كشف البروفيسور توفيق جلال، مدير المستشفى الجامعي للطب النفسي الرازي بسلا، أن المغرب ذو 30 مليون نسمة لا يتوفر إلا على 350 إلى 360 طبيبا نفسيا، وهو عدد يمكن أن يتوفر فقط في مدينة أوروبية كبيرة، وأكد البروفيسور جلال، في حوار مع مجلة الشرطة، في عددها ال ,65 أن المغرب يواجه الكثير من التحديات في مجال الصحة النفسية، من قبيل الجهل ونقص الوعي بالصحة النفسية، وذلك بسبب اللااعتراف الذي تحضى به الاضطرابات النفسية من طرف الناس كاضطرابات طبية، هذا بالإضافة إلى التحدي المتعلق بالموارد البشرية. وأشار البروفيسرور جلال إلى أن المغرب يفتقر إلى العدد الكافي من المتدخلين في الصحة النفسية (علماء النفس المؤهلين والأطباء النفسيين المتخصصين في الطب النفسي للأطفال والصحة النفسية للأطفال، وأطباء النفس المتخصصين في الصحة النفسية للبالغين، وأطباء النفس المتخصصين في الصحة النفسية المرتبطة بالمدمنين). وفي السياق ذاته، أكد المتحدث نفسه، أن المغرب لا يتوفر إلا على 2000 سرير، التي تعتبر أداة لتنفيذ برنامج الرعاية الصحية، موضحا أن هذه النسبة منخفضة جدا بالمقارنة مع واقع احتياجات السكان، هذا بالإضافة إلى ضعف البنيات المخصصة لاستقبال المرضى، إذ حتى إن وجدت فهي منهارة ومتآكلة باستثناء بعضها، يشدد البروفيسور جلال. من جهة أخرى، انتقد البروفيسور جلال برامج العلاج النفسي، موضحا أن المريض النفسي أو العقلي بالمغرب إما يعالج بالمستشفى أو يعالج على سبيل دورات علاجية متقطعة، في حين تنعدم البرامج الوسيطة بين الاثنين مثل؛ برامج الانتقال للمنازل ومراكز وأسر الاستقبال للمرضى بدون عائلات، ناهيك عن افتقاد هذه البرامج لإعادة تأهيل وإدماج المرضى نفسيا أو عقليا عن طريق العمل، بالرغم من ضرورتها في أي دولة تدعي التكفل ورعاية مواطنيها المرضى نفسيا. وفيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين البيئة الاجتماعية والأمراض النفسية أو العقلية، قال البروفيسور إن المريض النفسي أو العقلي بالمغرب يتكبد أربعة عقوبات، العقوبة الأولى تتمثل في معاناته من المرض، وتتمثل العقوبة الثانية في المحيط والأقرباء والمعارف الذين لا يفهمونه، في حين يتعلق الأمر في العقوبة الثالثة بكون المجتمع لا يعترف به كمريض يستحق الرعاية و العلاج، وتتعلق العقوبة الرابعة بالإمكانات الضعيفة للرعاية والعلاج، مشيرا إلى أن المريض النفسي يتيم أربعة أضعاف عن اليتيم العادي.. يتيم نفسه وأسرته والمجتمع والطب. وأفاد البروفيسور جلال بأن الدولة تنفق الكثير من المال في تثقيف المواطنين للوقاية من حوادث السير لأنها تكلفها مبالغ مهمة..لكن ما لا يعرفه الكثير من الناس هو أن تكلفة مكافحة انتشار الأمراض العقلية جد هائلة، فعندما نترك المصابين بأمراض عقلية تتفاقم حالتهم الصحية بصورة تلقائية، نكون قد سجلنا تأخيرا في الرعاية والعلاج؛ الشيئ الذي يزيد تكاليف الرعاية الصحة.