كشف تقرير الظرفية الاقتصادية الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية خاصة الشق المتعلق ''بالجبايات'' أن الضرائب على الشركات انخفضت خلال شهر يناير الماضي مقارنة مع نفس الفترة السنة الماضية بنسبة 52,2 بالمائة، أما حجم الضرائب المباشرة فسجل انخفاضا بلغ نسبة 18 بالمائة. وأبرز التقرير الذي صدر أول أمس و تناول الحالة الاقتصادية والمالية في المغرب خلال الأربع الأشهر الأولى من 2011 والتي وصفها التقرير'' بالحسنة''، على أن مجموع المداخيل الضريبية خلال شهر يناير من سنة 2011 بلغت 15,4 مليار درهم، مسجلا حدوث ''نوع من التهرب الضريبي''، وقدر حجم هذا التهرب، دون إعطاء أرقام مضبوطة، بحوالي ثلث المداخيل الضريبية، هو ما يعني أزيد من 5 ملايير درهم. وأبرزت المؤشرات الضريبية عن تراجع حجم المداخيل الضريبية المباشرة لشهر يناير 2011 مقانة مع نفس الفترة من سنة .2010 في هذا السياق، اعتبر محسن بنقعراش، أستاذ الاقتصاد بالمحمدية،أنه يجب التمييز أولا بين موضوع التهرب الضريبي و الغش الضريبي. ذلك أن الثاني يصعب تقديم رقم محدد بخصوصه، نظرا لكون الغش الضريبي يتم عادة دون معرفة أجهزة المراقبة، لكن من المؤكد أن المبالغ تقدر بعشرات ملايير الدراهم، في حين أن التهرب الضريبي الناتج عن استغلال ثغرات القانون الضريبي توجد بشأنه إحصائيات لدى إدارة الضرائب، ودلك انطلاقا من التسهيلات الضريبية والامتيازات الممنوحة من طرف المنظومة الجبائية التي تتميز ب''اللاعدل''. ويضيف بنقعراش أنه من خلال إجراء تقاطع بين المعلومات والمعطيات المتوفرة، يمكن التوصل إلى المبالغ التي تخسرها الخزينة جراء التهرب الضريبي خ بمفهومه الضيق- حاليا يقارب مبلغ هدا النوع من التهرب 29 مليار درهم أي 58 بالمائة مقارنة بنفقات الاستثمار المبرمجة في مشروع قانون المالية برسم سنة 2010(يقدر المركز المغربي للظرفية الاقتصادية حجم التهرب الضريبي في المغرب بمايزيد عن 10 مليار درهم في السنة). من جهة أخرى، اعترف تقرير وزارة المالية أن المداخيل الضريبية '' أنقذت من خلال الضرائب غير المباشرة وحقوق التسجيل والتنبر ( زيادة بنسبة 54,6 بالمائة) وكذا الضريبة على الدخل. هاته الأخيرة عرفت ارتفاعا في مداخيل شهر يناير 2011 مقارنة مع نفس الشهر من سنة 2011 بنسبة 2,3 بالمائة. بالمقابل تراجعت مداخيل الضرائب المفروضة على الشركات من رقم مليار و850 مليون درهم برسم يناير 2010 إلى 884 مليون درهم فقط خلال شهر يناير .2011 من جهة أخرى عرفت المداخيل الضريبية الجمركية انخفاضا خلال ذات الشهر بنسبة 2,7 بالمائة. أما الأرقام الواردة في إحصائيات وزارة المالية بخصوص الواقع الضريبي في المغرب، فيمكن قراءتها حسب الخبير الاقتصادي من منظورين. المنظور الأول هو قراءة للأرقام كما هي، وهي تبين حسب بنقعراش عدم قدرة الحكومة الحالية على ''استيفاء الواجبات الضريبية''. متسائلا: هل من تفسير لتراجع حجم الضرائب على الشركات بنسبة 2,52 بالمائة. الأمر يعني ، وفق ذات القراءة، إما تراجع أرباح الشركات أو عدم قدرة إدارة الضرائب على استخلاص نوع من الضرائب. مسجلا بالمقابل ارتفاع حجم المداخيل الضريبية التي تستهدف عادة الموظفين والشرائح الضعيفة، والتي يمكن قراءتها من خلال ارتفاع نسبة الضرائب المستخلصة على الدخل. القراءة الثانية، وفق بنقعراش، هو الحديث عن العدالة الضريبية. بهذا الخصوص يقول بنقعراش: هل من العدل أن يسجل رقم المداخيل الضريبية غير المباشرة ضعف الضرائب المباشرة؟ وهل من العدل أن تقتطع للموظفين الصغار الضريبة على الداخل من المنبع بينما تحظى بعض الشركات الكبرى بامتيازات وتفضيلات ضريبية؟ أما الحل بالنسبة للباحث الاقتصادي فيكمن في إعادة طرح موضوع الضريبة للنقاش العام. معتبرا أن البرلمان هو من يسن الضريبة في الدول الديمقراطية بينما الموضوع في المغرب مازال من المحرمات. متسائلا : لماذا لا نتطرق لمن يحق له سن الضريبة في المغرب في وقت يتحدث فيه الجميع عن الإصلاحات السياسية والدستورية؟