اقتنص السناتور الديمقراطي باراك أوباما مقعد الرئاسة الامريكية في البيت الابيض بعد معركة انتخابية دامت عامين هزم فيها منافسه الجمهوري جون ماكين ليصنع التاريخ ويصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة. "" وسيؤدي أوباما اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الامريكي الرابع والاربعين يوم 20 يناير عام 2009 وتنتظره تحديات فورية بدءا من التعامل مع الازمة الاقتصادية الى انهاء حرب العراق ومحاولة اصلاح شامل لنظام الرعاية الصحية الامريكي. وتبخر أمل ماكين في تحقيق نصر مفاجئي بتلقيه سلسلة من الهزائم في ولايات رئيسية شهدت معارك حامية على رأسها أوهايو وفلوريدا اللتان كانتا سببا في هزيمة الديمقراطيين مرتين من قبل. وفوز أوباما - وهو من أب كيني أسود وأم أمريكية بيضاء من كانساس - هو علامة في التاريخ الامريكي وجاء بعد 45 عاما من ذروة حركة الحقوق المدنية التي تزعمها مارتن لوثر كينج. وقال أوباما (47 عاما) أمام أكثر من 200 ألف من أنصاره المبتهجين الذين احتشدوا في متنزه جرانت في شيكاجو للاحتفال بفوز المرشح الديمقراطي "كان هذا مقدرا ان يحدث منذ فترة طويلة لكن الليلة ونتيجة لما فعلناه اليوم في هذه اللحظة الفاصلة أتى التغيير الى أمريكا. "سيكون الطريق أمامنا طويلا. سنتسلق منحدرا صعبا. وقد لا نصل الى هناك في عام أو حتى في فترة ولاية واحدة. ولكن يا أمريكا.. لم تحدوني امال أكثر من التي تحدوني الليلة بأننا سنصل الى هناك." ودعا أوباما الامريكيين الى دعم روح الوحدة لمجابهة التحديات الملحة. وهنأ غريمه الجمهوري المهزوم ماكين على الحملة الطويلة والشاقة التي خاضها. ودعا الامريكيين لدعم "روح التضحية الجديدة". وفاز أوباما على الاقل بما يصل الى 338 صوتا في المجمع الانتخابي وهو أكثر بكثير من 270 صوتا كان يحتاجها للفوز. كما تقدم على ماكين في التصويت الشعبي بنسبة 51 في المئة مقابل 48 في المئة بعد رصد النتائج في اكثر من ثلثي الدوائر الانتخابية الامريكية. ووعد أوباما بتخفيف الانقسامات السياسية الحادة في البلاد والعمل لصالح الناخبين الذين لم يعطوه أصواتهم. وقاد أوباما سناتور ايلينوي للفترة الاولى الديمقراطيين لنصر كاسح وسع أغلبية الحزب في مجلسي النواب والشيوخ على السواء مستفيدا من رفض لافت للنظر لفترة رئاسة الجمهوري جورج بوش التي دامت ثماني سنوات. واتصل ماكين (72 عاما) سناتور أريزونا الجمهوري الذي أسر في حرب فيتنام هاتفيا بأوباما وهنأه على الفوز وامتدح حملة منافسه الديمقراطي الملهمة والكاسحة بدرجة غير مسبوقة. وقال ماكين "الشعب الامريكي قال كلمته." والقى ماكين كلمة وسط حشد من مؤيديه في فندق بفينيكس بعد ان سلم بالهزيمة في الانتخابات. وحث سناتور اريزونا الامريكيين على التكاتف خلف أوباما قائلا انه يعتزم مساعدة أوباما في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه الامريكيين. وقال ماكين "أيا كانت الخلافات بيننا فنحن مواطنان امريكيان. "من الطبيعي الليلة ان أشعر ببعض خيبة الامل لكن غدا يتعين علينا ان نتجاوزها." وأضاف "وصلنا الى نهاية رحلة طويلة وأحث كل الامريكيين الذين أيدوني ان ينضموا الى لا فقط في تهنئته بل في تقديم امنياتنا الطيبة للرئيس القادم." وانتهز ماكين الفرصة للاشادة بالمرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس سارة بالين قائلا انها صوت حيوي جديد في الحزب الجمهوري. وأشعل نبأ فوز أوباما موجة من الاحتفالات شارك فيها انصاره في شتى انحاء البلاد من نيويورك الى شيكاجو الى كنيسة اتلانتا المعمدانية وهي كنيسة زعيم الحقوق المدنية الراحل كينج الذي اغتيل عام 1968 . وقال النائب الامريكي جون لويس من جورجيا الذي ضربته الشرطة الامريكية ضربا مبرحا في سيلما بالاباما خلال مسيرة مطالبة بالحقوق الانتخابية في الستينات "هذه ليلة عظيمة. انها ليلة لا تصدق." وانضم القس جيسي جاكسون زعيم الحقوق المدنية للاحتفالات في شيكاجو وقد انهالت الدموع من عينيه. واحتفل الامريكيون البيض والسود معا أمام البيت الابيض في واشنطن بفوز أوباما ورحيل بوش الوشيك وأطلقت السيارات أبواقها في شوارع المدينة وقد أخذ قادتها يهللون. وكان أوباما قد وعد باستعادة مكانة الزعامة الامريكية في العالم بالعمل عن كثب مع الحلفاء الاجانب ووعد بسحب القوات الامريكية من العراق خلال الستة عشر شهرا الاولى من رئاسته وتعزيز القوات الامريكية في افغانستان. لكن مهمته الملحة ستكون التعامل مع الازمة المالية وهي الاسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي. وبالاضافة الى أوهايو وفلوريدا فاز أوباما في فرجينيا وأيوا ونيو مكسيكو ونيفادا وكولورادو وكلها ولايات فاز بها بوش في انتخابات عام 2004 . وقضت خسارة ماكين في بنسلفانيا على امله الاخير في الفوز بولاية تميل أصلا نحو الديمقراطيين. وحاول ماكين الابتعاد عن بوش. وأظهرت استطلاعات الرأي التي تجرى للناخبين لدى خروجهم من صناديق الاقتراع ان ثلاثة ارباع الناخبين يعتقدون ان الولاياتالمتحدة تسير على مسار خاطيء. وفي المعركة على الكونجرس حقق الديمقراطيون مكاسب كبيرة لكنهم فيما يبدو لم يحققوا اغلبية 60 صوتا في مجلس الشيوخ كانوا يصبون اليها والتي كانت ستمكنهم من تخطي اي عقبات اجرائية يضعها الجمهوريون في طريق التشريعات التي يريدون تمريرها. وهم يشغلون في المجلس الحالي 51 مقعدا. وكسب الديمقراطيون خمسة مقاعد اضافية على الاقل في مجلس الشيوخ واطاحوا بعضوين بارزين هما اليزابيث دول سناتور نورث كارولاينا وزوجة بوب دول مرشح الرئاسة الجمهوري لعام 1996 كما اطاحوا بسناتور نيوهامبشير جون سنونو.