يتأسف المناضل والفاعل الجمعوي كمال لحبيب على عدم إشراك منظمات المجتمع المدني بالشكل الواسع والكافي خلال إعداد مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويعتبر أن عدم استشارة التنظيمات والهيآت المدنية الفاعلة التي يعنيها بشكل مباشر تفعيل هذه المؤسسة الدستورية المهمة يعتبر خسارة، بالنظر لما يمكن أن تحققه آراؤها من قيمة مضافة. كما يرى أن إخراج نص القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالشكل الذي أحيل على البرلمان سيكون ولادة غير مكتملة لهذا الإطار الاستشاري الذي دام انتظاره زهاء عشرين سنة. في ما يلي حوار مع الأستاذ كمال لحبيب الكاتب العام لمنتدى بدائل المغرب حول هذا الموضوع الراهن، وحول عدد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية المرتبطة به. صوت مجلس المستشارين بالإجماع على مشروع القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. وقد أحيل هذا النص المهم على مجلس النواب من أجل البت النهائي فيه خلال الدورة الخريفية الحالية. كيف تنظرون لهذا الإطار القانوني من منظوركم كفاعل جمعوي وكمناضل حقوقي؟ إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يكتسي أهمية خاصة بالنسبة إلينا في المغرب خلافا لما هو عليه في بلدان أخرى، وذلك لاعتبارات متعددة. أولا: لأنه إطار دستوري وطبيعته بالتالي تختلف عن باقي المؤسسات الاستشارية المتعددة والبعض منها لا يعلم المواطن حتى وجودها. ثانيا: يكتسي أهمية خاصة بحكم اختصاصه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية من ظروف اجتماعية جد خطيرة بحكم الخيارات الاقتصادية والاجتماعية المهيمنة على العالم. وهذه الخيارات ازدادت خطورة تأثيراتها السلبية على المواطنين الضعفاء بعد الأزمة المالية التي عرفتها الدول الغنية من تدهور للقدرة الشرائية للدخل البسيط والضعيف، ومن ازدياد من نسبة البطالة، ومن إغلاق عدة معامل وتسريح للعمال، ومن تجريم للحركات الاجتماعية وتخريب ممنهج للموارد الطبيعية والبيئية. أملنا أن يكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤسسة للتوازنات المرتبطة بالسياسات العمومية التي تخضع لتوجهات المؤسسات الدولية والرأسمال الأجنبي، وأن يكون بمثابة آلية لاحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في ظروف أميل إلى انتهاكها. ثالثا: لأنه مؤسسة استشارية، وبالتالي لن تكون خاضعة للحسابات السياسية الضيقة وّأن تراعي المصلحة العامة للمواطنين والمواطنات ومصلحة البلاد، انطلاقا من الالتزامات الدولية التي أخذها المغرب على عاتقه، وبالخصوص التوقيع على الميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية ((PIDESE ، وهذا يعني أن من مهام المجلس الوقوف على احترام الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في السكن اللائق والحق في الكرامة والمواطنة..... رابعا: أملنا أن يكون هذا المجلس مناسبة لانسجام السياسات العمومية وبالتالي إلى الحد من نزيف الكفاءات والموارد المالية في بعض المجالس التي لا تقوم بأي دور يذكر. خامسا: إن المجلس بحكم طبيعته الاستشارية وبحكم اختصاصاته، هو إطار من المفروض أن يراعي مبدأ الإدماج لا سيما في ظروف سياسية للبلاد تعرف أزمة خطيرة للمشاركة السياسية، إن المجلس بإدماجه للفئات