في تصريح له ل"التجديد"، تساءل أحد النقاد المغاربة فضل عدم ذكر اسمه، عن جدوى تنظيم مهرجان سينمائي دولي بمراكش (قدرت ميزانيته ب80مليون درهم)؛ الذي يغلب عليه حسب قوله الاحتفالية والاستجمام، وكان الأولى أن يكون فضاء سينمائيا حقيقيا ينكب على قضايا السينما المغربية والعالمية ككل، ويتم فيه علنا تبادل التجارب بين السينمائيين الحاضرين. وتأسف المتحدث من ان المهرجانات السينمائية بالمغرب أصبحت تخيم عليها الرتابة في برمجتها والضبابية في اهدافها الحقيقية. أي رسالة حملها مهرجان مراكش هذه السنة؟ المعاناة الإنسانية والتذكير بجرائم النازية وإبراز قيمة التعايش لعل الوقوف عند توجهات عدد من الأفلام التي تشارك في هذه الدورة يكشف عن توجهات محددة ومثيرة قوامها أربع قضايا، التذكير بجرائم النازية، وإبراز قيمة التعايش اليهودي المسيحي الإسلامي، والغوص في تجليات المعاناة الإنسانية في زمن العولمة ، ثم أخيرا موضوعة الجنس والتي نجدها سواء في الأفلام التي تشارك في المنافسة والتي يبلغ عددها 15 شريطا سينمائيا، تمثل 15 بلدا من مختلف القارات، منها ثمانية تعد الاعمال الاولى لمخرجيها، أو في الأفلام التي عرضت في المهرجان. فقد تميز حفل الافتتاح بعرض شريط متميز بعنوان جون رابي(2009) للمخرج الالماني فلوريان كالنبيركر، وهو الشريط الذي يستمد أحداثه من حياة جون رابي، الذي عاش 30 سنة بالصين، على رأس الشركة الالمانية سيمنس، وفي سنة 1937 حينما اراد العودة الى برلين، تتعرض مدينة نانكين كباقي المدن الصينية لهجوم الجيوش اليابانية فيقرر المكوث بالمدينة رفقة بعض الاجانب للتصدي للقوات اليابانية وحماية المدنيين، الشريط يعرض لمآسي الحرب وبشاعتها من خلال ما قامت به اليابان من وحشية في قتل المدنيين والعسكريين الصينيين، وجسدت مقاطعه التي تميزت بفنية وجمالية عاليتين إدانة ألمانيا النازية وحليفتها اليابان. في الحالة الثانية المرتبطة بقضة التعايش ، نجد الشريط المصري هليوبوليس للمخرج احمد عبد الله السيد، وهليوبوليس هو حي هادئ تتعايش فيه جنبا الى جنب اماكن مقدسة مختلفة من كنائس ومساجد ومعابد يهودية، وفيه تتقاطع في ظرف ليلة واحدة حياة ستة اشخاص، كل واحد منهم يسعى لإيجاد حلول لمشاكله؛ سواء أكانت تافهة أم كبيرة، وبحسب أحد المراقبين فالأمر مختلف هذه السنة عن السنة الماضية التي عرفت انطلاقة المسابقة بشريط ارجنتيني اسرائيلي ذي نزعة صهيونية. بخصوص المحور الثالث، فإن عددا من الأشرطة صبت في قضايا إنسانية، وهو ما اتضح من خلال اليوم الاول مع عرض الشريط الاسباني امراة بدون بيانو لمخرجه خافير ريبولو، وهو الشريط الذي يمكن إدراجه في خانة سينما المؤلف لتمتزه بموضوع مهم له علاقة بالحياة الزوجية التي تصاب بالرتابة عندما يتقدم الزوجان في السن، خاصة المرأة التي تعاني من الوحدة وعدم الاهتمام، وقد عرف الشريط تجاوبا كبيرا من قبل الجمهور، بالإضافة إلى شريط من طاجكستان ظهيرة حقيقية للمخرج نصير سعيدوف، وشريط ابنتي للمخرجة الماليزية شارلوت ليم لاي كيون، كما تم عرض الشريط الفرنسي اذا صمد احدهم سيتبعه الآخرون للمخرجة الشابة ليا فيهنر. وهو شريط يسلط الضوء على عدة مواضيع من بينها الفقر والهجرة ومشاكل المراهقة وحب الانتقام. ومن بين مفاجآت هذه الأشرطة المتنوعة، هي عرض الشريط المصري احكي ياشهرزاد للمخرج يسري نصر الله، الذي أحدث ضجة في مصر بسبب مشاهده المخلة، وهو الشريط الذي تشارك فيه الممثلة المغربية سناء عكرود بدور مخل الى جانب محمود حميدة، جعلها عرضة لانتقادات لاذعة لمجانية الدور الذي لايخدم بتاتا مسيرتها الفنية كفنانة مغربية تعلق بها الجمهور المغربي من خلال ادوار متزنة ومحافظة. وقد سبق لبرنامج عتاب الفني بالقناة الاولى ان استضاف سناء عكرود ووجهت اليها انتقادات في هذا الاطار. هذا ويتطلع كل السينمائيين المغاربة إلى ماسيقدمه شريط الرجل الذي باع العالم للاخوين سهيل وعماد نوري، وهو الشريط الذي يمثل المغرب في المسابقة. بالإضافة الى افلام المسابقة هناك افلام خارج المسابقة من بينها الافلام الكورية التي تندرج في اطار تكريم السينما الكورية وافلام اخرى متنوعة قد لا تكون بنفس المستوى الذي تظهر به أفلام المسابقة، لاسيما وأنها تركز على الحركة والجنس، باستثناء الافلام المندرجة تحت خانة نبضة قلب".