سلطت المجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الأسطول الدولي للمساعدات الإنسانية المتوجه إلى قطاع غزة أضواء كثيفة على الحصار الوحشي الذي يضربه الاحتلال الإجرامي على القطاع، لكنها في الوقت ذاته زادت سمك الضباب حول ما يسمى مفاوضات السلام، في وقت تتجه الآلة الدبلوماسية الصهيونية لتلميع صورتها التي اهتزت جراء ذلك العدوان الدموي. وقد شن سلاح البحرية الصهيونية مدعوما بالطائرت هجوما على نشطاء أسطول الحرية في عرض المياه الدولية على بعد عشرين ميلا بحريا عن قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد 91 متضامنا وإصابة آخرين بجروح بعضهم في حالة حرجة. وتعليقا على تداعيات ما اقترفته القوات الصهيونية في حق المتضامنين الدوليين مع قطاع غزة، قال المفكر العربي عزمي بشارة إن ما جرى كان محاولة حقيقية لكسر الحصار الوحشي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو ثلاثة أعوام على سكان القطاع. وأضاف بشارة في تصريحات لالجزيرة نت أن الرهان الكبير في كل ما حصل هو إثارة انتباه الرأي العام العالمي إلى أن هناك حصارا غير شرعي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي بتواطؤ إقليمي ودولي على الشعب الفلسطيني من أجل إرغامه على قبول شروط سياسية معينة للتسوية. وأشار بشارة إلى أن تلك المحاولة الإنسانية - بالنظر إلى طابعها الدولي وحجمها مقارنة مع حملات تضامنية سابقة - أربكت إسرائيل ومن شأنها أن تربك الأنظمة العربية التي ظلت تراهن على خيار التفاوض مع إسرائيل. خيار التفاوض وعن آثار ذلك على مستقبل مفاوضات السلام غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال بشارة إن ما جرى الاثنين يؤشر إلى أنه على الأنظمة العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية أن تعيد النظر في خيارها الإستراتيجي المتمثل في نهج المفاوضات من أجل تسوية الصراع مع إسرائيل. أما عن انعكاسات تلك المجزرة على صورة وسمعة إسرائيل لدى الرأي العام الدولي فيقول بشارة إن إسرائيل لا تعبأ بذلك وإن لها خطة إعلامية لشرح الموقف وترويجه لدى الرأي العام المحلي والدولي، مشيرا إلى أن استدعاء سفراء إسرائيل في عدد من البلدان (الأردن، واليونان، وتركيا، والسويد، وإسبانيا) إجراء عادي في إطار العلاقات الدبلوماسية. ودعا بشارة المجتمع الدولي الذي يشارك رسميا في الحصار المفروض على قطاع غزة وباقي الأطراف الإقليمية المتورطة في الحصار إلى عدم الاكتفاء ببيانات إدانة لما جرى وإنما القيام بخطوات عملية ملموسة من أجل رفع ذلك الحصار. جريمة مركبة ومن جانبه، يرى عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ القانون الدولي، أن ما قامت به إسرائيل جريمة مركبة وحصار غير مسبوق في التاريخ وأنها تتجاوز أعمال القرصنة، حيث حرصت إسرائيل على أن يتم هذا العمل في المياه الدولية لتبعث برسالة مفادها أنها هي اللاعب الرئيسي في السيطرة على مقاليد الحياة والموت في المنطقة. وأضاف الأشعل في تصريحات لالجزيرة نت أن المجزرة الإسرائيلية بحق المتضامنين المشاركين في أسطول الحرية، جريمة نوعية تعكس تجرأ إسرائيل بشكل لافت على القانون الدولي، وأن تصرف إسرائيل بدون قيود أخلاقية أو قانونية يستدعي عزلها دوليا. واستغرب الأشعل التبريرات التي بدأت الآلة الإعلامية الصهيونية في ترويجها والتي تقول إن تسيير أسطول الحرية في اتجاه قطاع غزة يعد تدخلا في الشؤون الداخلية لإسرائيل، قائلا إن تلك الأطروحة تعكس نظرة إسرائيل إلى غزة بأنها جزء من إسرائيل.