تقدم النصوص والمراسلات المنشورة بين زعماء قبائل الجنوب والسلاطين العلويين دليلا تاريخيا كافيا لوحده ليس فقط على مغربية الصحراء وارتباطها العضوي بالمغرب، بل على الموقف الجهادي الوحدوي لأهل الصحراء في مواجهة المخططات الاستعمارية، التي اعتمدت اليات التفتيت والتجزئة سبيلا للهيمنة على المغرب واستعماره. وننشر هذه الوثائق، التي نشرها من قبل المرحوم الأستاذ محمد المنوني رحمه الله تعالى، في هذا الظرف الذي تعالت فيه أصوات انفصالية وتجزيئية تذكيرا وعظة، حتى لا يُتَنكر لتراث الأجداد الذين لم تختل عندهم الموازين، وبقي عندهم هم الوحدة ثابتا،بل تجاوزوه لأن يتصدروا للجهاد ضد الاستعمار الفرنسي كما حصل مع الشيخ ماء العينين، الذي توجه إلى مراكش وقاوم الاستعمار الفرنسي، كما استقبل مبعوثي السلطان العلوي مؤكدا تلاحم المغرب بسكانه وأراضيه. المحرر بدأ التحرش الفرنسي بإقليم شنقيط من أول عام 1318/,1901 ولمواجهة التحدي عين العاهل المغربي مندوبين اثنين بمنطقة طرفاية لمراقبة هذه الناحية إلى رأس بوجدور، والعمل على صيانتها من أي تدخل أجنبي برا وبحرا. وبعد نجاح فرنسا الدولي عام 1322/,1904 أخذ المعتدون يتوغلون في الصحراء: في حملة آتية من الساحل، وأخرى من جهة السينغال. وبالإضافة إلى مقاومة السكان للاعتداءات، قر رأيهم على إرسال وفد إلى السلطان العزيز، ووصل الوفد إلى فاس بمعية حسانة بن الشيخ ماء العينين، فعرضوا على ولي الأمر واقع هذا الجزء من التراب المغربي، وطلبوا منه العمل لوقف المد الاستعماري: بمقابلة الحرب بالحرب، أو بطريق التفاوض. كما ألحوا على إمداد المجاهدين بالسلاح الحديث الذي يفتقدونه بالمرة، وأكدوا على بعث ممثل للسلطة المغربية ليلتف المناضلون حوله. وهنا نسجل أن الحكومة وعلى رأسها ملكها وقفوا موقفا صارما ضد الاعتداء، فأمد العاهل المجاهدين بالبنادق ذات الطلقات السريعة، وبالذخيرة والمؤنة. كما أوفد بعثة لعين المكان قصدا لتنظيم الدفاع، يرأسها الأمير العلوي: إدريس بن عبد الرحمان بن السلطان المولى سليمان، وكان مع قائد البعثة رسالة عزيزية موجهة إلى أعيان المنطقة. وإلى جانب ذلك عقد المبعوث المغربي مؤتمرا بالصحراء ضم نخبا من الممثلين لقبائلهم، وقد حث جميعهم على الإتفاق والتعاضد، وحضهم على التمسك بالطاعة. ونتيجة لهذه الاتصالات، استطاع الخليفة السلطاني أن يجمع حوله عدة قبائل من أدرار وأولاد أبي السباع. ومن المعارك الذي قادها ضد جيش الاحتلال، مهاجمة الفرنسيين بقوة وطنية قوامها 900 مجاهد، ودامت المعركة من الثامنة صباحا إلى الحادية عشرة، حتى اضطر الخصوم إلى التراجع نحو جهة تيجيكجا. وهكذا يتبين حسب ملاحظة البعض أنه كان لهذه البعثة وللسياسة الحكيمة التي أوحت بها: ما أفاد القضية المغربية في هذه المرحلة، فإن تقبل الموريطانيين للبعثة، وتدخلها كممثلة للسلطة الشرعية: أمر مهم بمفرده بالنسبة للقضية. زيادة على التأثير المعنوي الذي أحدثه وجودها، إذ أدرك الشناقطة أن ملك البلاد راع أمين ومتيقظ. ومما يسجل للمغرب في هذه المرحلة بالذات، أن المسؤولين لم يتنازلوا أبدا عن تبعية موريطانيا حتى في أحرج الأزمات، فقد كان بين مطالب فرنسا بعد مقتل الطبيب موشان، مطلب يهدف إلى تخلي المغرب عن