يتدارس المجلس الأعلى للوظيفة العمومية المقرر أن ينعقد بالرباط يوم 6 دجنبر الحالي أربعة مواضيع أساسية، أهمها إعادة النظر في منظومة الأجور في الوظيفة العمومية، وإعادة انتشار الموظفين في الإدارة المغربية. كما سيناقش الاجتماع الذي يأتي بعد سنتين من آخر اجتماع للمجلس حصيلة المغادرة الطوعية، ومشاريع النصوص التي صادق عليها المجلس في الدورات السابقة، خاصة تلك المتعلقة بالاستراتيجية الشمولية لإصلاح الادارة العمومية، وتغيير النظام الأساسي للوظيفة العمومية. وتستهدف مجموعة من النصوص التشريعية والمراسيم التنظيمية التي صادق عليها المجلس الوزاري المنعقد في 23 نونبر الماضي إعادة النظر في أنظمة سير الوظيفة العمومية، وذلك باعتماد بعض مناهج التسيير بالقطاع الخاص، تحت مبرر عدم ملاءمة أنماط التدبير العمومي التقليدية المتسمة بالتصلب. والهدف هو إضفاء المرونة على تسيير المستخدمين (اللجوء الى عقود عمل محددة المدة)، ثم مراجعة آليات الترقية بالتخلي عن الاقدمية، وإعتماد مقاييس المردودية، وتسهيل مسطرة التسريح ووقف علاقات الشغل لاسباب تعود الى إعادة الهيكلة واجراءات اقتصادية . كما ستتم إعادة النظر في السلطات التأديبية لدى رؤساء العمل. ثم إضفاء مرونة على كتلة الأجور بإعادة نظر أساسية في ميكانزمات الأجور ووضع تدريجي لسياسة الأجر بالاستحقاق. وخلق سياسة حركية ومرونة مفروضتين على المستخدمين باعتماد سياسة إعادة نشر الموظفين والعمل بالعقود محددة المدة، كما تستهدف النصوص إعادة النظر في أنظمة التقاعد من خلال التداول في مجموعة من الاجراءات منها مضاعفة نسبة المساهمات، ورفع السن القانوني للتقاعد الى 56 سنة ، ثم خفض نسبة احتساب المعاش. من جهته، اعتبر حميد قهوي باحث في علم الإدارة أن أزمة الوظيفة العمومية بالمغرب تكمن في المجلس الأعلى للوظيفة العمومية في حد ذاته، سواء في تدبير اجتماعاته التي هي غير منتظمة. أو في الدعوة إلى الانعقاد والتي تقتصر حاليا على رئيس المجلس، أي الوزير الأول. ثم في تشكيلة المجلس التي تقتصر على ممثلي الموظفين والإدارة، وأشار حميد قهوي الى أنه من الضروري تمثيل النقابات في المجلس الأعلى للوظيفة العمومية كطرف أساسي. وأضاف قهوي في تصريح لالتجديد أنه من الضروري إعادة النظر في وظيفة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية. فالحكومة، تتجاوز المجلس في كثير من المحطاتومنها تدبير ملف المغادرة الطوعية ، فالاستشارة يجب أن تكون ملزمة في جميع المراسيم والنصوص التشريعية ذات الارتباط بالادارة عموما. بالنسبة لمسألة تغيير النظام الأساسي للوظيفة العمومية، استغرب قهوي من أن يصمد هذا القانون أمام رياح التحيين، إذ يعود إلى سنة 1958. وأرجع قهوي هذا الموقف إلى مشكل سياسي، وعدم وجود إرادة لمعالجة الاشكالات العميقة التي تتخبط فيها الادارة العمومية. وطالب قهوي من جانب آخر ب معالجة هذة الإعاقات في إطار شمولي، في سياق توحيد منظومة الوظيفة العمومية والإدارة بالمغرب. وتساءل قهوي كيف يعقل أن كل إدارة تمتلك نصوص ومراسيم خاصة بها، آخرها إقدام وزارة الداخلية على تحضير نظام أساسي خاص بالموظفين الجماعيين. مما يجعل المغرب أمام 70 قانون أساسي، في ظل سيادة التفتيت ، وعدم تعريف الموظف، وغموض مساطير التأديب وتغييب الضمانات وتحديد حقوق وواجبات الموظف. وإذا كان مدير الوظيفة العمومية بوزارة تحديث القطاعات العامة يعتبر أن المشاكل المطروحة على الإدارة المغربية ترتبط أساسا بمدى جودة الخدمات وفاعلية الأداء والمساطير الإدارية وطرق التوظيف أكثر مما ترتبط بالتضخم في عدد الموظفين. وهو ما يستدعي في نظره إعادة النظر في طرق التوظيف بالوظيفة العمومية ومسألة الترقية واللاتركيز. فإن حميد قهوي يعتقد أنه لمعالجة أزمة الوظيفة العمومية يتطلب الأمر أولا تصنيف الوظائف من أجل توضيح اختصاصات كل طرف. ثم إعمال مبدأ التعاقد في كل الوظائف، وربطها بالإنجاز، مع إعادة النظر في كيفية شغل المناصب السامية. أما إعادة انتشار الموظفين فيعتبره قهوي آلية حكومية لسد الخصاص الحاصل عن عدم التدبير الجيد لملف المغادرة الطوعية. لهذا طالب قهوي البرلمان بضرورة أن يتحمل مسؤوليته في اقتراح قانون نعالج به مجموع الاشكالات التي تعاني منها الادارة والوظيفة العمومية بشكل عام.