نفى الأستاذ أحمد عصيد أن يكون هناك تطرف أمازيغي، واستعمل لغة متوازنة ومعتدلة بخصوص الموقف من اللغة العربية ومن السلطة السياسية نفسها، إذ اعتبر عصيد ، في حديثه يوم الإثنين 15 مارس 2010 لقناة الجزيرة، أن الخطاب الأمازيغي ليس له أي عداء مع اللغة العربية ولا مع السلطة السياسية، ولكن مناهضته هي لطمس الهوية الأمازيغية للشعب المغربي. وبغض النظر عن طريقته في الاستعارض التاريخي، والتي تعتمد الانتقاء في التعامل مع الوقائع التاريخية، فضلا عن التعسف في القراءة والتأويل، بغض النظر عن كل ذلك، فالرجل للإنصاف، عبر عن موقف متوازن من القضية الأمازيغية في علاقتها باللغة العربية والسلطة. لكن ما لا يسلم في حديثه، هو نفي وجود تطرف أمازيغي في الوقت الذي يعلم فيه السيد عصيد أن الأمر لا يتعلق بخطاب أمازيغي واحد، وإنما بخطابات متعددة، كما يعلم أن بعض الخطابات تنضح بالعديد من مظاهر التطرف، سواء في قراءتها للتاريخ وتصويرها الإسلام الذي دخل إلى المغرب مع الفاتحين باعتباره استعمارا أجهز على الهوية الأمازيغية، أو في مواقفها من اللغة العربية، والتي تذهب بعضها إلى درجة اعتبارها لغة المستعمر التي يجب مقاومتها، أو في البحث عن أصول للعلمانية في هوية الأمازيغ وتاريخهم كما يفعل عصيد نفسه في بعض مقالاته مستندا على الأعراف الأمازيغية، أو في النزعات العنصرية التي يعبر عنها البعض بكل وضوح حين يطالب العرب بالخروج من أرض الأمازيغ والعودة إلى الجزيرة العربية، أو في موقفهم من القضية الفلسطينية، إذ تذهب بعض الخطابات إلى أن الأمازيغ غير معنيين بهذا الصراع لأنه يخص العرب والإسرائيليين، ومن ثمة يهرول بعضهم إلى الكيان الصهيوني، ويمعن في التأسيس النفسي والثقافي والسياسي مع الكيان الصهيوني. هذه ملاحظة أولى، لكن، هناك ملاحظة أخرى أكثر أهمية وتتعلق بالمنطق الذي يتحدث به عصيد حين يقارب موضوع الأمازيغية في علاقته بالسلطة، فقد كتب قبل أيام في جريدة العالم الأمازيغي عن أخطر سيناريوهات الأمازيغية لسنة ,2012 ورسم خمسة معالم لهذا السيناريو في المستقبل القريب في حالة ما إذا تقرر ما يخالف ثوابت الأمازيغية في المنظومة التربوية، فذكر من ذلك : 1 نهاية التسوية السياسية التي تم التعاقد بشأنها بين الملكية والنخبة الأمازيغية التي تفاوضت من أجل وجود المعهد الملكي. 2 إنهاء التعاقد المبروم في 17 أكتوبر ,2001 وما يعنيه ذلك من عودة الأمازيغية إلى وضعية الطابو. 3 نزع المصداقية عن خطاب السلطة في المحافل الدولية وعلى المستوى الوطني. 4 التغيير الجذري لخطاب الأمازيغيين من الدفاع العقلاني عن حقوق الأمازيغيين إلى العداء المباشر وبالواضح للغة العربية واستهدافها باعتبارها لغة السلطة. 5 تذكية الصراع الصدامي الخطير داخل مكونات المجتمع. والواقع أن هذا المنطق الذي يتحدث به عصيد بخصوص الأمازيغية يشبه إلى حد كبير المنظور الذي تطرحه الحركة الإسلامية بخصوص الإدماج السياسي للإسلاميين، إذ تؤكد الحركة الإسلامية على أهمية الإدماج السياسي للحركة الإسلامية ودور ذلك في تعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال ومواجهة التطرف ومحاصرة الجماعات الراديكالية، لكن مع فارق كبير بين خطاب عصيد وخطاب الحركة الإسلامية، يتمثل في كون الحركة الإسلامية تعتبر نفسها معنية بمواجهة التطرف الإسلامي، في الوقت الذي ينكر فيه عصيد وجود أي تطرف أمازيغي ويحمل الدولة المسؤولية كاملة عما يمكن أن يؤول إليه عدم تسوية الموضوع الأمازيغي. أما وجه الخلاف الثاني، فيتمثل في تبني الحركة الإسلامية للمظلومية الأمازيغية ودفاعها عن مطالبها العادلة، وتحذيرها من النتائج الكارثية التي يمكن أن تترتب عن إقصائها وعدم تسوية موضوعها، في حين أن الأستاذ عصيد لا يرى نفس الطرح في التعامل مع الإسلاميين وأهمية إدماجهم في العملية السياسية ودور ذلك في محاصرة الغلو والتطرف.