قال تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، فالمريض الذي لا يقدر على الصوم، أو يخاف على نفسه الهلاك أو الضرر الشديد إن صام، لزمه الفطر. وإن وجد مشقة، جاز له الفطر بخلاف الصحيح الذي لا يسقط عنه الصوم بمجرد وجودها، وإن كان المرض يرجى برؤه؛ قضى ما فاته صيامه، وإن كان مما لا يرجى برؤه استحب له إخراج فدية عن كل يوم صامه ولا قضاء عليه، إلا إذا قدر الله شفاءه. ويجوز الفطر للحامل والمرضع إن خافتا على ولديهما المرض أو زيادته، أو وجدتا من الحمل والرضاع جهدا ومشقة، وأما مع الخوف من الهلاك والضرر الشديد، فيجب الفطر وليس مجرد الجواز. وتفدي المرضع إذا أفطرت خوفا على ولدها، ولا تفدي الحامل لأن الحمل يلحق بالمرض بخلاف الرضاع. والشيخ الهرم له حكم المريض فيجوز له الفطر مع خوف حدوث المرض أو وجود الجهد والمشقة، ويجب عليه الفطر مع خوف الهلاك، ويستحب له في كل الحالات فدية طعام يخرجها عن كل يوم يفطره. روى أبو داود في سننه عن معاذ بن جبل قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويصوم يوم عاشوراء، فأنزل الله تعالى: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم، إلى قوله طعام مسكين، فمن شاء أن يصوم صام ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا أجزأه ذلك. وهذا حول، فأنزل الله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .. إلى .. أيام أخر، فثبت الصيام على من شهد الشهر وعلى المسافر أن يقضي وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يستطيعان الصوم. ويجوز الفطر في السفر، شريطة أن يكون من السفر المبيح لقصر الصلاة والمقدر عند المالكية بحوالي 78 كلم، ومما عول عليه مالك في هذا التقدير؛ فعل الصحابة، كابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، فقد بلغه عن ابن عباس أنه كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وما بين مكةوجدة وغيرها بما قدر بالمسافة المذكورة، وترتفع الرخصة بنية إقامة أربعة أيام. ومن اشتد به الجوع أو العطش، وأحس بالخطر يهدد حياته، أبيح له أن يفطر؛ إنقاذا لحياته، ويجب عليه الفطر إن خاف من الهلاك، لقول الله سبحانه: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، ثم يقضي ما أفطره. كما أن المكره على الإفطار يباح له أن يفطر لما رواه ابن ماجة من حديث ابن عباس وصححه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ثم يقضي المكره ما أفطره.