لئن كان ينبغي الإقرار أن نموذج الجهوية في التدبير السياسي والإداري هو أحد إبداعات الدولة الحديثة إلا أنه ينبغي التأكيد أن المغرب يملك في تجربته التاريخية سياسيا وثقافيا رصيدا هائلا من اللامركزية ومشاركة السكان والقبائل في تدبير قضاياهم وشؤونهم إننا نعتبر أن الإرادة السياسية المتوفرة اليوم لإطلاق نظام جهوي فعال تستلزم إبداع نموذج مغربي للجهوية المتقدمة، يتجاوز بشكل عميق إخفاقات التجارب السابقة أو الحالية، وينفتح على التجارب العالمية الناجحة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، السيد الرئيس السادة أعضاء اللجنة المحترمين أيها الحضور الكريم يسعدني أن أتقدم بين أيديكم من خلال هذا العرض الموجز باسم حزب العدالة والتنمية بطرح رؤيتنا حول موضوع الجهوية الموسعة كما طلبتم منا ذلك في مراسلتكم. واسمحوا لي السيد الرئيس أن أبدأ بتهنئتكم وكذا أعضاء اللجنة على الثقة الغالية التي وضعها فيكم جلالة الملك حفظه الله حيث كلفكم بهذا الورش الاستراتجي ونحن على ثقة أن الكفاءة والنزاهة والجدية لدى أعضاء اللجنة ستكون عناصر نجاح لكم في مهمتكم كما أننا نسأل الله عز وجل أن يكلل أعمالكم بالتوفيق ويلهمكم الصواب وييسر لكم كل عسير. تأتي هذه المذكرة استجابة من حزب العدالة والتنمية للنداء الملكي الموجه إلى كل الفعاليات الوطنية للتعبئة والمشاركة في التشاور من أجل إخراج مشروع الجهوية المتقدمة الذي دعا إليه جلالته للتوجه حين أكد على ضرورة الانتقال بالمغرب إلى مرحلة متقدمة من الجهوية الموسعة تتناسب مع الخصوصيات الوطنية وتستفيد من التجارب العالمية وتتدرج في التنزيل . وتسعى هذه المذكرة إلى وضع التصور واقتراح التدابير القانونية والهيكلية والتنظيمية التي نرى أن بإمكانها أن نكون جميعا في مستوى تطلعات التصور الوارد في خطب جلالته للجهوية الموسعة، وبالتالي فإن ورش الجهوية هو ورش إصلاح ديمقراطي ومؤسساتي عميق وفرصة تاريخية لإنجاز التحول الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه، وفرصة للانتقال من جهوية ناشئة، إلى جهوية متقدمة، ذات جوهر ديمقراطي وتنموي. الإطار السياسي لمشروع الجهوية السيد الرئيس إننا في حزب العدالة والتنمية نرى أن هذه الفرصة التاريخية هي مناسبة كي يقطع المغرب مع جميع السلبيات التي عرفتها حياتنا السياسية منذ الاستقلال إلى اليوم ، ذلك أن الأربعين سنة التي قطعها المغرب بين استقلاله سنة 1956 والتصويت على دستور 1996 طبعها نزاع حول الحكم رجح اختيار منهج الضبط والتحكم لدى الدولة، مما أثر على المسار الديموقراطي ونتج عنه انتخابات مطعون فيها سياسيا ومجالس مهتزة واستعين بأحزاب كانت الإدارة وراء تأسيسها، أعطت نخبا ضعيفة وغير مبادرة ومجالس جماعية مشغولة في كثير من الأحيان بتحقيق مصالح ذاتية لأفرادها عوض الاهتمام بتنمية أقاليمها عارفة أن مستقبلها السياسي أكثر التصاقا بإرضاء الإدارة الوصية منه بإرضاء الناخبين مما وجه ضربات قاسية لثقة المواطنين في العملية الانتخابية خصوصا والحياة السياسية عموما. ونحن نعتقد في حزب العدالة والتنمية أن التصويت القريب من الإجماع الذي حظي به دستور 96 وما تلاه من تناوب توافقي وتولي جلالة الملك محمد السادس حكم المملكة والنزاهة النسبية لانتخابات ,2002 كانت كلها عوامل ايجابية مع ما رافق ذلك من تحولات على مستوى ملف حقوق الإنسان ومحاولة طي صفحة الماضي من خلال مسلسل الإنصاف والمصالحة أرجع الثقة إلى المواطنين وبدا وكأننا على أبواب انطلاقة ديمقراطية جديدة تصحح ترتيبنا بين الأمم لترفعنا إلى مصاف الأمم المتقدمة