مايزال المهاجرون يتوجسون خيفة من الاستثمار بالمغرب لعدة اعتبارات، منها القانونية والإدارية والضريبية. وحسب كمال رحموني، رئيس جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بالخارج، فإن هناك غياب رؤية شاملة لموضوع التحفيزات المقدمة للجالية المغربية المقيمة بالخارج من أجل الاستثمار بالمغرب، مضيفا أن الأمر يقتصر على النوايا والتصريحات، وليس هناك مساطر واقعية. وأوضح الرحموني أن الأزمة المالية جعلت من الصعب على المهاجرين بإسبانيا الاستثمار بالمغرب خلال السنة الحالية والقادمة، فضلا عن أن عددا من تجارب المهاجرين الذين استثمروا بالمغرب فشلوا في ذلك، وآخرين نجحوا. وأرجع الرحموني فشل المهاجرين إلى غياب التسهيلات لأن المهاجر يعتبر مثل الأجنبي، وأحيانا التحفيزات التي تقدم إلى الأجنبي أكبر من التي تقدم إلى المهاجر. وأضاف أن هناك العديد من التعقيدات؛ بسبب تداخل الاختصاصات بين العديد من الوزارات، وتتمثل في الوزارة الأولى ووزارة المالية والخارجية. من جهته، أكد عبد الكريم بلكندوز، الباحث في مجال الجالية المغربية بالخارج، أن هناك منظورا نفعيا للجالية وهو منظور حاضر منذ اليوم الأول للعودة، وسياسات الحكومة ترى أن الهجرة وسيلة للعملة الصعبة والاستثمار، ومازال هذا المنظور ساريا، إلا أنه خلال الأشهر الأخيرة بدأ الحديث على المسائل الثقافية والتربوية والترفيهية. واعتبر أن الوسائل التي تقدم للمهاجرين غير واضحة مثل الصندوق المخصص لهم، إذ يستفيدون من 10 في المائة، إلا أن ذلك لا يستفيد منه الجميع. دراسة أكد محمد المغاري من المندوبية السامية للتخطيط أن هناك صعوبة لمعرفة عدد العائدين إلى موطنهم الأصلي على الرغم من أن الوكالة العالمية للهجرة تقدم بعض الإحصاءات، فعدد من العائدين لا يتم احتسابهم لأنهم لا يستفيدون من الإعانات المقدمة لدى العودة أو أنهم يجهلونها. وأضاف خلال دراسة له حول الهجرة والعودة إلى المغرب أنه بعد إحصاء ,2004 بلغ عدد العائدين إلى المغرب 165 ألفا و416 فردا، نسبة كبيرة منهم استقروا بالوسط الحضري، وسنة 1994 كان العدد في حدود 151 ألفا و197 فردا، وتشير هذه الأرقام إلى أن نصف عدد المهاجرين عادوا إلى الوطن خلال هذه الفترة. وأبرزت الإحصاءات أن عدد المواطنين العائدين يتكونون من الرجال 4,63 في المائة، والباقي من النساء. وشكلت جهة الدارالبيضاء أولى الجهات التي استقبلت نسبة مهمة من العائدين متبوعة بجهة الرباطسلا زمور زعير والشرق ثم سوس ماسة درعة وطنجة تطوان؛ في حين سجلت الأقاليم الصحراوية النسبة الأقل، ويتعلق الأمر بكل من العيون بوجدور الساقية الحمراء وواد الذهب الكويرة. الاستثمار المهاجرون الذين استثمروا بالمغرب يؤكدون استقرارهم بشكل دائم بالمغرب بدل الذين لم يستثمروا، وتوضح المؤشرات أن المهاجر لدى استثماره بالمغرب يكون له توجه أكثر للاستقرار بالمغرب مقارنة مع المهاجر الذي لم يستثمر. ويعتبر 64 في المائة من الذين استقروا بالمغرب أنه عاملون، وحوالي نصف العاملين لهم رغبة في العودة إلى الخارج. كما أن الذين يقررون الاستقرار بشكل نهائي بالمغرب لهم وضعية مالية مهمة مقارنة مع وضعيتهم بالخارج، وتصل هذه النسبة إلى النصف. وتبلغ نسبة النشيطين من المهاجرين العائدين حوالي النصف، ونصف الباطلة في حدود 6 في المائة. ويعتبر الأجراء أهم فئة (62,7 في المائة) والمستقلون والعاملون حوالي 23,5 و 12 في المائة على التوالي. ويوجد حوالي النصف من المستقلون بالوسط القروي مقارنة مع نسبة ضعيفة بالوسط الحضري. القدرة الشرائية أكد حوالي 41,8 في المائة من المهاجرين الذين عادوا إلى المغرب بأنهم في وضعية أفضل بالمغرب، مقابل 11,2 في المائة أكدوا أن لا شيء تغير و22,4 في المائة أنه يعيشون وضعية أقل من المناسبة، و12,4 في المائة يعيشون وضعية أسوأ، حسب دراسة أنجزت خلال سنة .2007 وأبرزت الدراسة أنه في السابق كانت العودة مقتصرة على المسنين، في حين أنها اليوم تهم الشباب، الذي هم في سن الشغل، ذلك أن نصف العائدين ينتمون إلى الشريحة العمرية ما بين 25 و54 سنة. ويبين هذا المعطى أن العائدين لهم اهتمام بالمشاركة في المجال المهني والاقتصادي والاجتماعي لبلدهم الأصلي. وتوضح المعطيات أن نسبة كبيرة من العائدين متزوجون والربع منهم عزاب. كما أن الملاحظ أن الأجيال الجديدة من المهاجرين يتميزون بمستوى تكويني وقدرات مهنية وتقنية عالية جدا. ويمثل غير المتمدرسين حوالي الربع، والذين لهم مستوى أولي 16 في المائة و27 في المائة لهم مستوى ثانوي و15 في المائة لهم مستوى ثانوي عالي، والذين لهم مستوى عالي هو 29,2 في المائة. مطالب بلكندوز اعتبر أنه لا يمكن اعتبار أن جميع المهاجرين يمكنهم الاستثمار بسبب الوضعية الهشة ببعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا. وقال إن دفع المهاجرين إلى الاستثمار في بدلهم يقتضي الاهتمام بهويتهم وأبنائهم وتقديم مجموعة من التحفيزات. وأوضح أنه مثلا التحفيزات التي تقدم بإسبانيا من أجل العودة الطوعية عرفت طريقها إلى الفشل لأن الأفراد سيفقدون حقوقهم المتمثلة في عدم الهجرة لحوالي 5 سنوات. من جهته شدد الرحموني على أن غياب نقطتين لا يمكن للمهاجر أن يستثمر بالمغرب، الأولى تتعلق بعلاقته بالسوق وحرية المنافسة، والثانية مرتبطة بالضمانات القانونية، فمثلا يأتي مهاجر للاستثمار ويشتري أرضا لذلك، وفجأة يكتشف أنها ملك للعديد من الورثة ويدخل دوامة من المشاكل. وطالب الرحموني بتحفيزات ضريبية خلال السنيتن الأوليين وتقديم بعض الاستشارات حتى يمكن تقديم يد المساعدة للمهاجر.