في تحدٍ وتصعيد غير مسبوقين اختار تيار اليمين الأمريكي المتطرف بمن فيه مؤيدو حزب الشاي يوم ذكرى إلقاء مارتن لوثر كينج خطابه الشهير لدي حلم قبل ما يقرب من 47 عاماً، وكذا نفس المكان نصب لينكولن التذكاري في قلب العاصمة الأمريكيةواشنطن للاجتماع في تظاهرة قادها جيللين بيك أحد أقطاب اليمين المتطرف وسارة بالين المرشحة لمنصب نائب الرئيس على بطاقة جون ماكين لانتخابات الرئاسة السابقة، الأمر الذي أثار حفيظة قيادات جماعات حقوق الإنسان، التي تجمعت ومعها مؤيدوها على مقربة من تظاهرة اليمين ليعلنوا عن غضبهم من تحدي اليمين الأمريكي الرافض حتى الآن لقبول فكرة وجود رئيس أمريكي منتخب من أصل إفريقي، حيث يدعي هذا اليمين أن الأمريكيين البيض باتوا مضطهدين في بلادهم. وأثار تزامن التظاهرة مع هذه الذكرى غضب السود الذين يتهمون أنصار حزب الشاي بالعنصرية تجاههم، حيث خلت التظاهرة منهم واقتصرت على البيض الذين حملوا الأعلام الأمريكية وأطلقوا شعارت ضد أوباما الذي داس قيم أمريكا في نظرهم. وقال لو تريبوس المتقاعد الآتي من ولاية تينيسي في الجنوب للمشاركة في التظاهرة نريد أن يعود بلدنا إلى التزام مبادئه الأساسية. وقد أدى التخوف من احتمال مواجهات بين الجانبين إلى تكثيف الوجود الأمني في أنحاء العاصمة الأمريكية على مدى يوم أول أمس السبت تحسباً من حدوث اشتباكات بين الطرفين. ولاقى توقيت المسيرة صوب الساحة الوطنية في واشنطن، انتقادات واسعة باعتبار أنها تمثل محاولة للمصادرة على رؤية كينج التحررية والمناهضة للعنصرية، لصالح حركة تي بارتي. وقال منتقدو بيك إنه وصف أوباما بأنه عنصري وشبه إدارة أوباما بأنها كوكب القردة. وفيما خرج ناشطو المنظمات الحقوقية ليستهجنوا سلوك جيللين وجماعات الشاي وتيار متطرف محسوب على الحزب الجمهوري، ووصل الأمر بهم لتعمد اختيار ذكرى يوم خطاب مارتن لوثر الشهير والذي يعتبر لحظة تاريخية ومفترق طرق في تاريخ حصول الأمريكيين من أصول إفريقية على حقوقهم، فإن السياسي الإفريقي جيسي جاكسون خرج ليندد بما فعله جيللين ومجموعته، وقال إن جيللين يحاول أن يقلد الزعيم كينج ويحقر من ذكرى الزعيم الأمريكي من أصل إفريقي. وقد قاد الزعيم الأمريكي من أصل إفريقي آل شاربتون التظاهرة المناوئة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن جويس وايت، إحدى المناهضات للمظاهرة: لو لم ننتخب رئيسا أسودا.. أتراهم كانوا يفعلون ذلك اليوم؟ وزعم بيك أن الأمر كله حدث صدفة (أي صدفة المكان والتوقيت) وقال إن تظاهرتنا غير سياسية ونحاول خلالها الاحتفاء بالقوات الأمريكية المقاتلة واليوم أمريكا ستتحول وتعود مرة أخرى للرب. وأضاف جيللين المحسوب على روبرت ميردوخ امبراطور الإعلام الصهيوني الميول، لقد أرسلني الرب في مهمتي هذه لأوقظ الأمريكيين، نحن دولة متدينة تنتمي للرب. أما سارة بالين فقد حاولت تصوير حضورها ومشاركتها على أنه حضور لتكريم الجنود الأمريكيين الذين يمثلون جميع القيم والفضائل الأمريكية، وقالت انتقدوني كما تشاؤون لكنني قمت بتربية محارب فابني جندي، وهو الأمر الذي لا يستطيع أحد أن ينكره. هذه التظاهرة التي أوقفت واشنطن على ساق واحدة على مدى يوم أول أمس، وصفت بأنها رسالة غير مباشرة يريد بها تيار بدأ يقترب من خط الخطر واللعب بالنار على وتر الدين والعرق، فالرسالة حملت في طياتها تشجيع النعرات العرقية ضد وجود رئيس أمريكي من أصول إفريقية، فالتظاهرة التي جرت تحت شعار: استعادة الشرف الأمريكي تأتي في عام انتخابات تجديد نصفي للكونغرس، حيث ستؤثر نتيجة هذه الانتخابات في انتخابات الرئاسة المقبلة ومن ثم فرص الرئيس أوباما في التجديد لولاية ثانية. والأخطر من خلال نبرة اللعب على وتر العنصر والعرق والدين والنزوع الواضح لاستخدام مهام القوات الأمريكية والحروب التي تخوضها أمريكا (أي الجمع بن الدين والعسكرة)، فهذا يعني أن أمريكا باتت أرضاً خصبة لصعود الفاشية والتطرف الديني، وبالتالي أصبحت مهددة ربما أكثر من أي بلد آخر بمخاطر انتشار هذه الأيديولوجيا التدميرية بسبب طبيعة السكان المتنوعة من حيث الدين والعرق.