ديموقراطيا . لكن للأسف الشديد أعطت الأحداث الإرهابية 2003 المبررات للبعض من أجل الدعوة والعودة إلى منطق التدخل والتحكم في المشهد السياسي. ولئن كانت آثار هذا التدخل محدودة في الانتخابات التشريعية سنة 2007 فإن الكوارث التي عشناها في الانتخابات الجماعية ل2009 لتذكرنا فعلا بماضينا المضطرب خصوصا ما وقع في قضيتي انتخاب رئاسة بعض المدن ورئاسة بعض الجهات بل وبعض المؤسسات الوطنية. وهذه كلها عوامل شكلت نفسية المواطنين المقصودين بهذا المشروع الجديد، وإذ نشير إليها لنثير الانتباه إلى أن الشعب المغربي الذي لم يعد يصوت منه سوى الثلث تقريبا، وجزء منهم بدوافع غير ديمقراطية كالمال والخوف من البلطجة ، أصبح ينظر اليوم بتوجس إلى كل ما هو انتخابات وممثلين ومؤسسات وهيآت، ثم لنؤكد أن مشروع الجهوية الموسعة ينبغي أن يسهم في إعطاء إشارات قوية من الدولة في اتجاه إرجاع الثقة إلى المواطنين وتعبئتهم وضمان انخراطهم، لأن أي مشروع مهما كان جيدا إن لم يتعبأ له المواطنون وينخرطوا فيه فلن يكون له مستقبل معتبر ، ولا مجال لذلك إلا بوضع جميع الضمانات القانونية والمؤسساتية من أجل أن تتحقق الإرادة الملكية في أن تكون المجالس الجهوية المنتخبة مجالس ديمقراطية حقيقة ، لتصبح لسياسة الجهوية جاذبية أكبر، وتسترجع ثقة المواطنين وتستقطب النخب المؤهلة لتتصالح مع الشأن العام. المرتكز التاريخي للجهوية المتقدمة السيد الرئيس لئن كان ينبغي الإقرار أن نموذج الجهوية في التدبير السياسي والإداري هو أحد إبداعات الدولة الحديثة إلا أنه ينبغي التأكيد أن المغرب يملك في تجربته التاريخية سياسيا وثقافيا رصيدا هائلا من اللامركزية ومشاركة السكان والقبائل في تدبير قضاياهم وشؤونهم أعطى لكل مجموعة منهم ذاتية جماعية تمتلك قرار تدبير شؤونها وفرز مؤسسات تسييرها مع ولاء ديني وسياسي للمركز الذي اضطلع تاريخيا بمسؤوليات التحكيم والدفاع وضمان الاستقرار والتضامن والتعايش. ولذلك تنطلق رؤية نظرة حزب العدالة والتنمية من استحضار تلك التجربة التاريخية المغربية، والتي تمكنت من حفظ وحدة الدولة المغربية وصيانة سيادتها وضمان إشعاعها وتميزها في محيطها الإقليمي والعربي والإسلامي وذلك طيلة قرون متتالية، حيث عرف الدولة المغربية تدبيرا لا متمركزا، وهو النموذج الذي أتاح للجهات للسكان امتلاك قرار تدبير شؤونهم. إن نظام الجهوية الموسعة بهذا المعنى ليس غريبا عن الشعب المغربي، فهو استئناف لنمط مألوف في التدبير يضمن التوازن في علاقة المركز بالأطراف، ويسمح بتجاوز التحديات الناجمة عن المركزية المفرطة، كما أثبت فعاليته في الوحدة وضمان السيادة وتحقيق الاستقرار. عناصر فشل الجهوية الحالية السيد الرئيس لقد تعثرت سياسات اللامركزية في بلادنا، كما فشل اعتماد نظام فعال للاتمركز في إرساء الجهوية المنشودة، حيث كشفت مختلف عمليات التقييم للنظام الجهوي الحالي عن قصوره الكبير في تحقيق أهداف التنمية والديموقراطية المحلية. لقد بقيت الجهوية مجرد جهوية شكلية في بنيتها واختصاصاتها وعلاقاتها ومواردها، وهو ما أدى إلى تعميق الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الجهات بل وداخل الجهة الواحدة، وجعل منها جهات عاجزة عن تحقيق أهداف التنمية والفعالية الاقتصادية، بالرغم من الإرتقاء الدستوري بها إلى مستوى الجماعة المحلية، وهي وضعية تجعل من المجالس الجهوية الحالية غير مؤهلة للانطلاق منها من أجل بناء نظام الجهوية المنشود. وقد أصبحت الحاجة ملحة لإحداث نقلة مؤسساتية نحو جهوية موسعة حقيقية تستحضر تلك التجربة التاريخية وتستلهم التجارب