هذه المنطقة، غير أن وزارة الخارجية المغربية قطعت على السفارة الفرنسية هذا الاتجاه، وأعلنت أن المخزن قد أجل قضية الأدرار حتى اليوم الذي يصبح في الإمكان بحثها فيه". انتهى كلام العلامة محمد المنوني، ونترك للقارئ فرصة تأمل هذه الوثائق الدالة والمتجددة. الوثيقة الأولى:رسالة الشيخ ماء العينين إلى السلطان العزيز يشعره باستعداد فرنسي للتحرك نحو أدرار الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله، أمير المؤمنين، ظل الله على الأرضين، خليفة جده سيد المرسلين: مولانا عبد العزيز، نصركم الله وأعزكم، وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته. ثم ليكن في كريم علمكم أن نصارى أندر بلغنا عنهم بخبر التواتر أنهم مشتغلون في النهوض لأدرار، فلتنظروا حفظكم الله فيما يصلح للمسلمين. لأنهم لعنهم الله مشتغلون في ذلك بشراء الجمال والقرب وغيرهما مما يصلح لأسفار الصحاري، حفظكم الله وأيدكم في كل أمر جاري. والكثير من الناس لا يقول إلا هذه البلاد لمولاي الحسن رحمه الله، وابنه مولاي عبد العزيز نصره الله، وما أرسل لنا بعد مولاي عبد العزيز نفعله، وما لا فلا. والله المرجو لنصركم بالتمام، وعلى المحبة والسلام. في 1 من المحرم عام .1318 عبيد ربه ماء العينين بن شيخه الشيخ محمد فاضل بن مامين، غفر الله لهم وللمسلمين، آمين. الوثيقة الثانية:رسالة الشيخ ماء العينين إلى الوزير أحماد يشعره باستعداد فرنسي للتحرك نحو أدرار الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ابننا الأبر، قرة عيننا ثمرة أفئدتنا الأشهر: الوزير أب أحمد، حفظك الله في كل بلد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته. وبعد: فليكن في كريم علمكم أنا طرأ علينا من الخبر ما لم يتبين لنا إلا وجوب إنهائه إليكم، وهو أن النصارى أهل أندر لعنهم الله: ثبت عندنا بالتواتر أنهم مشتغلون بشراء الجمال والقرب، ومريدون بذلك النهوض لأدرار، وبقى من في البلاد متحيرا فيما يدخل معهم، فالبعض يقول نحن في بيعة مولاي الحسن وابنه مولاي عبد العزيز، ولا نقدر على فعل شيء حتى يخلف لنا مولاي عبد العزيز، والبعض يقول: إن خرجوا إلينا وقدرنا على قتالهم قاتلناهم، وإلا فإنا نهاجر عنهم. والآن اعلموا أنه ليس لأهل هذه البلاد في الحقيقة من الرأي والتدبير إلا ما صدر من جانبكم في الأمر، وليسرع بما هو مفعول قبل خروج النصارى إلى البلاد، فإن اقتضى النظر المولوي أن ترسلوا للنصارى من هنالك في المراسي أن البلاد بلادكم، ومن فيها في بيعتكم، ويكون ذلك كفا لهم عن البلاد ومن فيها: فبها ونعمت، وإن اقتضى النظر أن يرسل لمن هنا من أهل الشوكة والسلاح أنهم يتعرضون لهم ويقاتلونهم: فبها ونعمت أيضا، وإن اقتضى النظر غير ذلك فنظركم أوسع. وأعلم أن النصارى كثيرا ما تأتيني رسلهم طلبا للعهد معي، وأنا أمتنع لهم من ذلك أي امتناع، إلا إذا كان ذلك على يد السلطان نصره الله تعالى، وأقول لهم: إن الله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، ونحن أولو أمرنا أمير المؤمنين نصره الله تعالى، فلا يكون بيننا معكم كلام إلا بواسطته. والآن ما هو النظر عندكم، أحب أن أكون عارفا به لأقوله لهم إن أرسلوا لي، وإلا فلا كلام بيني معهم إلا بشيء