يضع الاحتلال الصهيوني الأمن على سلم أولوياته، وبناء على ذلك فإنه يجند إمكاناته كافة لتحقيق هذا المطلب الأساسي ليحافظ على وجوده، وتوازنه الأمني في المنطقة، فالكيان الصهيوني في حقيقته كيان هش وهو أوهن من بيت العنكبوت، لا يقدر على الصمود طويلاً أمام أي فشل أمني مها كان. ومنذ أن وقعت منظمة التحرير الفلسطينية على إعلان المبادىء في أوسلو عام 1993 والكيان يحاول أن يجعل من الطرف الفلسطيني المنخرط في العملية السلمية أداة لحفظ أمنه مقابل وعود ضبابية لم يتحقق أي مطلب حقيقي منها على الأرض، في الوقت الذي حققت فيه السلطة الفلسطينية مطالب الاحتلال الأمنية ولاحقت كل من له صله بالمقاومة أو دعمها أو مناصرتها. برنامج الأمن والحدود رؤى فلسطينية، الذي نظمه مركز التخطيط الفلسطيني الأحد الماضي في غزة، بالتعاون مع مؤسسة فريد ريش ايبرت الألمانية ناقش هذا الموضع، بحضور كلاً من المدير العام فيه، مجد الوجيه مهنا، والباحث في الشؤون الصهيونية، الدكتور عدنان أبو عامر، والباحث في شؤون المستوطنات بالضفة الغربية، خليل التفكجي. خطورة الضفة الدكتور عدنان أبو عامر، الخبير في الشؤون الصهيونية أكد أن المطالب الأمنية الصهيونية الحيوية احتلت منزلة أساسية منذ اتفاق أوسلو، حيث يركز الاحتلال على الترتيبات الأمنية المتعلقة به في إطار الحل الدائم. وقال أبو عامر: إذا قدر للضفة الغربية أن تقع في أيدي جهات معادية للكيان الصهيوني، فإن ذلك سيشكل خطرا حقيقيا عليه، وكذلك على البنية التحتية فيه كمطار بن غوريون، وشبكة المياه الوطنية، وشبكة الكهرباء القطرية، والطرق السريعة التي تعبر إليها، مشيراً إلى أن الاحتلال لا يبدو مستعداً للتنازل عما حققه من سيطرة شبه مطلقة في الضفة المحتلة من الناحية الأمنية. أما اللواء عمر عاشور، فقد تحدث عن المفاهيم والاهتمامات الأمنية عند الصهاينة والفلسطينيين، موضحاً أن الصهاينة يعتبرون الأمن يتألف من عنصرين هما: القدرات الأمنية المستقلة، والتعاون الأمني. وبين عمر عاشور أن الاحتلال ينظر للسلام والأمن الشاملين، على أساس ترتيبات أمنية تندمج مع ترتيبات السلام، والاعتماد على القدرات الذاتية، ودعم خارجي وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإقامة بنية أمنية إقليمية تندمج فيها جميع بلدان المنطقة. "سيناريوهات متوقعة من ناحيته، عرض خليل التفكجي، سيناريوهات قد تعرض حول مستقبل المستوطنات الصهيونية، منها: وضع جميع المستوطنات في الضفة الغربية، ومن ضمنها مستوطنات القدس تحت السيادة الفلسطينية، واعتبار المغتصبين الصهاينة مواطنين يعيشون في دولة فلسطين، تحت سيادة القانون الفلسطيني. وأوضح أن بعض الأطروحات التي تقوم بها مراكز الأبحاث الصهيونية تقضي بتجميع المستوطنات والحصول على تعديل حدودي يصل ما بين (116%). في حين يرى د.أبو عامر أن الاحتلال يتوقع سيناريوهين محتملين يمكن أن يتبلورا غداة إقامة دولة فلسطينية على ضوء الاتجاهات السائدة في (الشرق الأوسط)، منها: تهديدات نابعة من داخل الدولة الفلسطينية قيد التكوين، بحيث تكون قاعدة مناسبة لإقامة بنى تحتية للعمل المسلح وتطويرها، وكذلك الأخطار التي تهددها من الجهة الشرقية عبر الأراضي الفلسطينية، وهذا السيناريو الأوسع لأنه يشمل المنطقة بأسرها. مأزق كبير من جهتها، أكدت مجد الوجيه مهنا، رئيسة مركز التخطيط الفلسطيني، أن الشعب الفلسطيني يمر بمأزق كبير، وهو ليس متعلقا بالسلطة أو القوى الوطنية الفلسطينية وحدها، بسبب الآفاق المسدودة، والتعنت الصهيوني الذي يزداد تعسفًا، وعدم الفاعلية الحقيقية للإرادة العربية والدولية والأمريكية، مشيرة إلى أن المتتبع للادعاءات الصهيونية حول مايسمى بالحدود الآمنة التي تحدد مدى سيادتها، سيفاجأ بالادعاءات حول الحدود التاريخية والدينية التوراتية لما يسمى بأرض إسرائيل والتي لا تخضع لأي أساس قانوني دولي. ويرى الدكتور إبراهيم أبراش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، أن الانقسام أضعف مشروع السلام الفلسطيني، مشيراً إلى أن الانقسام مكن الاحتلال من التفرغ للاستيطان بالضفة الغربية وتهويد القدس، واتخاذ قرارات عنصرية تمهد ليهودية الدولة، دون ردود فعل دولية.