تعيش وزارة تحديث القطاعات هذه الأيام على إيقاع ملف ساخن بعد استدعاء مديري الوظيفة العمومية والموارد البشرية موظفا على أبواب المغادرة الطوعية من الإدارة، في 6 يونيو الجاري، وإبلاغه بقرار إحالته على المجلس التأديبي بتهمة الإخلال بسمعة الإدارة واللجنة المشرفة على مباراة اختيار رئيس قسم الدراسات التي أجريت في يونيو من السنة الماضية. وقد رأى حميد قهوي، الموظف المعني بالقرار، أن إحالته على المجلس تتضمن في طياتها عقاباً له، لأنه رفع دعوى قضائية ضد وزارته لدى المحكمة الإدارية في الشهر الماضي، ويتهم فيها اللجنة المشرفة على المباراة بخرق القانون في اختيار رئيس القسم، لأنه موظف متعاقد مع الوزارة (تربطه بالإدارة علاقة تعاقدية وليست علاقة نظامية)، في حين أن الفصل الخامس من مرسوم دجنبر ,1975 المتعلق بالمناصب العليا بالوزارات، يشترط أن يكون الموظف مرسماً لشغل منصب رئيس قسم أو مصلحة. وقد تعذر على التجديد استقاء موقف المديريتين المعنيتين وتوضيحات مسؤوليهما، إذ اتصلت بهما مرتين، إحداهما يوم الاثنين الماضي والأخرى في اليوم الموالي، وفي كل مرة كانت تنتصب عوائق دون أخذ تصريحات، فمرة قيل إن مسؤول هذه المديرية في اجتماع مع الكاتب العام للوزارة، وتارة أخرى إن مدير الوظيفة العمومية في مهمة خارجية تستغرق أياماً. وإلى حين أخذ رأي مسؤولي وزارة بوسعيد في هذه النازلة، أوضح قهوي ل التجديد أنه كان الوحيد من بين المترشحين للمنصب الذي رفع تظلما ضد هذا الخرق القانوني، ولم يستبعد المتحدث نفسه أن توضع عراقيل في طريقه للمغادرة الطوعية، سيما وأنه حصل على الموافقة النهائية، وينتظر موعد 31 غشت المقبل ليكون من حقه المغادرة، ويحذف حينها من أسلاك الوظيفة العمومية. من جهة أخرى، شدد قهوي على أنه لم يمارس سوى حقه في التظلم، وأنه كان على الوزارة ترك القضاء يؤدي واجبه، بوصفه سلطة مستقلة يخضع لقراراتها الجميع. وقال مصدر مطلع لالتجديد، طلب عدم ذكر اسمه وصفته، إن إحالة قهوي على المجلس إجراء غير قانوني، مضيفاً أن المعني بالأمر راح ضحية مؤامرة داخل الوزارة وصراع على المناصب، واستغرب المصدر ذاته كيف يحال هذا الموظف على المجلس وهو سيغادر الوظيفة عما قريب بعدما تسوى له وضعيته الإدارية، وأضاف متسائلاً: هل ستتراجع الوزارة عن الموافقة أم تقتطع له من منحة المغادرة الطوعية، أم توقفه عن العمل شهراً أو شهرين، وهو الذي سيحذف من أسلاك الوظيفة قريباً؟ وعزا المصدر نفسه تحريك مسطرة التأديب في حق قهوي إلى أن مسؤولين في الوزارة اتخذوه عدواً لهم بعدما رفع دعوى ضد الإدارة في حيثيات اختيار ذلك الشخص المشار إليه آنفا، بل وعدم اكتفائه بذلك ونشره مقالات صحفية في هذا الشأن، واعتبر المتحدث ذاته أن هذا السلوك لا يوجد في إدارات الدول المتقدمة التي لا ترى ضيرا في الاحتكام إلى القضاء لفض الخلاف بشكل سلمي. وعن المسوغات القانونية لإحالة أي موظف على المجلس التأديبي، أوضح مصدرنا أنها عديدة ولا تنطبق أي منها على حالة حميد قهوي، لأنه عبر عن رأيه وتظلمه بشكل سليم، وذكر من المسوغات التغيب المتكرر عن العمل، ورفض تنفيذ أوامر الرؤساء والقوانين المعمول بها، وإتلاف أموال الدولة، وإصدار عبارات سب وشتم في حق الإدارة... محمد بنكاسم