صادر لي من جهتكم. حفظكم الله وأيدكم، ورزقنا وإياكم التوفيق لما يحبه بالتمام، وعلى المحبة والسلام، في سابع المحرم عام .1318 ماء العينين بن شيخه محمد فاضل بن مامين، غفر الله لهم وللمسلمين آمين. الوثيقة الثالثة: رسالة ماء العينين إلى العزيز، يقدم بها رسالة نواب الصحراء الغربية، ويحدد مطلبهم الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم حمدا لمن جعل للمؤمنين مأوى يأوون إليه، هو من سلالة نبيه المختار ممن لديه. وبعد: فإلى ظل الله في البلاد، ومن هو للمسلمين الذين يستندون إليه من أقوى عماد، أيده الله ونصره وأعزه في جميع العباد، ذلك الأمير الذي نحن قائلون عليه: الحمد لله بلا تعداد، هذا وإنه سلام الله ورحمته وبركاته، مادام الكون وحركاته وسكناته، إلى أمير المؤمنين مولانا عبد العزيز. وبعد: فمن موجبه أنا منذ زمن يبلغنا شيء من الخبر عن هذه النواحي الموالية لنا، ونتحير هل ننهيه لعلمكم الشريف أم لا؟ إن تذكرنا ما في براوة عندنا لمن نرجو في الله تنوير ضريحه، والدكم مولانا الحسن: أنا لا يبلغنا شيء من الخبر إلا وأنهيناه للعلم الشريف: قلنا ننهيه، وإن نظرنا في عدم التحقيق سكتنا، حتى أتانا من الخبر ماهو مكتوب لكم، وستجدونه إن شاء الله مع هذا، وجاءنا معه من التحقيق، ما لا ينبغي معه إلا التصديق، فلذلك أنهيناه لكم. ولما فتشنا عن حقيقة الأمر: إذا حاصله أن هذه البلاد التي هي بلاد الشناجطة فيها من المسلمين الحاملين للسلاح وغيرهم ما لا يحصيه إلا الله، فتبارك الله أحسن الخالقين، وقد قال لي مولاي عبد الرحمان جدكم نور الله ضريحه: إنا متوسمون أن الإيمان الحقيقي اليوم ليس إلا في تلك البلاد. ولم يكن لهم فيما مضى من الزمن خبر بالنصارى، ولا أنهم يريدون بلدا بالملك، بل إنما يظنونهم تجارا يبيعون اللباس، ويريدون المعاملة مع الناس، ولم يعلموا بشيء إلا وإذا هم طالبون ملك البلاد، والاستيلاء على العباد، فأراد البعض منهم أن يتلقى لهم بالحرب، فإذا هو لم يتيسر له ذلك من جهتين: إحداهما: عدم وجود أمير تنقاد له القبائل كلا، والثانية: عدم السلاح الذي أتاهم به النصارى: وهو العدة المسماة بالوروار. فلما نظروا في ذلك اجتمع رأيهم على أنهم لا حيلة لهم إلا رفع الأمر لكم، مع أنهم أولا قالوا لهم إنهم في بيعتكم منذ عهد مولاي إسماعيل، وإنهم جددوها لمولاي الحسن، فقال لهم النصارى: إن كان ذلك حقا فأرونا طابعا واحدا لهم عندكم، وإذ ذاك أظهر رئيس أدرار طابع مولاي الحسن نور الله ضريحه الذي عنده، مع طابعكم. والحاصل أن النصارى أخذوا من بلاد المسلمين مواضع ثمانية، وهي نزر ولله الحمد بالنسبة لغيرها، وأرسلوا لك بما ترون، فإن اقتضى النظر الشريف أن يساعدوا بما أرادوا فإني لا أظنه إلا فضلا ساقه الله لكم، وأرجو الله أن يكون من أوائل إجابة دعائي: فإني أرجو الله أن يعطيكم ملكا لم يكن لغيركم. والأمر سهل ولله الحمد إن أخذتم أحدا من خدمتكم سواء من قربائكم وسواء من غيركم يكون نائبا عنكم، وشيئا من العدة التي طلبوا. والله المرجو أن ينيلكم من فضله ما لا تكيفه العقول، ولا تحصره النقول، وغير ذلك لا نرجوه، كما أنا لا نرجو أن يخيب رجاء من رجاءكم لنصر دينه، بل نرجوه أن ينصركم وينصر بكم، ويبلغ لكم ولمن رجاكم