الحديثة وتضمن مواجهة تحديات التنمية والديموقراطية في مغرب القرن الواحد والعشرين . أهداف النموذج الجهوي المنشود السيد الرئيس إننا نعتبر أن الإرادة السياسية المتوفرة اليوم لإطلاق نظام جهوي فعال تستلزم إبداع نموذج مغربي للجهوية المتقدمة، يتجاوز بشكل عميق إخفاقات التجارب السابقة أو الحالية، وينفتح على التجارب العالمية الناجحة، ويقدم تصورا لنموذج مميز للدولة المغربية في القرن الواحد والعشرين، يتيح لها الاستجابة للتحديات المتعاظمة داخليا وخارجيا، ويرفع من قدرتها على مواجهة التهديدات المتنامية. وبناءا عليه، ينبغي أن يحقق هذا النموذج أربعة أهداف كبرى: .1سياسيا : إرساء نظام ديموقراطي جهوي يعزز الديموقراطية الوطنية، ويضمن فرز مؤسسات جهوية منتخبة وقوية وذات اختصاصات فعلية، ويمثل مدخلا لإطلاق إصلاحات مؤسساتية مركزية جديدة وعميقة. .2 تنمويا : باعتماد نظام جهوي تنموي يمكن من تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وما تقتضيه من موارد وبرامج ودعم مركزي. .3ثقافيا : بدعم الخصوصيات الثقافية الجهوية والاعتراف بمساهمتها في النهضة الثقافية لبلادنا، ويعمق اندراجها في تعزيز الهوية المغربية وضمان الوحدة الوطنية. .4 إداريا : بتعميق مسلسل اللامركزية واللاتمركز، والانتقال به ليكتسب أبعادا اقتصادية وسياسية وثقافية وتنموية، ومع توفير شروط نظام حكامة قائمة على التشارك والقرب، وتحمل المواطنين للمسؤولية في جهاتهم لاتخاذ القرارات اللازمة لتدبير احتياجاتهم والاستجابة لتحديات محيطهم. شروط الجهوية السيد الرئيس إن النجاح في تحقيق الأهداف السابقة يستلزم احترام الشروط التالية: 1 وحدة الثوابت: فهي جهوية تقوم على الالتزام بمقدسات وثوابت ومقومات الدولة المغربية، والتي شكلت تاريخيا العامل الحاسم في سيادتها ووحدتها واستقرارها وإشعاعها والتضامن بين مكوناتها وجهاتها، وهي الإسلام، الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، والوحدة الوطنية، واللغة العربية ، والمذهب المالكي، بل وتشمل ما يحقق تعزيزها على المستوى الجهوي، كما تعمل في نفس الآن على تثمين وإعادة الاعتبار لمختلف مكونات الهوية الوطنية لغويا وثقافيا. 2 تعزيز السيادة: فهي جهوية تعزز قدرة الدولة على النهوض بمهامها في القطاعات الحيوية التي تجسد تلك الثوابت، والتي تتمثل في مجموع القطاعات الخاضعة للتدبير المركزي والتي لا يمكن تفويتها أي منها للجهات وهي الدفاع ، والعلاقات الخارجية، والشؤون الإسلامية والأوقاف، والقضاء، والأمن الوطني وقانون الأسرة والجنسية. 3 التدرج: بالانطلاق من مكتسبات وإيجابيات التجربة الجماعية المحلية الحالية والارتقاء بها إلى المستوى الجهوي، وهو ما يمثل تجسيدا للتدرج المطلوب لضمان نجاح هذا الورش الكبير 4 التنصيص الدستوري: عبر تحديد القواعد الناظمة لكل من اختصاصات الجهات، وهيئاتها في الوثيقة الدستورية، مع اعتماد قانون تنظيمي للجهات ينص على عددها وتكوين هيئاتها، واختصاصاتها وتنظيمها وطرق سيرها والعلاقة مع المركز. السيد الرئيس إن تصور حزب العدالة والتنمية للنظام الجهوي المنشود يقوم على تحديد الاختصاصات المطلوب تفويتها للجهات، والهيئات المنوط بها الاضطلاع بتلك الاختصاصات، والتقطيع الجهوي، ثم الموارد المالية للجهات. أولا: على مستوى الاختصاصات والعلاقة مع المركز إننا نعتبر أن التوجهات الكفيلة بتنزيل تلك الأهداف واحترام تلك الشروط تقتضي على مستوى الاختصاصات، 1 يرى حزب العدالة والتنمية أن تكون القاعدة التي تحكم تفويت القطاعات والاختصاصات إلى الجهة هو توفر شروط ضمان النجاعة والقرب فيما لا يتجاوز مدى تأثيره المجال الترابي للجهة. 