غير الممثلة في الغرفة الأولى والغرفة الثانية من البرلمان، أو غير الممثلة في المجالس الدستورية الأخرى، يمكنه أن يعيد الثقة في المؤسسات ويساهم في إشراك من لا خبر له أو ليست له ما يطلق عليه بمصطلح «التنظيمات الأكثر تمثيلية»، إذ لا داعي لإعادة تمثيل هذه التنظيمات وهي موجودة في الغرفة الثانية ويمكنها من موقعها أن تتفاعل مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي من موقعها داخل الغرفة الثانية، هذا على أن هناك مؤسسات لا تمثل إلا بعض الأعيان. إننا نعتبر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يمكنه أن يدمج حتى الفئات غير المنظمة أو الخاضعة لتنظيم آني باللجوء إلى أسلوب العريضة الموقعة من طرف عدد معين من المواطنين والمواطنات (العدد يحدده القانون) لحث المجلس على دراسة قانون أو وضعية اجتماعية معينة، وهذا أمر انتبهت إليه فرنسا مثلا، وإن كانت فرنسا لا تعرف الأزمة التي تعرفها الديمقراطية التمثيلية في المغرب. لهذه الأسباب أعرنا اهتماما خاصا لهذا الإطار القانوني في أفق احترام والوقوف على احترام ما نعتبره أولية في المرحلة الراهنة، أي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين والمواطنات، للوقوف والحد من تجريم الحركات الاجتماعية التي من حقها ومن واجبها أن تنتفض ضد السياسات التي تؤدي إلى التدهور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، ولأنه إطار بإمكانه إدماج الفئات والتنظيمات المهمشة بحكم مشاركة سياسية ضعيفة وخاضعة لتأثيرات المال ونفوذ الأعيان. كنتم في منتدى بدائل المغرب من الإطارات الجمعوية السباقة إلى تنظيم ندوة حول إجراءات تأسيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي المغربي خلال شهر نونبر الماضي. ما هي أهم الخلاصات التي توصلتم إليها في هذه الندوة؟ فعلا نظم منتدى بدائل المغرب ندوة أيام 13 و14 نونبر 2009 حول المجلس الاقتصادي والاجتماعي واشتغلنا حول المشروع منذ أزيد من 6 أشهر وكان بودنا أن نرافع من أجل إخراج المجلس إلى حيز الوجود، إلا أننا فوجئنا بإصدار مشروع قانون من طرف الحكومة دون فتح أي نقاش عمومي حول المشروع على ضوء التجارب الدولية وأساسا المغربية وعرفت الندوة إقبالا كبيرا، إذ شارك فيها ما يقرب من 250 ممثلا وممثلة عن الجمعيات، وباحثين، ونقابيين، وأعضاء من المجالس المغاربية والأوروبية. إذ أن مقاربتنا تخضع دائما إلى وضع الإشكاليات السياسية والاجتماعية والثقافية في بعدها المغاربي والدولي. وقد تمحورت أهم الخلاصات حول المؤسسة الاستشارية وحول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. فيما يخص المؤسسة خلصت الندوة إلى عدة نقط أهمها: 1- سجل الجميع إيجابية المبادرة التي قطعت مع ما يزيد عن 17 سنة من الخلل الدستوري. 2- لاحظ المشاركون والمشاركات أن الحكومة على عكس الخطابات الرسمية لنهج سياسات تشاركية لم تلجأ إلى نقاش قبلي وتشاوري لوضع قانون يتلاءم مع تطلعات المواطنين والمواطنات. 3 - لا يمكن وضع آلية من هذا الحجم دون ديباجة تضع الفلسفة التي تحكمها ودون وذكر السياق الذي تولد فيه والرؤية التي تؤطرها والأهداف المتوخى تحقيقها، وبالتالي علينا العمل على اقتراح ديباجة لمشروع القانون تراعي انتظارات المجتمع المدني من هذه المؤسسة. 