أطفال في عمر الزهور، وشباب في مقتبل العمر، ونساء وشابات ... انتشروا ومنذ بداية شهر يونيو، في مناطق متفرقة من مدينة الجديدة، حيث تجدهم على جنبات طرقات وشوارع المدينة، وبين دروبها، وفي قلب المحطة الطرقية، وعند مدخل محطة القطار، يلوحون بمفاتيح في أيديهم، يعترضون ويترصدون لكل سيارة قادمة من أحد مداخل الجديدة، من جهة مراكش أو البيضاء أو آسفي...: شي محال لكرا ... شي بيت .. شي كارصونيير ..، عبارات تكاد تكون موحدة بين كل هؤلاء، فالهدف الوحيد العثور على زبون لكراء بيت أو شقة أو غرفة بأي مكان يختاره بأحياء مدينة الجديدة، أما الأثمنة فهي تتنوع وتختلف حسب نوع الطلب، إنهم سماسرة موسميون ووسطاء مرحلة الصيف. أطفال لكن لهم أقدميتهم في الحرفة زوار مدينة الجديدة من المصطافين أو العابرين اعتادوا على هذا المنظر كلما حل فصل الصيف، إذ يتركز العدد الكبير من هؤلاء السمسارة أو الوسطاء عند مدخل مدينة الجديدة من الجهة الشمالية، ومن جهة الجنوب، وكذا وسط المدينة وعلى الطريق المؤدية إلى سيدي بوزيد. ياسين شاب في العشرينيات من عمره، قال بأنه يمتهن هذه الحرفة منذ أربع سنوات، والبداية كانت عبر علاقاته بجيرانه؛ خصوصا الأسر التي لا تتوفر على أولاد كبار يستطعون جلب أسر لتكتري منازلهم بغرض الاصطياف، يتكفل ياسين بهذه المهمة مقابل عمولة يحصل عليها كلما جلب أسرة أو شبابا لقضاء بضعة أيام في أحد البيوت التي يتكفل بالبحث لها عن زبون، والعمولة حسب ياسين تختلف حسب المدة التي يقضيها الزبون فهي تتراوح بين 50 و200 درهم، وتختلف كذلك حسب نوعية الزبون وصاحب البيت الذي يتوسط له .. المهم كل نهار ورزقو.. يتابع ياسين. العربي طفل عمره حوالي 14 سنة، التقته التجديد يرابط بباب المحطة الطرقية يقوم بمهمة الوساطة لأسرته ولبعض الجيران مقابل عمولة تتراوح بين 20 درهم و50 درهما، حسب المدة التي يحصل عليها، العربي صرح للجريدة بأنه يجمع بعض المال من هذه المهمة لتغطية مصاريف الدخول المدرسي. فاطمة سيدة أخرى التقتها التجديد بباب المحطة الطرقية لمدينة الجديدة، وبمجرد اقترابنا منها بادرت إلى سؤالنا: باغي تكري شي دار؟، وبعد أن قدمنا لها نفسنا وبعد تردد، قالت بأنها تقف بباب المحطة ليس كوسيطة، بل هي تحاول البحث عن أسرة زبونة لتكتري لها جزءا من بيتها المتواجد بالقرب من المحطة الطرقية، وعن سؤالنا لماذا لا تكلف وسيطا بالأمر، قالت فاطمة إنها في حاجة ماسة إلى أي درهم من ثمن كراء جزء من بيتها والوسيط سيطالبها بنصيبه وهو الأمر الذي لا تستطيع فعله، عندي وليداتي وراجلي الخدمة ديالو على قد الحال... وكون ماكنت محتاجة ماغاداش نكري داري للبراني... الله يحسن لعون وصافي .. عبارات رمتها فاطمة في وجهنا بسرعة واستأذنت في الانصراف، لأن حافلة كانت قد دخلت باب المحطة قادمة من مراكش، يتسابق الوسطاء وأصحاب المنازل للوقوف بجانبها لعرض خدماتهم. منظر أصبح معتادا بالمحطة الطرقية وجوانبها، أحيانا تحدث مشاداة كلامية أو تشابك بالأيدي من أجل الظفر بزبون، وقد عاينت التجديد بعض هذه الحالات. قد يكون الزبناء ضحايا الدخلاء يجمع أغلب السماسرة والوسطاء الموسميون الذين التقتهم التجديد على أنهم يبحثون عن زبناء محترمين للتوسط لهم، لكن القاعدة غير معممة لأن بعض السماسرة رفضوا ذكر أسمائهم واعترفوا للجريدة بأنهم لا ينتقون نوعية الزبناء ولايشترطون عليهم شيئا ولكل زبون طلبه الخاص، مع تأكيدهم على أن مثل هذه البيوت أو الشقق قليلة، وتوجد أغلبها بأحياء متناثرة بجنبات المدينة أو بعض الأحياء الراقية والفيلات. ويلجأ الكثير من زوار مدينة الجديدة، خصوصا حديثوا العهد بالاصطياف بالمدينة إلى هؤلاء الوسطاء، لكونهم يسهلون عليهم مأمورية البحث عن شقة أو غرفة للكراء خلال فترة الصيف، لكن هذه المعاملة لا تخلو من مشاكل؛ يقول أحد الزوار من مدينة الدارالبيضاء، الذي اقتاده أحد الوسطاء ليعرض عليه بعض المنازل، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب، لكن الوسيط طلب عمولته رغم أن المهمة لم تتم وكان مضطرا لذلك لأنه لم يأت من أجل المشاداة و الصدام كما يقول، وينصح هذا الزائر بعدم التعامل مع بعض الشبان الذين تبدوا على وجوههم علامات الإنحراف تفاديا لمثل هذه المشاكل. مصدر متتبع للشأن المحلي بالجديدة أكد لالتجديد، أن عملية الوساطة هاته يجب أن تقنن من طرف السلطات المحلية بدل العشوائية والفوضى التي تتم بها، واقترح نفس المتحدث أن تدخل هذه المهنة ضمن المهن الموسمية التي يمكن القيام بها في ظروف تضمن لكل الأطراف حقوقهم، وذلك عبر تخصيص بادجات ورخص موسمية مثلا، لهؤلاء الوسطاء بعد التأكد من هوياتهم قبل انطلاق فترة الصيف، ولكي يصبحوا معروفين لدى السلطات ولدى أصحاب المنازل والبيوت، وهي المهمة التي قال بأنها شبه مستحيلة في ظل الفوضى التي تعم مجال الكراء والسمسرة والوساطة في هذا المجال، طيلة فترة الصيف بمدينة الجديدة.