تعهد المشاركون في المؤتمر الدولي الذي عقد في لندن، يوم الثلاثاء 29 مارس 2011 لبحث الأزمة الليبية بمواصلة العمل العسكري ضد نظام معمر القذافي مع زيادة الدعم لجماعات المعارضة الليبية في الوقت نفسه. واتفق المشاركون في المؤتمر الذي استمر ليوم واحد وشارك فيه وزراء خارجية 35 دولة وعدد من المنظمات الدولية، على تكوين ''مجموعة اتصال ليبيا'' والتي ستكون مهمتها الإشراف على توجيه الجهود متعددة الجنسيات لمساعدة الشعب الليبي. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج: ''كان هذا يوما مهما للغاية بالنسبة لليبيا''. يذكر أن المؤتمر شارك فيه ممثلون عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأندرس فوج راسموسين الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ''ناتو'' والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي. كما شارك ممثلون عن عدد من دول عربية منها قطر والعراق والأردن والمغرب ولبنان وتونس والإمارات العربية المتحدة. وقال هيج: ''لقد ازداد ''التحالف الدولي لتسوية الأزمة الليبية ''عمقا واتساعا''، مشيرا إلى أن السويد عرضت المساهمة بثماني مقاتلات في العمليات العسكرية التي أصبحت الآن تجري تحت قيادة حلف شمال الاطلسي بشكل كامل. وسينعقد الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال الجديدة في قطر خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقال الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، للصحفيين، إنه بينما يشهد العالم حاليا أحداثا ''مؤسفة'' في ليبيا، فإن المؤتمر جلب معه ''أملا في المستقبل''. غير أن الوقت سيأتي ولاشك كي ''يقيم'' التحالف الدولي ما إذا كانت الغارات الجوية ''مجدية أم لا'' من حيث حماية شعب ليبيا، أم أن الأمر يستدعي مزيدا من الإجراءات. وقال الشيخ حمد: ''لن نغزو ليبيا.. لكننا لا نستطيع أن نترك الشعب الليبي يعاني''. وأضاف أنه يشعر بالأسف لأن الدول العربية لم تكن ''أكثر جدية'' في جهودها لدعم تحالف ليبيا. وعلى هامش المؤتمر، قدم المجلس الوطني الانتقالي الليبي وثيقة لإعادة بناء ليبيا ديمقراطية بعد رحيل القذافي. وعقد محمود جبريل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي محادثات مع عدد من كبار المشاركين في المؤتمر رغم أنه لم يدع رسميا للمشاركة في المؤتمر. وأجرى جبريل محادثات مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير الخارجية الألماني جيدو فيستر فيله وكذا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه. غير أن متحدثا باسم الحكومة البريطانية أحجم عن التعليق على ما أثير من تكهنات حول احتمال أن تتبع لندن خطى باريس وتعترف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي. وكان ممثلون عن المجلس الوطني الانتقالي قالوا خلال مؤتمر صحفي عقد في وقت سابق على هامش الاجتماع إنهم يرحبون بإمداد الثوار الليبيين بالسلاح بعد أن أجبرهم القذافي على حمله. وقال محمود شمام المتحدث الإعلامي باسم المجلس: ''نطلب الدعم السياسي أكثر من الأسلحة..لكن إذا ما حصلنا على الاثنين فسيكون شيئا رائعا''. غير أن توفير الأسلحة لم يكن ''شرطا'' فاصلا في مسألة علاقات المجلس مع الدول الأجنبية. لقد كان المجلس يسعى للحصول على اعتراف المجتمع الدولي به وكان يأمل في أن تحذو دول أخرى حذو فرنسا في إعلان ذلك الاعتراف. وقالت لاهاي إنه بالرغم من أن إمداد المعارضة الليبية بالأسلحة لم يناقش خلال المؤتمر، فإن قرار الاممالمتحدة بشأن ليبيا لم يستبعده. إمكانية تسليح الثوار ويأتي التلميح بإمكانية تسليح الثوار الليبيين بعد أن اتضح عدم التوازن بين المعسكرين خلال المواجهات التي جرت في مناطق بشرق ليبيا ومدن تحاصرها كتائب الديكتاتور القذافي شرق وغرب طرابلس العاصمة، مصراتة والزنتان وغيرهما، والتي يدافع فيها الثوار عن أنفسهم في مواجهة آلة الدمار التي يمتلكها نظام ''نيرون'' ليبيا. فمعارك الكر والفر التي جرت، أول أمس، بين الثوار وكتائب العقيد والتي هاجمتهم بنيران مدفعية وصواريخ ''غراد'' بشكل كثيف، أدت بالثوار إلى التقهقر نحو مدينة راس لانوف بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وكان الثوار قد تقدموا نحو سرت بعد تمكنهم من إعادة السيطرة على مدن وبلدات شنت التحالف الدولي غارات جوية على آليات ومدرعات عسكرية تابعة للقذافي، والتي أدت إلى تدمير جلها وقتل أغلب الجنود المرافقين لها، إلا أن قوة النيران المضادة من