4 - إعطاء الصلاحيات للهيآت النقابية لتعيين (أو انتخاب ممثليها). 5 - توسيع تمثيلية المؤسسات والهيآت التي لا تخضع لمقياس الأكثر تمثلية. 6 - وضع آليات ومقاييس واضحة لتمثيلية المجتمع المدني، لا سيما في غياب إطار تمثيلي لهذه الفئة وتوسيع تمثيليته داخل المجلس بما يضمن مشاركة كل مجالات الاشتغال. 7 - أخذ تمثيلية النساء والشباب بعين الاعتبار. 8 - التنصيص الواضح على تمثيلية الجمعيات الحقوقية (بما في ذلك النساء وحقوق المهاجرين) 9 - التنصيص الواضح على استقلالية المجلس عن أي طرف. 10- التنصيص الواضح على الحق في الولوج إلى المعلومات. 11- إلزامية نشر ليس فقط التقارير والتوصيات، ولكن كذلك النقاش الدائر داخل المجلس وكذا المذكرات التي يتلقاها من الجهات التي يطلب منها، وضمان علنية الجلسات العامة. 12- فتح المجال لمن لا تمثيلية له ولا خبر له عن طريق العريضة . هذا فيما يخص مشروع القانون التنظيمي المؤطر للمؤسسة، أما في ما يتعلق بالمحور الثاني فقد خلصنا إلى : 1 - العمل على جعل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية من أولويات العمل المدني؛ 2 - الدفع في اتجاه خلق أقطاب نقابية تتجاوز الخلافات التنظيمية غير المستوعبة وغير المفهومة من طرف المواطنين؛ 3 - إحداث لجنة للمتابعة تعمل على وضع الأسس لخلق «شبكة جمعوية ومدنية من أجل النهوض واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية»؛ 4 - الاشتغال على آليات التقارير الموازية في المجال؛ 5 - الاهتمام بالعمل الميداني عن قرب وفتح آليات للتنسيق والتعاون مع الهيآت المحلية في أفق خلق بؤر لبدائل تنموية تراعي احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ 6 - إدراج إشكالات الهجرة ضمن الاهتمامات، بما في ذلك هجرة الأفارقة وما يترتب عنها من مشاكل جديدة (العنصرية. حق اللجوء......)؛ 7- فتح فضاءات للحوار والتشاور فيما يخص إعادة ترتيب الحق الجمعوي وإعطائه دفعة جديدة ونوعية من أجل تطوير وتقوية ليس فقط دوره كآلية للمراقبة ولكن أيضا كآلية قوية للاقتراح والفعل البديل على أرض الواقع وتطوير النقاش حول «:المجلس الوطني للحياة الجمعوية».. تشتغلون على وضع أسس شبكة جمعوية للدفاع عن الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والبيئية والنهوض بها، أين وصلتم في هذا المشروع المدني المهم؟ وكيف تتصورون مساهمته في التكامل مع المؤسسات، ومن صمنها المجلس الاقتصادي الاجتماعي، من أجل تحصين الفئات الهشة من آثار الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة؟ نحن بصدد التشاور من أجل خلق لجنة لتنظيم منتدى واسع لفتح النقاش ووضع الآليات حول هذا المشروع فيما يخص الشبكة. ومع الأسف لم نتقدم منذ الندوة لأسباب متعددة أساسا مرتبطة بالانشغالات الكثيرة. علينا أن نتتبع المذكرة التي قدمناها للغرفة الأولى والثانية من البرلمان، وكذا للحكومة، وأن نتابع المرافعة في الموضوع، هذا إلى جانب كل الانشغالات الأخرى التي كانت مبرمجة عندنا في الجمعية. وأظن أن المشاركين والمشاركات وضعوا فينا الثقة لكي نضع أسسا سليمة لتشكيل هذه الشبكة بما يراعي مشاركة كل الفاعلين في مختلف مجالات اشتغال المجتمع المدني، وهذا أمر ليس بالسهل نظرا للاختلافات في الثقافة والمرجعيات. ونأمل أن نشرع في مسلسل التأسيس بعد المنتدى