بالخير ما تحبونه بالتمام، وعلى المحبة والسلام. في 13 رمضان عام .1322 الوثيقة الرابعة: رسالة نواب الصحراء الغربية إلى العزيز يشرحون فيها واقع بلادهم، ويحددون مطلبهم الحمد لله الذي رفع ظلم أهل الظلم والطغيان، بعدل أهل العدل والإحسان، والصلاة والسلام على خير الأمم، سيد العرب والعجم. وبعد فإلى ظل الله في الأرض، طولها والعرض، كهف المسلمين، وملاذ المؤمنين، وعماد الدين، وخليفة سيد المرسلين، ومحط رحال الخائفين، وغوث الراهبين، وغيث الراغبين، ومراعي مصالح المسلمين أجمعين، أمير المؤمنين: مولانا عبد العزيز بن مولاي الحسن، أيدك الله ونصرك وأعزك: السلام الأسنى، والتحيات المباركات الحسنى، ممن هم في بيعتكم سلفا عن خلف أجمعون: قبائل الشناجطة المتبوءون بلادا لم يكن للنصارى سبيل عليها من قبل، وهذه البلاد فيها كثير من أهل الإيمان الحقيقيين. فمنها آدرار بلد واسع، قيم أمره خديمك سيدي أحمد بن عيد الذي عنده طابعك، وهو في كثير من الرجال الأبطال أهل الحرب. ومنها بلاد تكانت، وقيم أمرها عثمان بن بكار بن سويد أحمد، ومعه من الرجال أهل النضال ما لا يحصى كثرة. ومنها الحوض، وفيه من قبائل الإسلام ولله الحمد ما لا تسع الأوراق إحصاءه، من أوفر ما فيه قبيلة يقال لها مشظوف، وقيم أمرها إسمه محمد المختار بن محمد محمود بن لمحيميد، وفيه قبيلة وافرة أيضا يقال لها أهل سيدي محمود، وقيم أمرها سيدي المختار بن محمد محمود بن عبد الله بن سيدي محمود، وفيه قبيلة وافرة أيضا يقال لها الأغلال. ومنها بلاد يقال لها القبلة، فيها قبيلة وافرة أيضا يقل لها الترارز، وقيم أمرها ابن محمد الحبيب بن بكار. وهذا الذي سمى من القبائل إنما هو بعض ممن يحمل المكاحل من أهل تلك البلاد، وأما قبائل يقال لها الزوايا وما لم يذكر من أهل المكاحل: فالجميع لا يحصى كثرة، ولله الحمد، والله يؤكد بكم الإسلام. وأهل هذه البلاد قرب النصارى من دخول أراضيهم، بل أخذوا القليل منها وبنوا فيه بناءات متفرقة عددها ثمانية مواضع: أحدها مال، وميت، وأنبود، وأخروف، الخامس سهوت الماء السادس أنواكشوط، السابع بتلميت، الثامن نودق، وأذلوا أهل هذه المواضع ذلا يختارون عنه خراب المرابع، والكثير من هذه البلاد سالم من البناء، وسلامته في آخر رمق وذماء. والآن استغاثوا بك واستنصروك، واستنجدوك واستعدوك. والأهم عندهم مسألتان: العدة الوروارية، وواحد منكم يكون هو النائب عنكم. ليدفعوا به هؤلاء النصارى عن أراضيهم، وليس عندهم من الحيلة في دفعهم إلا هذا المثل: (نبه لها عمرا ثم نم) والسلام. الوثيقة الخامسة:تقرير عن البعثة المغربية التي زارت الصحراء الغربية عام 1323/1905 الحمد لله وحده، عندما كان السلطان المولى عبد العزيز يقيم بفاس، أي حوالي سنتي 1322 1323 هجرية: وقعت مراسلة بين السلطان والشيخ ماء العينين، في موضوع الحالة المرتبكة التي أوجدها في الصحراء المغربية الاعتداء المسلح الذي قامت به الجيوش الفرنسية، فقط طلب الشيخ من السلطان المولى عبد العزيز في إحدى رسائله أحد أمرين: إما أن يرسل الأسلحة إلى سكان الصحراء لتمكينهم من تنظيم الدفاع عن أنفسهم، (وأما) أن يتخذ التدابير الديبلوماسية مع فرنسا لتوقف نشاطها العدواني، وبالفعل دخل السلطان في محادثات مع