أكدت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أنه بعد مرور ما يقرب من سنة على تقديم التقرير المذكور، لم تعرف اقتراحاته إجمالا طريقها للتنفيذ، حيث لوحظ أن الحكومة لم تتجاوب مع أغلبها، واكتفت بتحيين برنامج عملها وفق مقاربة لا تستوعب جميع مقومات البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد، ولا تدرج ضمن أولوياتها المقترحات الأساسية المرتبطة بتفعيل آليات إنفاذ القانون، والتي كان حريا أن تشكل النواة الصلبة لهذه السياسة. وأكدت الهيئة في مقترحاتها المقدمة للوزارة الأولى الجمعة الماضي، أن محاصرة الفساد وزجر المفسدين تشوبهما عدة عوائق، تتعلق على الخصوص باتساع دوائر الفساد واتخاذها صورا مستحدثة ومستجدة، وبطابع السرية والخفاء الذي يميز الظاهرة، وبالتوظيف السلبي للسر المهني الذي يقف عائقا أمام الكشف عن تفاعلات الفساد داخل مرافق الدولة، إضافة إلى صعوبة ضبط الاغتناء غير المشروع، فضلا عن تذبذب نظام العقوبات وضعف فعاليته. وطالبت الهيئة باعتماد قضاء متخصص في مجال مكافحة الفساد، ونشر تقارير التفتيش والتدقيق التي تقوم بها الهيئات، و تجريم محاولة ارتكاب جرائم الاختلاس والغدر والرشوة الانتخابية والتعسف في استعمال ممتلكات الشركات التجارية على غرار الجرائم الأخرى. وأكدت الهيئة المركزية أن آليات المساءلة وإعطاء الحساب التي من شأنها أن تساهم في كشف بؤر الفساد وتقديم المفسدين للعدالة تعاني من نواقص جوهرية على مستوى الفاعلية والتنسيق، سواء فيما يتعلق بالمراقبة السياسية أو المالية أو الإدارية أو القضائية. وقدمت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة العديد من المقترحات إلى الوزارة الأولى في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، وتتعلق بمقترحات لتطويق الفساد وردع المفسدين، وأخرى لتعزيز المساءلة وإعطاء الحساب، ومقترحات لمكافحة الإفلات من المتابعة، ولمحاربة الريع السياسي، ولمنع تحقيق الامتيازات ولتخليق القضاء وترسيخ دوره في مكافحة الفساد ولضمان حق وأمن المواطنين في التبليغ عن الفساد ومعاقبته و للنهوض بقدرات المكافحة لدى الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ومقترحات لترسيخ البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد. وأكدت الهيئة أنه من منطلق وعيها بأن هذا المطلب يجد ما يبرره في القصور الملحوظ في سياسة مكافحة الفساد، التي لم تول بشكل خاص الأولوية اللازمة لتفعيل آليات إنفاذ القانون، ولم تكرس مقاربة قطاعية تشاركية فعالة في هذا المجال، تؤكد اليوم اقتناعها الراسخ والمتزايد بوجاهة التوصيات والاقتراحات التي تقدمت بها في إطار تقريرها السنوي الأول، والتي جاءت نتيجة تشخيص وتقييم دقيق لآليات المكافحة والوقاية الموجودة.