قبل أقل من أسبوع قررت لجنة دعم الإنتاج السينمائي الوطني منح 20 مليون درهم كتسبيق على المداخيل قبل الإنتاج لسبعة مشاريع أفلام، جرى انتقاؤها من بين 29 مشروع فيلم. غير أنه بقدر أهمية هذا الدعم من الناحية المبدئية وضرورته في الرقي بالإنتاج السينمائي الوطني وتعزيز تنافسيته وضمان انخراطه في الأوراش الكبرى للبلاد، بقدر ما يثير مجددا الكثير من التساؤلات حول المعايير التي يعتمدها المركز السينمائي المغربي واللجنة المكلفة بذلك في منح المال العام، ولاسيما عندما يتم الكشف عن استبعاد مشاريع أفلام تخدم قضايا الوطن أو عند النظر في تجارب سابقة جرى فيها دعم أفلام انخرط مخرجوها في ترويج اختيارات فنية تتناقض والقيم الوطنية والأخلاقية للمغاربة. من الطبيعي أن يؤدي غياب معايير واضحة ومعه غياب قرارات معللة تبرر دعم هذا الفيلم أو استبعاد ذاك إلى نشوء حالة فوضى وعبثية في إنفاق المال العام وفتح الباب لكل أسباب الهدر والتسيب، فضلا عن عدم التمكن من جعل الدعم آلية مؤثرة في النهوض بالسينما الوطنية، ما دامت قرارات الدعم أو عدمه لا تعلن حيثياتها ومعطياتها، وهو وضع سبق أن نبه المجلس الأعلى للحسابات على وجوب تجاوزه واعتباره سببا من أسباب سوء التدبير، وذلك منذ تقريره لسنة ,2007 وموضحا أنه لم يجر وضع أي دفتر للتحملات تحدد بموجبه شروط الاستفادة من الدعم، كما لا يخضع تحديد التكاليف المتوقعة للفيلم المرشح للدعم لأي مسطرة واضحة. الشاهد عندنا اليوم هو ما حصل من استبعاد لفيلم عذارى الصحراء، ففي الوقت الذي سخرت فيه الآلة المعادية للوحدة الترابية الوطنية كل إمكاناتها لجعل السينما في خدمة مشاريعها التوسعية والتآمرية ضد الوطن، نجد المركز السينمائي المغربي، الذي تفضلت الحكومة مؤخرا بتمتيعه في قانون المالية لسنة 2010 بالزيادة في ميزانيته ب500 ألف درهم خلال سنتين، وزيادة 40 مليون درهم لصندوق دعم الإنتاج السينمائي الوطني، بنسبة 66 في المائة، نجده (أي المركز السينمائي) قد أسقط من الدعم مشاريع تخوض غمار الدفاع عن القضية الوطنية، ودون أن يعلن مبررات مقنعة لذلك، حيث تم حرمان فيلم عذارى الصحراء لمخرجه ربيع الجوهري من الدعم، وهو الفيلم الذي يعالج الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة المغربية في مخيمات تندوف، مع تسجيل أنه ليس في رزنامة الأفلام التي منحت دعم اللجنة ما يعالج موضوع الصحراء المغربية. ثمة خلل كبير في عمل المركز السينمائي المغربي. والمفروض أن تتحمل الجهات الوصية مسؤوليتها في تصحيح هذا الخلل المتفاقم، والخطوة التي تمثلت في تحريك المسطرة القضائية بخصوص الاختلالات التي سبق كشفها في تقرير المجلس الأعلى للحسابات هي خطوة أولى نتمنى أن تتلوها خطوات شجاعة للتصحيح.