فرنسا، لكن هذه المحادثات لم تفض إلى نتيجة. لأن فرنسا زعمت أن منطقة الصحراء لم تكن تصل لها السيادة المغربية، فأرسل الشيخ ماء العينين إلى القصر الملكي بفاس وفدا برئاسة أحد أقاربه الأقربين، وهو السيد عبد الله بن جنبوب، وذلك ليطلب من السلطان أن يعين خليفة له في الصحراء، وقوادا جددا. وقد عين السلطان كخليفة له في الصحراء أحد شرفاء تافيلالت، وهو المولى إدريس بن عبد الرحمان بن سليمان، وعين الفقيه سيدي المدني وزيرا له، والفقيه الغرفي كاتبا، وكانت هاتان الشخصيتان الأخيرتان تعملان في كتابة الخليفة المولى عبد الحفيظ، وقد وقع الاختيار عليهما من بين سكان تافيلالت بسبب كون مناخ تافيلالت يشبه إلى حد كبير مناخ الصحراء. وقد أرسلني السلطان لأوافق هذه البعثة، ولأسلم في عين المكان ظهائر تولية 14 قائد جديدا لأصحابها الذين عينوا عمالا للملك في الصحراء. وقد تلقيت الأمر بأن أسلم هذه الظهائر إلى أصحابها بمحضر الشيخ ماء العينين، وفيما يلي وصف الرحلة. غادرنا فاس في متم شهر ربيع الأول من عام 1323 هجرية، وكانت مرحلتنا الأولى هي العرائش التي استقبلنا فيها بأمر من صاحب الجلالة من طرف أمناء الرسي الذين أركبونا في سفينة ألمانية توجهت بنا إلى الصويرة. وفي الصويرة استقبلنا من طرف باشاها السيد عبد الرحمان بركاش، ومن طرف الأمناء، وأجرت لنا السلطات المحلية المركب الإسباني ريوس ليقلنا إلى طرفاية، وليرجعنا إلى الصويرة. وعند وصولنا إلى طرفاية، استقبلنا من طرف القائد حميدة الشرادي، والأمين السيد الطاهر ابن المليح، وكوكبة من الجند، ووفد من قبائل الصحراء على رأسه ممثل الشيخ ماء العينين. ووجدنا كذلك رهن إشارتنا جمالا أرسلها الشيخ لتقلنا إلى العاصمة الصمارة، وكان مراحل سفرنا عبر الصحراء هي التالية: المرحلة الأولى: اغراد لعصل المرحلة الثانية: سبخة لعصل المرحلة الثالثة: اساتف المرحلة الرابعة: الحكونية المرحلة الخامسة: تواغد المرحلة السادسة: لميحيين المرحلة السابعة: اكويرت الحسين المرحلة الثامنة والأخيرة: الصمارة حيث خصنا الشيخ ماء العينين باستقبال حافل، وسط وفود جميع القبائل الصحراوية التي استقدمت بهذه المناسبة: قبائل تكنة، وايزركيين، وآيت لحسن، وازوافيط، أيتوسي، يكوت، وقبائل نواحي الداخلة ووادي الذهب: أولاد دليم، والعروسيين، وأولاد تيدرارين، والرقيبات، وأولاد أبي السباع، وآيت يعقوب، أهل الحاج، والكرح، وأولاد لب، والصكارنة، وقبائل أدرار الموريطانية، أولاد عمني أولاد أكشار، وأولاد غيلان، والطرشان، وإد يشلي، والسماسيد، وقبائل شمامة: مثل الترارزة، وأولاد لولب، أولاد بير، وأهل بارك الله، وتاكاط، وايدان بن لحسن، وقبائل أخرى من تاكانت: كايدا وعيش، وايدا وعلي، وتجاكنت، وقبائل اركيبة: كالاغلان، وقشومة، وايدوبوسات، وايدا وعيش. وأمام جميع هاته الوفود المجتمعة، ألقى الشيخ خطابا قدم فيه الخليفة السلطاني، فبايعته جميع الوفود، وعبرت له عن ولائها، ثم قال لهم الشيخ. يجب عليكم أن تدفعوا لخليفة السلطان الزكاة الشرعية، فامتثلت الوفود، وسلمت للخليفة ما مجموعه ألف ومائة جمل. وإذ ذاك سلمت لكل عامل ظهير تعيينه". المصدر: مظاهر يقظة المغرب الحديث، محمد المنوني الجزء الثاني، من ص 167 إلى 183 بتصرف.