حذرت السفارة المغربية بمدريد إسبانيا من كون التعليمات التي توصلت بها عناصر الشرطة الإسبانية، بشأن تكثيف الحملات الأمنية في صفوف المهاجرين المقيمين بصفة غير قانونية فوق التراب الإسباني، ستخلق «جوا من الرعب والخوف» في صفوف الجالية المغربية بإسبانيا. وطالبت في هذا الصدد السلطات الإسبانية بتقديم توضيحات بهذا الخصوص. وعبر فريد أولحاج، المستشار بالسفارة المغربية بمدريد، لوكالة الأنباء الإسبانية «أوربا بريس» عن انشغال السلطات المغربية بالإجراءات الأمنية الجديدة «العنصرية» تجاه المهاجرين المغاربة بشكل خاص. وتعطي مذكرة صدرت مؤخرا عن وزارة الخارجية الإسبانية الأولوية لاعتقال المهاجرين المغاربة المقيمين بصفة غير قانونية بإسبانيا من أجل إرسالهم إلى مركز المهاجرين، لأن مدة الاحتجاز القصوى بهذا المركز، حسب القانون، لا تتجاوز أربعين يوما، وبالتالي فإنه خلال هذه المدة بإمكان السلطات الإسبانية القيام بإجراءات ترحيلهم إلى المغرب بتكلفة مالية قليلة، على اعتبار أن عملية الترحيل تتم في الغالب برا. وحذر أولحاج من أن هذه «الحملة الأمنية»، كغيرها من الحملات من هذا النوع، يمكن أن تنتج عنها «تجاوزات»، فضلا عن أنها ستحدث «الخوف والرعب» في صفوف الجالية المغربية سواء المقيمين منهم بصفة قانونية أو المقيمين بصفة غير قانونية، على اعتبار أن الحملة يمكن أن تعطي الشرطة الإسبانية الحق في اعتقال أي مغربي في أي وقت فقط لشكله ومظهره. ومن جانبها، أشارت صحيفة «إلبايس»، في عددها الصادر أمس الثلاثاء إلى أن السفير المغربي المعتمد بمدريد هاتف المدير العام للسياسة المتوسطية بوزارة الخارجية فيديل سينداغورتا من أجل أن يطلب منه توضيحات بشأن المذكرة. وأضاف ذات المصدر أن عزيمان «عبر له عن قلقه، لكن لم يصل الأمر إلى حد تقديم احتجاج رسمي»، واكتفى السفير بطلب توضيحات في الأمر. وقال السفير أيضا: «ما يقلقني أن تطبيق هذه الحملة الأمنية يمكن أن يجعل قوات الأمن ترتكب تجاوزات كثيرة. أتساءل لماذا المغاربة هم أول ضحايا هذه الحملة؟ إذا كان هناك بلد يتعاون مع إسبانيا في مجال الهجرة فهو المغرب. والنتائج دليل على ذلك التعاون. أبهذه الطريقة تجازينا إسبانيا؟ إن المذكرة الأمنية لا تتطابق مع روح السياسة الإسبانية في مجال الهجرة. أتمنى أن يكون الأمر مجرد سوء تفاهم وأن تعود الأمور إلى نصابها في القريب العاجل». غير أن المسؤول بوزارة الشؤون الخارجية الإسبانية، الذي حاول أن يقلل من مخاوف السفير المغربي، نفى أن يكون لوزارة الخارجية علم بالإجراءات الأمنية التي اتخذتها الداخلية الإسبانية. إلا أنه طمأن عمر عزيمان على أنه «ليس هناك أي تمييز يطال المغاربة» بحسب الصحيفة الإسبانية. من جانبها، أدانت جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا (أتيمي) حملة الاعتقالات التي تطال المهاجرين المغاربة المقيمين بصفة غير قانونية، وعبرت عن شجبها للتعليمات التي تلقتها الشرطة والتي اعتبرتها تستهدف المغاربة بالدرجة الأولى. ونددت الجمعية، في بلاغ لها، بالمعايير المعتمدة في عملية «اضطهاد المغاربة في الشارع العام» التي تروم استهداف مجموعات محددة سلفا، بسبب التكلفة المنخفضة لترحيل المهاجرين المغاربة. وأوضح كمال الرحموني، رئيس جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا، قائلا: «إن ترحيل مهاجر إلى أمريكا اللاتينية يتطلب تجنيد عنصرين من رجال الشرطة لمرافقته، مما يفرض تعويضا للشرطيين، بالإضافة إلى مصاريف التذاكر ومصاريف الإقامة مع كل ما تتطلبه، أما بالنسبة إلى المهاجر المغربي فيكفي وضعه في باخرة وإرساله إلى الجزيرة الخضراء». وكانت السلطات الأمنية بمدريد قد أصدرت أمرا إلى مفتشيات الشرطة بالعاصمة من أجل اعتقال عدد محدد من المهاجرين غير الشرعيين، خاصة المغاربة، في الأسبوع، وفي حالة عدم تحقيق الرقم المحدد فإن المفتشيات ملزمة بالقيام بحملات أمنية خارج مجال اشتغالها للوصول إلى الكوطة المحددة سلفا. وكانت عدد من الصحف الإسبانية ووكالات أنباء قد أشارت إلى تلك المذكرة الأمنية. غير أن وزير الداخلية الإسباني ألفريدو بيريز روبالكابا نفى أمس الثلاثاء أمام لجنة الداخلية بكونغرس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الإسباني) وجود مثل هذه المذكرة. ونقلت وكالة «أوربا بريس» عن وزير الداخلية قوله: «لا وجود لأي تعليمات أو مذكرة أو أمر سواء كان شفهيا أو كتابيا من طرف المسؤولين الأمنيين».