الاجتماعي الذي سننظمه في مدينة الجديدة في أواخر يناير بمناسبة الذكرى العاشرة للمنتدى الاجتماعي الدولي. أكيد أن المجلس بالرغم من أهمية التعديل الوحيد الذي أدخل عليه بالتنصيص على استقلاليته، سيكون خاضعا للتوازنات والمرجعيات المختلفة، وستكون استقلاليته نسبية. ولهذا فدور الشبكة سيكون أساسيا لتذكير المجلس بمسؤوليته، لتصحيح أو إخراج بعض المعلومات حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمرافعة من أجل الأخذ بعين الاعتبار التوصيات الإيجابية للمجلس ومن أجل إصدار تقارير موازية لإغناء النقاش والدفع في اتجاه قرارات تقدم مصلحة الفئات المهمشة واحترام الحقوق. وستقوم الشبكة حسب وجهة نظرنا بالمهام التي عليها أن تقوم بها من خلال فضح كل مساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية واقتراح مناهج وقوانين وإجراءات تتماشى مع احترام هذه الحقوق، وكذلك إصدار تقارير ليطلع عليها الرأي العام، والعمل على التشاور والتفاعل مع المؤسسات ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية (وأساسا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي هو كذلك ينوي وضع مخطط للدفاع عن هذه الحقوق، المجلس الاستشاري للجالية المغربية بالخارج، المجلس الأعلى للتعليم إذا احتفظ به....) تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي جاء بعد حوالي عشرين سنة من الانتظار. ما هو تحليلك لظرفية هذا التفعيل؟ وما هي الأدوار التي يمكن أن يلعبها المجتمع المدني من أجل أن يكون هذا التفعيل في اتجاه الإصلاح المؤسساتي، وفي اتجاه حماية المجتمع؟ نحن في منتدى بدائل المغرب لا نرغب في المشاركة داخل المجلس، ونظن أن الأفراد الذين سيتم اختيارهم لا يمكن أن يمثلوا كل غنى وتنوع المجتمع المدني وبالتالي علينا أن ننظم أنفسنا، وأن نساهم بقدر الإمكانيات المتاحة لنا لكي نواكب عمل المجلس ولكي يكون مؤسسة فاعلة وذات قوة اقتراحية وأن لا يكون مكتبا للدراسات (كما هو الأمر عليه في الجزائر) أو مؤسسة دون تأثير يذكر (كما هو الأمر عليه في تونس) أو كمؤسسة مجمدة (كما هو الأمر عليه في موريتانيا). ونأمل أن نكون في خندق واحد مع المجلس لمواجهة التحديات المتعلقة باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ولهذا فإن اعتماد الاقتراحات التي خلصت إليها الأيام الدراسية والتي وجهت إلى البرلمان ستكون بمثابة مؤشر على مصداقية هذه المؤسسة. إن مجلس المستشارين لم يعر أي اهتمام لاقتراحاتنا وصوت بالإجماع على المقترحات الطفيفة (إذا استثينا التنصيص على استقلالية المجلس عن الحكومة)، مما يدل على أن هذا المجلس يريد أن يسرع في وضع القانون وإن على حساب مصداقيته وفعاليته. ولهذا إذا لم يقع أي تغيير يذكر من طرف مجلس النواب سنكون أمام مجلس يفتقد إلى الصلاحيات والتشكيلة التي تفرضها عليه الوضعية الاجتماعية للبلاد. كيف ما كان الأمر سنستمر في عملنا، ونضالنا في الدفاع عن الحق، وفي الدفاع عن الضعفاء والمهمشين، وذلك انطلاقا من التزامات المغرب الدولية، ومما أفرزته النضالات الدولية من مواثيق تضمن الحقوق السياسية والمدنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. نود خدمة مصلحة البلاد، ونعتبر أننا انتظرنا طويلا لكي لا تولد مؤسسة شكلية يتم إخراجها، بهذه الطريقة، إلى