبرى، خاصة في المناطق الشمالية، وبفضل موارده الطبيعية والإنسانية التي حولت بلادنا إلى أرضية جهوية للاستثمار والإنتاج. وعلى عكس الشراكات السابقة التي جمعت القطاع الخاص بالدولة وأدت إلى ظهور مقاولات قوية ورائدة وحولت الاقتصاد المغربي إلى اقتصاد ناشئ، تأتي الشراكة الجديدة بين فاعلين عموميين هما المجمع الشريف للفوسفاط والبنك المركزي الشعبي، وقال مزوار إن الأهداف المتوخاة من هذه الشراكة التي اعتبرها مفيدة لجميع الأطراف، تتمثل في إعطاء دفعة جديدة لمجموعتين استراتيجياتهما للتنمية متقاربة، كما تتمثل أيضا في دعم الإمكانيات المالية للمجمع الشريف للفوسفاط، وتعزيز وجوده في السوق الدولية في سياق يعرف فيه القطاع نموا كبيرا بفضل ارتفاع الطلب على الأسمدة المتأتي من ارتفاع الطلب على الغذاء. وأضاف أن هذه الشراكة ستمكن البنك المركزي الشعبي من إمكانية هائلة لتعزيز موقعه المرجعي في مجال التمويل والاستثمار. وذكر مزوار بالمراحل التي قطعتها إعادة هيكلة المكتب الشريف للفوسفاط وتحويله إلى شركة مساهمة وفتح رأسمالها دون خوصصته. كما تبنى المجمع مخططا استثماريا يهدف إلى «الرفع من مستوى تثمين الفوسفاط الخام من 48% إلى 70% ومضاعفة القدرة الإنتاجية من الفوسفاط الخام إلى 50 مليون طن سنويا وتسويق هذا المنتوج عن طريق تحويل موقع الجرف الأصفر إلى قطب دولي كيميائي للفوسفاط». وتقضي هذه الشراكة بأن يساهم البنك المركزي الشعبي ب5 5 مليار درهم شكل زيادة في رأسمال المجمع ويحصل بمقتضاها على حصة تبلغ 5,88% من الرأسمال، كما يحصل بموجبها أيضا على عضوية المجلس الإداري وعلى التمثيلية في اللجان الأساسية للمجمع. وبالمقابل سيساهم المجمع كذلك في رأسمال البنك المركزي الشعبي باستثمار يبلغ مليار درهم، على شكل زيادة في رأسمال البنك أي ما يمثل 6.62 % ، ويحصل المجمع بدوره بموجب ذلك على عضوية المجلس الإداري وعلى التمثيلية في اللجان الأساسية للبنك. ويعد المجمع الشريف للفوسفاط من اكبر مصدري ومنتجي الفوسفاط ومشتقاته في العالم، ويستغل نحو 50 في المائة من الاحتياطي العالمي، مما يتيح له المساهمة بشكل وافر في الاستثمار بالمغرب وفي الرفع من رصيد العملة الصعبة إضافة إلى تشغيل عدد مهم من اليد العاملة. وحقق المجمع سنة 2008 رقم معاملات بلغ 55 مليار درهم مستفيدا، كما قال مديره العام مصطفى التراب، من الارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار المواد الأولية في السوق العالمية. وأضاف أن استثمارات المجمع خلال نفس السنة ارتفعت إلى 12 مليار درهم في سياق تميز على الخصوص بطلب قوي بفعل تزايد السكان، وبفعل انخفاض العرض والاستثمارات التي تسببت فيها سنوات طويلة من انخفاض الأسعار في السوق الدولية قبل أن تعرف طفرة كبيرة في السنتين الأخيرتين حيث انتقل أسعار السماد من 300 دولار إلى 1200 دولار مما عزز القدرة المالية للمجمع وأتاح له الرفع من استثماراته، ومكنه من تبني استراتيجية جديدة لتنمية أنشطته. وقال التراب إن هذه الاستراتيجية ترتكز على أربعة محاور أساسية أولها برنامج استثماري يصل إلى 3.2 مليار دولار في أفق 2020 بهدف تنمية القدرات الإنتاجية من 28 مليون طن سنويا حاليا إلى ما بين 45 و55 مليون طن. أما المحور الثاني فيتمثل في برنامج لجلب الاستثمارات الأجنبية في مجال الأسمدة وخاصة في محور الجرف الأصفر، إضافة إلى محورين آخرين هما إعادة صياغة الاستراتيجية التسويقية للمجمع، واعتماد أحسن المراجع المالية والتنظيمية بالانتقال من إدارة الموارد إلى ريادة متكاملة. ويعد البنك المركزي الشعبي من جانبه واحدا من الأبناك المغربية الأساسية في المغرب وفي العالم من خلال توفره على أكبر شبكة بنكية للقرب، إضافة إلى كونه يستقطب 25 في المائة من الادخار الوطني، ويساهم ب 22 في المائة من القروض للاقتصاد، ويصل عدد زبنائه إلى 3 ملايين. وبالنظر إلى حجم هاتين المجموعتين في النسيج الاقتصادي الوطني، قال صلاح الدين مزوار إن هذه الشراكة مفيدة لهما وللدولة. وأضاف أن الدولة ستستفيد من دفعة متوقعة للنمو الاقتصادي ولتحفيز الاستثمارات والصادرات والتشغيل، وتعزيز الصناعة الوطنية . وقال إن هذه الشراكة مفيدة للمجمع الشريف للفوسفاط لأنها ستساهم في تقوية الاستراتيجية الصناعية للمجمع وتعزيز قيمته المضافة. ,أضاف أنها مفيدة للبنك المركزي الشعبي حيث ينتظر منها أن تعزز الأموال الخاصة للبنك، وأن تؤسس لعلاقات تجارية مستدامة مع مجموعة تعد رائدة على الصعيد العالمي، وأن تضمن للبنك المركزي الشعبي نموا خارجيا في قطاع ينطوي على إمكانيات كبيرة للتطور والنمو.