2 إن القطاعات التي نرى تفويتها للجهات هي أساسا: على الصعيد الاجتماعي، التعليم والصحة والسكن والتضامن والتشغيل، وعلى الصعيد الاقتصادي، الفلاحة والصيد البحري والصناعة والسياحة والتجارة والاتصالات الحديثة والاستثمارات، وعلى صعيد البنيات التحتية التجهيز والتعمير وإعداد التراب والبيئة، وعلى الصعيد الثقافي والرياضي الثقافات المحلية واللغات الوطنية والتنمية الرياضة، بالإضافة إلى الإدارة المحلية. 3 تحتفظ الدولة بالتدخل في تلك القطاعات عبر سياسات وطنية لضمان الثوابت وتحقيق أهداف الانسجام والتكامل. 4 يمثل والي الجهة الدولة على مستوى الجهة. .5 تحتفظ الحكومة المركزية أيضا باختصاصات التوجيه والرقابة والتنسيق بين الجهات، وينبثق عن ذلك اختصاص وضع القواعد الضابطة للبرامج التعليمية وتدبير النظام الجبائي والتنسيق بين المخططات الجهوية وتوجيه الاستثمارات المركزية بما يحقق شروط التضامن ودعم الجهات. 6 يتم إقرار آلية للتشاور والإشراك مع الجهات فيما يخص العلاقات الخارجية ذات الأثر على القطاعات التي تم تفويتها للجهات. 7 تعتمد القطاعات الوزارية مخططات وسياسات وطنية تنبثق عن مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليه دستوريا، وتمثل تلك المخططات مرجعا بالنسبة للجهات في وضع مخططات قطاعية جهوية، وبالنسبة للحكومة المركزية في تخصيص الدعم المالي المركزي في إطار الميزانية العامة للدولة. 8 إحداث وازرة مختصة في الجهوية والجماعات المحلية. 9 تتم مراجعة اختصاصات الجماعات المحلية الأدنى (المجالس الإقليمية، الجماعات الحضرية والقروية) لتحقيق التناغم بين الاختصاصات وإزالة التعارض. ثانيا: الهيآت الجهوية 10 تشمل هيئات الجهة كلا من المجلس الجهوي، والرئيس، ومكتب الجهة. 11 ينتخب المجلس الجهوي بالاقتراع العام المباشر وفق نظام اللائحة والتمثيل النسبي في دورة واحدة وفق أكبر معدل مع عتبة انتخابية بنسبة 7 في المائة، لأن هذا النظام يساعد على : التنافس بين برامج انتخابية للنهوض بالجهات . ضمان تمثيلية الحساسيات والتوجهات الوازنة والمؤثرة على المستوى الجهوي دون أن يؤدي ذلك إلى البلقنة وإضعاف المجالس المنتخبة بسبب من وجود أغلبيات هشة وضعيفة. يحد من الإفساد الانتخابي الذي ارتبط بإعمال نظام الاقتراع الفردي أو عند الاكتفاء بكبار الناخبين لتحديد أعضاء مجالس الجهات ، والذي في حال اعتماده سيحكم بالفشل على مشروع الجهوية الموسعة. 12 تختص المجالس الجهوية بسلطات تقريرية في المجالات ووفق الكيفيات المحددة في الدستور والقانون التنظيمي للجهات، ولها أيضا صلاحية اقتراح التشريع في مجال القانون على البرلمان الوطني. 13 ويختص المجلس الجهوي حصريا بالمصادقة على مخطط التنمية الجهوية وعلى ميزانية الجهة والحساب الإداري والنظام الداخلي للمجلس الجهوي، والأمر باستخلاص الضرائب الجهوية ويتم تحديد تلك الاختصاصات تفصيليا في القانون التنظيمي للجهات. 14 يسير الجهة رئيس منتخب من قبل المجلس الجهوي. الرئيس مسؤول عن تنفيذ قرارات المجلس الجهوي، و يمثل الجهة أمام جميع المؤسسات الوطنية والقضائية، ويرأس مكتبا منتخبا من قبل المجلس الجهوي. 