كانت لكم لقاءات مع الفرق البرلمانية من أجل التنبيه على خطورة التعديلات التي عرفها مشروع القانون المحدث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بمجلس المستشارين، ما هي الخلاصات التي توصلتم إليها في هذا الصدد؟ للأسف الشديد، بخصوص الطريقة التي تم بها التعامل مع مشروع داخل الغرفة الثانية، بالرغم من أننا وضعنا المذكرة التقديمية حول التعديلات التي نطرحها، بالإضافة إلى تعليلاتها وحيثياتها، فإن ما سجلناه يتمثل في: أولا، الإسراع في التعاطي مع هذا الموضوع، خاصة وأنه تزامن عرضه على أنظار مجلس المستشارين مع قانون المالية، ولم نكن نتوقع أن يتم الحسم فيه بالسرعة التي تم بها، خاصة وأن الحكومة لم ترفق هذا المشروع برسالة تقديمية، كما هو الشأن بالنسبة للقوانين التي ترتئي الحكومة التعجيل بها، لكن الديباجة لا زالت تنقصها الكثير من القضايا التي كان يجب أن تتضمنها، لتوضح الفلسفة المؤسسة لهذه المؤسسة الدستورية وكذا بعض القضايا الكبرى التي يتوخى المجلس التعاطي معها؛ سواء من حيث تركيبته أو آفاق عمله، والتي لا يمكن تقنينها في مواد ضمن القانون، مثل قضايا تمثيل المرأة، فيستحسن أن تتضمن الديباجة مثل هذه القضايا. ثانيا، إذا ما استثنينا التنصيص على استقلالية المجلس عن الحكومة والبرلمان، والتي أضافها مجلس المستشارين، فالقضية الكبرى التي نعتبرها تراجعا عن المشروع كما جاءت به الحكومة هو التعديل الذي طال المادة ,10 التي كانت تنص على أن رئيس المجلس يرفع تقريرا سنويا حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية، وتقرير آخر حول أنشطة المجلس، فمجلس المستشارين حذف التنصيص على إعداد تقرير حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية، مع العلم أن روح المجالس الاقتصادية هو هذا التقرير الذي تعده وترفعه إلى الهيئات العليا. ما هي خلفيات وآثار هذا التعديل على فعالية وأداء المجلس؟ الخلفيات حسب الشروحات التي أعطيت لنا، هي أن ثمة هيئات أخرى يتوفر عليها المغرب ترفع تقارير سنوية لجلالة الملك، وبالتالي لا داعي لأن نضيف تقريرا آخر، لأنه قد يحول المجلس إلى مجرد مكتب للدراسات، وكان ردنا كالآتي: أولا، أن هذا التقرير الذي سيرفع من قلب المجلس الاقتصادي إلى جلالة الملك هو مختلف من حيث طبيعة الفاعلين في هذا المجلس، ومن حيث المقاربة والرؤية، وحيث أن تقرير بنك المغرب يتناول الجانب المصرفي، وأن تقرير المندوبية السامية للتخطيط هو إحصائي، فإن تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي سينبه الحكومة والدولة ككل إلى النقط السوداء في المجال الاجتماعي، والمخاطر التي قد تؤثر على التوازن المجتمعي العام، ناهيك عن أن هذا التقرير لابد وأن تعتمد عليه الدولة في إعداد قانون المالية، أكثر من هذا، فالدولة المغربية ملزمة برفع تقرير سنوي حول الحالة الاجتماعية والاقتصادية إلى الأممالمتحدة، ثم هو ملزم برفع تقرير إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأوربي بعدما حصلت بلادنا على موقع الوضع المتميز. وهي وثيقة سيطبعها التميز والمصداقية، بالنظر إلى طبيعة الفاعلين ومصداقيتهم من جهة، ومن جهة أخرى أن المجلس يتمتع بالاستقلالية، وبالتالي سيتميز تقريره بالمصداقية. فالمجلس ليس هو الحكومة وليس هو المندوبية السامية للتخطيط أو غيرها من المؤسسات الرسمية. أكثر من هذا أن الاتحاد الأوربي في مستقبل تعامله مع المنطقة الجنوبية، يتوخى أن تصبح المجالس الاقتصادية والاجتماعية هي أداة المراقبة لمتابعة التعاون التنموي ومراقبة الاعتمادات المالية التي يخصصها لدول الجنوب. هذه إذن هي الحيثيات التي دفعتنا للقاء الفرق البرلمانية في مجلس النواب من أجل إخراج قانون يجعل المجلس الاقتصادي والاجتماعي فعالا وذي اختصاصات حقيقية. التعديلات التي أشرت إليها، وكذا التسرع في تمرير مشروع القانون من مجلس المستشارين، ونوعية التركيبة والاختصاصات الممنوحة له في مشروع القانون، ماذا يعني هذا بالنسبة لكم؟ يصعب علينا الآن الحسم في الصورة النهائية التي سيكون عليها المجلس، ولنا آمال في أن يراجع مجلس النواب التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون كما جاءت به الحكومة، والتي فيها نقص أو غير دستورية، بالإضافة إلى قضية التمثيلية التي نأمل أن ترفع تمثيلية المجتمع المدني من 16 إلى 24 عضوا، بالإضافة إلى إيجاد صيغة لتمثيل الحساسيات التي لا أصوات لها أو صيغة للتعاون معها، كما هو حاصل في فرنسا، فتجميع 500 ألف توقيع كاف لأن يتم طرح أي قضية على المجلس لمناقشتها، الأمل مفتوح على أن النص ليس نهائيا بعد، ونحن نريد تعديلات في هذا الاتجاه، حتى يصبح المجلس ثلاثي التركيبة: الحكومة والبرلمان أغلبية ومعارضة، وخبراء يمثلون المجتمع المدني المغربي، بالطبع ما لا نريده هو أن لا يتم تعديل المادة ,10 ولكن من خلال الجلسات التي التقينا فيها مع فرق الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب، يتأكد لنا أن هذه المادة سيتم تعديلها في مجلس النواب، وفي العموم فإن معرفة تبني رأي محدد ستظهر حين يخرج القانون في شكله النهائي.