قبل الكتائب أجبرت الثوار على التراجع وحالت دون دخولهم إلى سرت. ولم يشهد شرق البلاد أية غارات جوية للتحالف منذ 48 ساعة. وبينما يصر الثوار على ضرورة تحقيق الانتصارات في مسيرتهم نحو مدينة سرت التي تعد أحد آخر الحواجز قبل العاصمة طرابلس، يخشى أن تكون القوات الخاصة الليبية لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، وهو ما دفع بالعديد من الأصوات الدولية إلى الإعلان عن استعدادها لإمكانية تسليح الثوار. وكان خبير عسكري مطلع على الترسانة الحربية التي يمتلكها القذافي أوضح في باريس أن النظام الليبي ما زال يحتفظ ب''كتائب مدربة تدريبا جيدا، يمكنه استخدامها إما لشن هجمات مضادة على أهداف محددة أو للانكفاء إلى طرابلس حيث يمكنها تشكيل خطوط دفاعية''، وفق ''فرانس برس''. وأضاف أن من بين الوحدات الموالية للقذافي ''القادرة على القتال والجيدة القيادة والتنظيم والتجهيز'' الكتيبة الثانية والثلاثون التي يقودها خميس نجل القذافي، ويقول المصدر إنها متأهبة ''للدفاع عن النظام حتى النهاية''. وأمام الصعوبات التي يواجهها الثوار الليبيين خلال تقدمهم غربا لتحرير المدن والمناطق التي لا تزال في قبضة نظام القذافي، لم يستبعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما تسليح المعارضة التي تسعى إلى الحرية والتخلص من نظام الديكتاتور الليبي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يجري حاليا إعداد تقييم لميزان القوى بين الثوار وقوات العقيد معمر القذافي. وفي مقابلة مع محطة التلفزيون الأمرسكية ''إن بي سي''، وردا على سؤال حول إمكانية تزويد الولاياتالمتحدة الثوار الليبيين بالأسلحة، أجاب اوباما ''لا أستبعد ذلك، ولكن لا أقول أيضا إن هذا الأمر سيحصل''. وأضاف ''ما زلنا نقيم ما يمكن أن تقوم به كتائب القذافي. لقد مرت تسعة أيام على بدء'' التحالف الدولي عملياته العسكرية في ليبيا، مشيرا إلى أنه في حال ضعفت هذه الكتائب كثيرا فإن تسليح الثوار قد لا يكون عندها ضروريا. وكانت كلينتون أثارت هي الأخرى قضية إمداد الثوار بالأسلحة، على هامش اجتماع لندن، حيث قالت إن الحكومة الأمريكية لم تتخذ أي قرار بشأن توفير الأسلحة للثوار من عدمه رغم أنهم الثوار سيتلقون تمويلا من الولاياتالمتحدة. لكنها أوضحت أيضا أن إمدادات الأسلحة ستكون شرعية في ضوء قرار الأممالمتحدة. وقالت كلينتون: ''تفسيرنا أن قرار ''مجلس الأمن الدولي'' رقم 1973 عدل أو ألغى الحظر المطلق على ''إمداد'' أي أحد في ليبيا بالسلاح.. ومن ثم يكون نقل الأسلحة مشروعا في حال ما إذا اختارت دولة ما فعل ذلك''. الموقف ذاته أكدت عليه السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس، حيث قالت، أول أمس، إنه ليس من المستبعد أن تسلّح الولاياتالمتحدة الثوار الليبيين. وأشارت رايس في حديث إلى شبكة ''أيه بي سي'' الأمريكية إلى أن الولاياتالمتحدة لم تتخذ قراراً بتسليح الثوار الليبيين ''إلاّ أنها لم تلغ هذا الأمر نهائياً'' من أجندتها. وقالت إن الرئيس باراك أوباما أشار إلى أن المهمة الأمريكية في ليبيا عسكرية وتقوم على حماية المدنيين وفرض حظر جوي، إلاّ أنها أضافت ''من وجهة نظر قومية لدينا مصلحة مهمة في رؤية القذافي يرحل عن السلطة وأن يكون لدى الشعب الليبي الفرصة لتقرير مستقبلهم بأنفسهم''. وأشارت إلى أن تحقيق هذا الأمر يكون من خلال تقليص موارد القذافي المالية والعسكرية وتقديم الدعم للثوار والمعارضين الليبيين وإجراء نقاشات سياسية مع الحلفاء الأوروبيين والعرب حول ليبيا ما بعد القذافي. ولاحظت أنه لا يوجد أي مؤشرات حتى الآن على أن القذافي مستعد للتنحّي عن السلطة، إلاّ أنها شددت على أن ''طريقة رحيله وتحت أية ظروف يقررها الشعب الليبي بنفسه''، مشيرة إلى أن أية ترتيبات يقررها المعارضون الليبيون لرحيل القذافي سيقبلها الأمريكيون والمجتمع الدولي كما هي. ومن جهته، أشار وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أول أمس، إلى أن بلاده مستعدة لمناقشة مسألة تسليح المعارضة الليبية مع شركائها في الائتلاف على الرغم من أن ذلك ليس ضمن تفويض الأممالمتحدة. وقال جوبيه في تصريحات أدلى بها عقب اجتماع لندن، أول أمس، ''أذكركم بأن ''تسليح المعارضة'' ليس ضمن قرار الأممالمتحدة الذي تلتزم به فرنسا أيضا إلا أننا على استعداد لمناقشته ''التسليح'' مع شركائنا''. وكانت فرنسا قد تزعمت الدعوة للتدخل العسكري في ليبيا، كما أنها كانت أول من نفذ غارات جوية ضد قوات القذافي.