15 الرئيس هو الآمر بالصرف والمكلف بإحداث المناصب والوظائف ، ويعمل من خلال مصالح جهوية للقطاعات التي تم تفويتها للجهات، وتكون علاقته مع والي الجهة قائمة على التنسيق. ثالثا: التقطيع الجهوي 16 يراعي التقطيع الجهوي إنشاء جهات تضمن تحقيق أهداف التنمية والديموقراطية والانسجام المحلي ، مما يستلزم إبداعا يتجاوز الركون للصيغ ذات الأساس الأمني والإداري، فقد كشفت التجارب السابقة قصورها عن تحقيق التنمية لمجموع أطرافها، و تحولت إلى نوع جديد من المركزية خاصة في ظل ترامي أطراف بعض الجهات وتباين مكوناتها ونخبها، بما جعل المدن الكبرى تستأثر بالأهمية والموارد والبرامج على حساب التنمية المندمجة، فضلا عن محدودية قدرتها على مواجهة تهديدات وتحديات الوحدة والتضامن. 17 نعتبر في حزب العدالة والتنمية أن اعتماد عدد محدود من الجهات لا يمثل الخيار الأمثل لتحقيق جهوية ديموقراطية وتنموية ، ونرى عوضا عن ذلك اعتماد عدد موسع نسبيا من الجهات، وفق قواعد تنطلق من دمج المعطيات الجغرافية والثقافية مع المعطيات الاقتصادية والمجالية والديموغرافية والتوزيع العادل والمتوازن للموارد الطبيعية، وتتيح بناء نظام جهوي مرتكز على مدن بمثابة أقطاب، وأطراف تمثل المجال الحيوي والطبيعي لتلك الأقطاب، وتسمح بالتكامل والتنافس مع الجهات المحيطة ، مع نظام للتضامن من قبل الدولة لمصلحة الجهات الضعيفة. 18 ويمثل هذا التقطيع المقترح عنصرا لتقوية ديموقراطية القرب وتشجيع المبادرة المحلية وتجاوز تهميش بعض مكونات الجهات في نظام جهوي مقلص. 19 اعتماد التقطيع الجهوي بقانون، انسجما ومنطق الجهوية الموسعة. رابعا: المالية الجهوية 20 بخصوص المالية الجهوية ينبغي التأكيد على تمتع الجهات بالاستقلال المالي وما يتطلبه من وجود موارد محددة وخاصة، وتشمل هذه الموارد : الضرائب الجهوية، وعائدات الممتلكات الجهوية نسبة 30 في المائة من الضرائب الوطنية المحصلة على مستوى الجهة باستثناء الضريبة على الدخل بالنسبة لموظفي الدولة والجيش. الموارد المخصصة في إطار التضامن بين الجهات . 21 تبقى للجهات سلطة إبرام الصفقات واتفاقيات القروض والتشاور معها بخصوص الاستثمارات الكبرى المنفذة على مستوى الجهة. خامسا: الأقاليم الصحراوية تتمتع الأقاليم الصحراوية في إطار هذه الجهوية الموسعة بنفس الوضعية في النظام الجهوي المقترح، مع صلاحيات إضافية ومقتضيات خاصة تنسجم مع خصوصيات المنطقة في انتظار الحل النهائي. الشروط المواكبة السيد الرئيس إن نجاح ورش الجهوية المتقدمة يقتضي جملة شروط مواكبة، أهمها: التعامل معه بكل شفافية وديمقراطية، يختار فيها المواطنون بكل حرية من يسير شؤونهم الجهوية، ويفضي إلى إطلاق مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجهات، كما يعزز مصداقية المقترح المغربي لتسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية، كما يقتضي تعزيز الثقة والاعتماد على ذوي الكفاءة من أبناء الوطن. إرادة سياسية تقطع نهائيا مع أساليب التدبير السياسي السابق المتسمة بالتحكمية، ومن ضمانات قانونية ومؤسساتية لشفافية والحياد الكامل للدولة وفق قوانين تضمن عدم البلقنة وتضمن وصول الأكثر كفاءة من أبناء الجهات وتجعل الساكنة الحكم تقييم أدائهم ، وكذا في اختيار رؤساء المجالس الذين يجب أن تتخذ كافة الاحتياطات حتى لا يصبحوا رهينة تجار وسماسرة الانتخابات. إن التحدي الحقيقي في الجهوية الموسعة ليس هو الاقتصاد على أهميته ولا التقطيع الجهوي ولا أي واحد من العوامل التي تحدثنا عنها إنما هي الديمقراطية أولا. وإن أي تدخل بأي شكل كان مستقبلا للدولة في العملية الديمقراطية سيقضي على البقية الباقية من الثقة التي تتمتع بها الدولة لا قدر الله، وسيكون بالتالي مآل هذا المشروع هو الفشل، وهو المصير الذي لا نريده لمشروع حمل آمال عريضة في إحداث النهضة والخروج من التخلف. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته العناوين أدرجتها "التجديد"