لحسن بنساسي قررت نقابات وجمعيات مهنية بقطاع النقل أخيراً خوض إضراب عام لمدة 5 أيام احتجاجا على مشروع القانون رقم 05.52 المتعلق بمدونة السير على الطرق كما صادق عليه مجلس النواب بتاريخ 19 يناير الماضي والذي شرعت لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين في مناقشته بعدما أحيل على مكتب هذا الأخير يوم 20 يناير المنصرم. ويمكن القول أن هذا المشروع قد ضرب الرقم القياسي من حيث اللقاءات الدراسية التي عقدت بشأنه من طرف الفرق النيابية أغلبية ومعارضة مباشرة بعد إحالته على مجلس النواب خلال الولاية التشريعية السابقة. كما كان هذا المشروع موضوع مشاورات واسعة مع مختلف الفعاليات المهنية بقطاع النقل على الطرق تم التوصل خلالها إلى إدخال تعديلات جوهرية على المشروع شملت أكثر من ثمانين مادة تم التوافق بشأنها. وبعد تثبيته من طرف الحكومة خلال الولاية التشريعية الثامنة الحالية في أوائل شهر ماي الماضي شرعت لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب في مناقشته حيث استغرقت المناقشة الوقت الكافي واللازم لتعميق النقاش تمكنت خلالها الفرق النيابية أغلبية ومعارضة من تقديم وجهات نظرها بخصوص مواد المشروع وبلورتها في شكل تعديلات استهدفت إغناء المشروع وتجاوز الصعوبات المطروحة ومعالجة بعض القضايا الشائكة قبلت الحكومة جل التعديلات المقدمة في إطار من التوافق. وهذا يعني أن مجلس النواب مارس حقه الدستوري على مستوى التشريع بخصوص مشروع القانون سالف الذكر من حيث إصلاح مقتضيات النص كما جاءت به الحكومة للمساهمة في تحسينه وإغنائه. وفي الوقت الذي شرع فيه مجلس المستشارين في ممارسة مهامه الدستورية في التشريع بمناقشة مشروع القانون المتعلق بمدونة السير على الطرق على مستوى اللجنة البرلمانية المختصة، قامت بعض النقابات والجمعيات المهنية بقطاع النقل الطرقي بالإعلان عن حقها في الإضراب ضد ممارسة التشريع من طرف المؤسسة التشريعية في الوقت الذي تقتضي فيه اللعبة الديمقراطية والأعراف الديمقراطية من هذه النقابات والجمعيات المهنية القيام بدورها كجماعات الضغط أو من خلال ممثليها بالبرلمان من أجراء وغرف مهنية أو عبر التواصل بمختلف الفرق النيابية من أجل الدفاع عن مصالحها وضمان تحسين المشروع بواسطة التعديلات المقدمة على النص المقترح في إطار حوار مثمر وبناء مع جميع مكونات البرلمان بدل الحكومة، مادام مشروع القانون معروضا على مجلس المستشارين كما صادق عليه مجلس النواب، وبالتالي يستحيل على الحكومة سحبه مما يجعل مكونات البرلمان المخاطب الكفيل بإعادة النظر في مضامين المشروع من خلال التعديلات المقترحة بتعاون مع الحكومة بما يضمن للنص التشريعي قوته القانونية ومناعته ووظيفته الاجتماعية وتحقيق الأهداف المتوخاة منه. وهذا يعني أن إصلاح التشريع وتحسينه يجب أن يظل في منأى عن المزايدات السياسية والضغوطات الشخصية والمصلحة الذاتية، بما في ذلك اللجوء الى الإضراب كحق مشروع يجب استعماله في الأوجه التي يقتضيها الدفاع عن المصالح المشروعة دون المس بالمصلحة العامة وحقوق الغير مادامت اللعبة الديمقراطية ببلادنا مفتوحة تسمح لمختلف مكوناتها بأن تمارس وظائفها وتقوم بالدور الموكول إليها بكامل الحرية مادامت تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية وفقا للقوانين الجاري بها العمل والأعراف الديمقراطية المعمول بها، بعدما حققت بلادنا مكتسبات مهمة في المجال الديمقراطي وحقوق الإنسان والحريات العامة وتوسيع قاعدتها ونطاقها لما فيه تعزيز دولة المؤسسات والحق والقانون، وهي مكتسبات ينبغي صيانتها وتحصينها وتقويتها من أي انزلاق أو سوء الاستعمال أو الاستغلال المفرط الذي من شأنه المس بقواعد اللعبة الديمقراطية