أبو درار: هذه أسباب ضعفنا في مكافحة الرشوة والفساد وصف عبد السلام أبودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تفاعل الحكومة مع المقترحات التي تتقدم بها الهيئة المركزية ب»بالضعيف»، وقال «إن الإرادة السياسية المعبر عنها يجب أن تترجم بكل حزم، وأن تتعامل الحكومة مع المقترحات المقدمة من طرف الهيئة المركزية بالجدية المطلوبة». وفسر أبودرار الذي كان يتحدث في موضوع «محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة في المغرب»، أول أمس الأربعاء بسلا، ضعف التفاعل الحكومي بما سماه «غياب البعد الاستراتيجي لدى الحكومة لمكافحة الفساد، واختزال البرنامج الحكومي في إجراءات محدودة أغلبها ذات طابع أفقي، بالإضافة إلى بطء وتيرة تنفيذ المقترحات وتعثر انخراط الإدارات والهيئات المعنية في المقاربة التشاركية». وأكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، خلال هذا اللقاء الذي يندرج في إطار لقاءات «أربعاء المعرفة» التي تنظمها جمعية سلا المستقبل والخزانة العلمية الصبيحية، (أكد) أن وجود ترسانة قانونية واسعة غير كافية لمكافحة الفساد، في ظل وجود إطار مؤسساتي يفتقر إلى التنسيق، أضف إلى ذلك ضعف المراقبة البرلمانية، ومحدودية نجاعة هيئة المراقبة والمحاكم المالية، وتذبذب الجهاز القضائي، والاستقلالية المحدودة للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ووجود آلية غير متماسكة للتبليغ ومحدودية الإحالة على القضاء. وشدد عبد السلام أبو درار على ضرورة إعطاء نفس جديد لسياسة مكافحة الفساد من أجل التغلب على كل تلك الإكراهات والتحديات، بالتركيز على الرهانات المرتبطة بمكافحة الفساد، في أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وذلك بدعم دولة الحق والقانون وتكريس مبدأ المساواة في تقديم الخدمات وتوفير المحيط الملائم لتسهيل المبادلات وتنمية الاستثمار، وتقوية الوازع الأخلاقي وترسيخ قيم النزاهة والشفافية على مختلف الأصعدة. وأكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، على ضرورة الارتقاء بسياسة مكافحة الفساد إلى مستوى يؤهلها لربح الرهانات المتمثلة في الوصول إلى تحقيق التزام مجتمعي مبرمج يعتمد الشمولية والتشاروية والالتقائية، وخلق التعبئة الشمولية وتشجيع الانخراط الجماعي ودعم الشراكات الفاعلة، واستكمال التلاؤم بين التشريع الوطني والمعايير الدولية للحكامة الجيدة، وإحكام التنسيق بين سياسات مكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة، ومكافحة ظاهرة الإفلات من المتابعة والعقاب. وبخصوص الحصيلة الأولية لأنشطة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة خلال سنة 2009، أفاد عبد أبودرار أن الهيئة تمكنت من تطوير مجالات التنسيق والتعاون والشراكة، حيث تم على الصعيد الوطني إحداث مرصد للأخلاقيات في المجال الجمركي، وإطلاق بوابة إلكترونية للتبليغ مخصصة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، كما تعمل الهيئة، حسب رئيسها، على إعداد شراكات هادفة مع وزارتي الصحة والنقل، والتحضير لتفعيل شراكات مع وزارات وهيئات أخرى. وعلى الصعيد الدولي، عملت الهيئة المركزية، حسب أبو درار، على تعزيز التعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، كما انخرطت في الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، فضلا عن تنسيقها مع الآلية الأممية للتتبع والإشراف على تعبئة استبيان التقييم الذاتي، وتحديد الحاجيات المرشحة للمساعدة التقنية. وفي إطار الدور الإقتراحي الذي تقوم به الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أعلن أبو درار أن الهيئة تقدمت بمقترحات عملية قابلة للتنفيذ محددة في 25 مقترح مبوب على 113 إجراء. كما استجابت لطلب الاستشارة بخصوص مشروع إصلاح القضاء، ومشروع إصلاح منظومة الصفاقات العمومية، ومشروع الجهوية الموسعة، كما استجابت لطلب الاستشارة حول الحوار الوطني حول الإعلام، وساهمت في إعطاء مقترحاتها لتحيين برنامج عمل الحكومة. وأفاد أبودرار أن البوابة الإلكترونية تلقت في ظرف أسبوع على إحداثها في 29 نونبر الماضي، حوالي 400 شكاية، وتردد على زيارتها أزيد من مليون زائر، مشيرا إلى أن ضعف الإقبال على التبليغ عن الفساد يرجع إلى غياب الحماية القانونية للمبلغين. ودعا أبودرار إلى عدم التساهل مع ظاهرة الرشوة حتى لا يتم تطبيعها في المجتمع، مشيرا إلى أن التربية على قيم النزاهة والشفافية تشكل حجر الزاوية في الحد من ظاهرة الرشوة، إذا ما قورنت بسياسة زجرية ناجعة. وفي مجال الصفاقات العمومية، شدد أبودرار على ضرورة إحداث آلية للتشكي تكون عبارة عن مرصد يقوم بتتبع جميع الاختلالات التي يمكن أن تعتري الصفقات العمومية.