حيز الوجود في ظروف اجتماعية واقتصادية متأزمة. نتمنى أن يكون إنشاء المجلس جوابا عن هذه الأزمة التي واكبتها انتفاضات أحيانا عنيفة (إفني، صفرو) وظهور حركات جديدة (حركات المعطلين، التنسيقيات ضد غلاء المعيشة، حركات بيئية، حركة النساء السلاليات، حركات الدفاع عن الأطفال، حركات ضد العنف ضد النساء ومن أجل الكرامة، انفجار للمدونين على الأنترنيت......) وبالرغم من السياسات الحكومية الرامية إلى القضاء على التهميش والفقر، الملاحظ أن النتيجة غير مرضية وأن نسبة الأمية لازالت مرتفعة، وأن عدد الفئات المهمشة لازال مرتفعا، وهذا الأمر يزداد تفاقما مع الأزمة المالية وأن الأغنياء يريدون أن نسدد معهم فاتورة ما أتلفوه في تدبيرهم للشأن العام وجشعهم الذي لا حد ولا حدود له. أنتم من أكثر الداعين إلى الديموقراطية التشاركية، باعتبارها إمكانية بديلة تسمح بمساهمة المواطنين والسكان في صنع السياسات والمشاركة في التدبير. كيف تتصورون مساهمة المجلس الاقتصادي الاجتماعي، باعتباره مؤسسة استشارية، في إنضاج شروط تحقق هذا المطلب الديموقراطي التشاركي؟ إن السلطة المركزية لا يمكنها ولا يحق لها مواجهة تجليات الدفاع عن الحقوق بالعنف وعليها إيجاد حلول ناجعة من أجل احترام الحق في السكن اللائق، والحق في العلاج، والحق في التعليم والحق في الكرامة. ومن المفروض أن يقوم المجلس باقتراحات تمشي في هذا الاتجاه، باقتراحات للتوزيع العادل للثروات.... وطبعا، أظن أننا كطرف في المجتمع المدني، سنعمل على تقوية هذا الاتجاه إذا وجد، وسنعمل على الدفع في اتجاهه كان غائبا، وهذا يستدعي إعادة النظر في عدة مؤسسات، بما في ذلك مجلس المستشارين، وجعل هذا المجلس آلية مؤسساتية لانسجام السياسات الحكومية في المجال الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والبيئي. وما أظن شخصيا أن للمجلس دورا في إنضاج شروط تحقق الديمقراطية التشاركية. أولا: لأن هذا المجلس لم يولد على أسس تشاركية وديمقراطية، فمشروع قانونه التنظيمي اقترح على البرلمان دون تشاور، وتشكيلته ستكون بالتعيين، ونعرف أن التعيين ليس أسلوبا ديمقراطيا خاصة حينما تتوفر شروط التمثيلية الديمقراطية،. ثانيا: ليس من مهامه أن يضع أسسا جديدة للتدبير السياسي، علما بأن الاقتراحات التي تتقدم بها بخصوص الديمقراطية التشاركية هو جواب لما تعيشه الديمقراطية التمثيلية، وهو جواب كذلك لأزمة ثقة في المؤسسات ، وفي الأحزاب. إننا نعتبر في منتدى بدائل المغرب أن علينا أن نساهم في إعادة الثقة في العمل السياسي الحزبي وتقوية الأحزاب السياسية والديمقراطية واليسارية منها على وجه الخصوص، لأننا نعتبر أن نهج الديمقراطية التشاركية الذي ليس هو بديلا عن الديمقراطية التمثيلية لا يمكن أن يتحقق إلا من طرف هذه الأحزاب على أساس تبني الديمقراطية كفكر وكنهج، وبالتالي بالتقرب من مشاكل الناس وإشراكهم في القرار والتنفيذ والتقييم. وانطلاقا من هذه المقاربة نظمنا بمراكش منتدى المنتخبين المحليين تحت شعار«من أجل تسيير محلي ديمقراطي وتشاركي» شارك فيه ما يقرب من 300 مشارك ومشاركة من 75 جماعة وما يقرب من 70 جمعية تعمل في المجال التنموي المحلي ومسؤولون سابقون على التدبير المحلي، وسنعمل على تطوير هذه المبادرة على أرض الواقع وتفعيل تجارب للتدبير التشاركي الديمقراطي.