تطرح الوضعية القانونية للفتاة القاصر الحامل من علاقة غير شرعية عدة إشكالات قانونية، وبهذا الخصوص شدد الأستاذ نور الدين الشيهب، المحامي بهيئة القنيطرة على قصور النصوص القانونية على معالجة إشكالية إثبات نسب الطفل من علاقة غير شرعية بالنسبة للفتاة القاصر إلى الشخص الذي تتهمه تلك الفتاة بالتغرير بها بشكل مباشر وواضح، مضيفا أن ما يلاحظ في الحالات التي تعرض على القضاء هو صعوبة الإثبات، إلا أن هذا الفراغ التشريعي جعل المشرع يشدد في المادة 400 من القانون الجنائي إلى أن نحتكم في ذلك إلى الفقه الإسلامي، فقد سكتت مدونة الأسرة عن الكثير من الحالات الاستثنائية؛ مما يقتضي الرجوع إليها في تطبيقات وقواعد المذهب المالكي طبقا للمادة 400 من مدونة الأسرة التي جاء فيها كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف. من جهة أخرى، يجب التفريق في حالة الحمل بسبب علاقة غير شرعية بين حالتين، الحالة الأولى توقفت لديها المادة 156 من مدونة الأسرة، ويتعلق الأمر بإثبات الخطوبة بين المعنيين، حيث تحث هذه المادة على أنه إذا تمت الخطوبة، وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، ينسب للخاطب للشبهة إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛ إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛ إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما. وتتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن، وإذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب مثلا الشهود، الخبرة الطبية، وتتقدم المعنية بالأمر برفع دعوى قضائية لتبوث الزوجية بعدها يتبث النسب. أما الحالة الثانية فتتعلق بالحالة التي لا يجمع بين المرأة و الرجل خطبة، وما بينهما علاقة غير شرعية نتج عنها حمل، يعتبر ذلك الولد ابن زنا في هذه الحالة، ولا يمكن أن يلحق بالأب. ويمكن للأم حسب المتحدث نفسه أن تتقدم بدعوى النسب في مواجهة الأب، وفي هذه الحالة تتابع المرأة (البالغة سن الرشد) بجنحة الفساد حسب ما تنص عليه المادة 490 من القانون الجنائي، سيما وأن هذا الحمل يعتبر اعترافا مباشرا بذلك، أما في حالة القاصر، فيعتبر ذلك تغريرا ويحكم فيها طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على أن كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة، وينتسب ذلك الحمل لأمه إلا إذا أقر الظنين بأبوته فيلحق به. ومن جانبه، أكد الأستاذ زعزاع، محامي بهيئة البيضاء أن من بين الصعوبات التي تعترض جرائم الشرف و العرض بالنسبة للفتيات القاصرات مثل هتك العرض سواء بعنف أو بدون عنف، والاغتصاب بعنف أو بدونه وقضايا الفساد..، تكمن في الأساس في مشكل الإثبات، مضيفا أنه عندما يعرض الأمر على القضاء لا تستطيع الفتيات في كثير من النوازل الإدلاء بالأدلة القوية على أنها ضحية، لأن المشرع المغربي تشدد في هذا الأمر كثيرا فيما يتعلق بإثبات هذا النوع من الجرائم كما هو الأمر فيما يتعلق بالمادة 493 من القانون الجنائي، فلا يكفي الادعاء دون الإثباتخاصة أن القاصرات يتم التغرير بهن و التحايل عليهن، فيقعن بين أيدي ذئاب بشرية متمرسة في التحايل على القانون ومحترفين في تظليل العدالة، مما ينبغي الحذر منه لا محالة. وأكد زعزاع على ضرورة الإشارة إلى أن قضاة المحكمة لهم السلطة التقديرية في تكييف نوازل جرائم العرض، حسب معطيات كل نازلة على حدة، فقد تنتقل جنحة الاغتصاب لما يرتكب في حق قاصر دون سن 18 سنة إلى جناية كما هو مشار إليه في المادة 486 من القانون الجنائي عندما تكون الضحية في الاغتصاب قاصر. وأضاف المتحدث نفسه أنه في حالة الافتضاض الناتج عنه حمل في جرائم العرض و الشرف، يمكن أن يكون فيه الإثبات باعتراف المتهم وبأدلة وحجج أخرى مقيدة في القانون، وفي حالة الإنكار التام وعندما تكون الضحية متيقنة من وقوع الحمل من الجاني عليها فإنها تطالب بخبرة ءخ كحجة قاطعة يمكن إثباتها بواسطة الوسيلة المشار إليها عن طريق الشرطة العلمية، إلا أن التككلفة الباهضة لهذا النوع من الخبرات يجعل الكثير من الفتيات ضحايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي عموما لا يلجأن إلى هذا النوع من الإثبات فتضيع حقوقهن وحقوق أطفالهن، وغالبا ما يتم توظيف المادة 16 المتعلقة بتبوث الزوجية، عندما يتفق الجاني مع الضحية خوفا من السجن. من جهة أخرى، أكد زعزاع أن ما يساعد على انتشار ظاهرة حمل القاصرات هو غياب الردع والزجر، وهو ما يساعد على إجهاض هؤلاء الفتيات القاصرات من الممرضات والممرضين والأطباء وبعض المرشدين في بعض القطاعات الصحية، حيث يتم الإفلات من العقاب لكثير من الأطباء، مما يشجع على انتشار حالة العود لحالة الحمل الغير الشرعي، مع العلم أن المادة 451 من القانون الجنائي تعاقب المنتمين إلى قطاع الصحة من أطباء وغيرهم الذين يرشدون إلى وسائل تحدث الإجهاض، على اعتبار أن من يرشد القاصرات إلى تناول الأدوية وبعض الأعشاب للتخلص من الجنين مخافة الفضيحة يعتبره الأستاذ زعزاع سلوكا منحرفا خارجا عن القانون، إلا أنه لا يتم تفعيل هذه النصوص إلا ناذرا، هذا بالإضافة إلى أن العقوبات تكون غير رادعة بسبب المحسوبية والرشوة و الوساطة وأحيانا ينال الجناة البراءة مما يشجع أكثر على ارتفاع ظاهرة الحمل لدى القاصرات، ولا يمكن أن نعتبر أن القانون والردع وحده الحل للتخلص منها بل لابد من التمسك بالقيم والأخلاق والدين التي تجعل من مؤسسة الزواج وحده الإطار القانوني و الشرعي للعمل بعيدا عن كل ممارسة أخرى غير شرعية.