أثبتت الشعوب العربية والإسلامية في عدة محطات حاسمة أنها أكبر من حكوماتها ظهر ذلك في كل المواجهات الكبرى التي خاضتها أمتنا عبر التاريخ القريب والمتوسط والبعيد. وحتى لا نبتعد عن الذاكرة القريبة، ففي حرب الخليج الأولى، وحرب الخليج الثانية، وفي حروب أفغانستان، وفي الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، كان الشارع العربي والإسلامي منفعلا ومتفاعلا مع أحداثها، خرجت المظاهرات الكثيرة، واشتدت درجة الاحتجاجات وغلت الصدور بما تحمل من ألم وحسرة على وهن السياسات الحكومية المتبعة وعلى استسلامها للإرادة الصهيونية والأمريكية وذهبت إلى أبعد من ذلك، فطالبت بفتح الحدود أمامها حتى تنصر المجاهدين المنتفضين في أرض فلسطينالمحتلة. وحتى داخل أرض الإسراء والمعراج، أكدت الجماهير الفلسطينية الشعبية الأمر نفسه، وأشعلت انتفاضة أولى استمرت عامين وانتهت بمأساة أوسلو، ثم أشعلت انتفاضة ثانية منذ شتنبر 2000 ولا تزال مستمرة متوجهة نحو النصر والتحرير وفي معاركها الحامية مع العدو الصهيوني مرغت وجهه في التراب وأثبتت للجيوش العربية النظامية أن الجندي الصهيوني أسد من ورق، وأن الإعلام يصنعه صنعا وأن خيار المقاومة هو الأصوب وهو الأبقى. هذه الأحداث وغيرها، تظهر البون الشاسع بين الشعوب العربية والإسلامية وحكوماتها فالحكومات أسلمت نفسها للاستكبار الدولي وفوضت أمرها للاستعمار والهيمنة، وحكمت على نفسها بالغربة عن شعوبها، والعمل ضد المصلحة العليا للأمة العربية الإسلامية أولى لها ثم أولى أن تستثمر الغليان الشعبي لدعم مواقفها، والضغط على الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى أوراق ضاغطة أخرى، إذن لتغيرت موازين القوى ولتخففت القبضة الدموية المسلطة على الشعب الفلسطيني والشعوب المقهورة لقد خرجت المسيرات في المدن الكبرى والصغرى بالمغرب وباقي الدول العربية والإسلامية مسيرات قادها التلاميذ والطلبة وانضم إليها الباقون، وفي بعض العواصم العربية قادها زعماء ووزراء وعلماء لكن يبقى السؤال الأكبر كيف تستثمر الحكومات السند الشعبي المقدم لها؟ هل تجامله وتغازله وتمتص الغضب العارم ثم تعود حليمة إلى عادتها القديمة، أم تنتهز الفرصة لتجعل كلمة الذين ظلموا وتصهينوا السفلى، وكلمة الذين انتفضوا وقاوموا هي العليا.