بيع الأسلحة، والدعم اللوجيستيكي، والتدريب، تلك هي مصالح الكيان الصهيوني مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء، حسب تحقيق نشرته مجلة جون أفريك في عددها الأخير، تكشف فيه كيف تسللت إسرائيل إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، من باب حاجة الأخيرة إلى السلاح لتحقيق الاستقرار. يكشف التحقيق الذي كتبه مارك بروني عملية بيع السلاح الصهيوني إلى إفريقيا الوسطى، في الوقت الذي لم تكن تربط البلدين أي علاقات دبلوماسية. في يناير ,2009 بدأت أحداث تتوالي في تل أبيب، تدفع باتجاه الاستجابة لطلب الرئيس فرانسوا بوزيزي، رئيس إفريقيا الوسطى، لتمكينه من عتاد عسكري، وبناء جيش للبلاد أكبر من حرسه الرئاسي الذي يضم عدة آلاف من الرجال. يقول التحقيق إن الكيان الصهيوني كلف رجل الأعمال الصهيوني صامويل ستير فيلد للقيام بهذه المهمة، فتقرر زيارة العاصمة الإفريقية بونكي في يناير من سنة ,2009 لكن، وعلى حين غرة، حينما كان ستير فيلد يقوم بجولة في المصانع الرئيسية للأسلحة في إسرائيل، وصلت أنباء إلى وزارة الدفاع الصهيونية أن مواجهات اشتعلت في منطقة أنديل في إفريقيا الوسطى، الواقعة على الحدود مع السودان، تواجه فيها الجيش مع متمردين، وسقط خلالها قتلى وجرحى، كان لهذه الحادثة أثر سلبي على زيارة ستير فيلد إلى بونكّي، فألغيت الزيارة. يقول التحقيق إن فرانسوا بوزيزي، وخلال تلك الأحداث، أرسل وفدا عن بلاده إلى الكيان الصهيوني، لإبرام الصفقة، التي تتضمن مدرعات وأسلحة وأجهزة تنصت وتقنيات معلوماتية. الكيان الصهيوني تريث قليلا، لأنه يعرف أن الطريق إلى بونكّي يمر عبر باريس، لكن المفاجأة أن فرنسا لم تمانع في قيام علاقة من هذا النوع بين إسرائيل وإفريقيا الوسطى. يؤكد التحقيق أن الكيان الصهيوني كان يريد الدخول إلى إفريقيا الوسطى، وكانت هذه الأخيرة تريد التخلص من ثقل الوصاية الفرنسية بحكم الإرث الاستعماري. يقول التحقيق إن الاتفاق الصهيوني الفرنسي، سرّع من وتيرة إتمام الصفقة، تمت المناداة على ستير فيلد مجددا لإنجاز الصفقة، والتي سلّمت خلالها إسرائيل إلى إفريقيا الوسطى معدات وأجهزة وتقنيات عسكرية بدون أموال كبيرة، قبلتها الحكومة الإفريقية على الفور، إذ دفعت مقابل المال الخشب والماس. هذه الواقعة هي التي تفسر- يؤكد التحقيق- العلاقة القوية بين إسرائيل وإفريقيا الوسطى حاليا، ولو من الناحية الأمنية على الأقل. وكأن الباب فتح على مصراعيه، تنقل الصحيفة عن صحفي التحقيقات الصهيوني رينان بيرغمان، صحفي بإديعوت أحرنوت قوله إن العشرات من الشركات الأمنية التي يديرها ضباط متقاعدون من الجيش الصهيوني، تنشط في دول إفريقية، ويضيف أن الوجود الصهيوني في إفريقيا خاص، وأنه يرجع إلى بداية السبعينات من القرن الماضي، وبالضبط ما بعد حرب ,1973 حينها قرّر الموساد الصهيوني التواجد الدبلوماسي أو الأمني في دول إفريقيا، سواء عبر رجال الأعمال أو تجار السلاح. في كينيا وليبيريا والطوغو وحتى الكامرون- يضيف التحقيق على لسان ناعومي حزان- هناك المئات من العناصر الصهيونية التي توفر الأمن للقيادات السياسية وللنخب الحاكمة. ويكشف أنه ما إن أتت نهاية السبعينات حتى كان ثلث صادرات السلاح الصهيوني يباع لدول إفريقيا السوداء. بفضل تجارة السلاح والتدريب، تطورت علاقة الكيان الصهيوني بدول إفريقية، وفي هذا السياق أتت زيارة وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان إلى دول إفريقية في شتنبر من سنة ,2009 رسميا كانت الزيارة من أجل إبرام اتفاقيات زراعية، واقتراح تقديم مساعدات في مجال الماء، إفريقيا اليوم تعاني من الفقر والجفاف، وليس في حاجة إلى السلاح، يقول حاييم ديبون، المقرب من ليبرمان. لكن الزيارة تخفي أمورا أخرى، يكشف التحقيق أنه ضمن وفد ليبرمان كانت هناك وحدة من عناصر الموساد، ووحدة أخرى عن مؤسسات الصناعة العسكرية. حتى البلدان التي زراها ليبرمان يعد الأمن بالنسبة لها أولوية. نيجيريا الغنية بالبترول، تشكو من نزاعات مسلحة، ووارداتها من السلاح الإسرائيلي بلغت 500 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة، أما كينيا فتعاني من الإرهاب، وعرفت العديد من التفجيرات، والاتفاقية من أجل محاربة الإرهاب مع الكيان الصهيوني ماتزال قائمة. تبقى إثيوبيا وهي الحليف الاستراتيجي للكيان العبري في إفريقيا، أما في غينيا فإن إسرائيل تمارس أنشطة غير قانونية أحيانا، إنها غير بعيدة عن الانقلابات والتوترات.