أكد السيد نور الدين الصايل نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش والمدير العام للمركز السينمائي المغربي أن الدورة التاسعة للمهرجان، التي تنظم من 4 إلى 12 دجنبر الجاري، "خلقت رواجا فكريا حقيقيا". وأوضح السيد الصايل، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن دروس "الماسترز" التي أشرف عليها مخرجون عالميون ساهمت أيضا في خلق رواج فكري حقيقي خلال هذه الدورة، الأمر الذي يسمح بالقول "إن الدورة العاشرة ستكون عيد ميلاد حقيقي للمهرجان". فبخصوص الأفلام التي قدمت في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان، أكد السيد الصايل أنها "خلقت نقاشا حقيقيا، وتوزع الناس إلى فئة من يعارض ومن يصفق، أي أن هناك حيوية حقيقية، عكس المهرجانات التي يسود فيها نوع من الاتفاق على الأفلام". + تشبيب الإبداع السينمائي.. حقيقة فرضها التطور+ وعن هيمنة التوجه الشبابي في المسابقة الرسمية (ثمانية منها من الأعمال الأولى للمخرجين)، أوضح السيد نور الدين الصايل أن "هناك تشبيبا للإبداع السينمائي" وإن كان "مهرجان مراكش ليس تظاهرة لعرض الأفلام الأولى بالتحديد". وأضاف أنه حصل نقاش معمق وجدي بعد مشاهدة مئات الأفلام، وتم في الأخير الاتفاق على لائحة من 15 فيلما، و"بعد إعادة الحسابات، لوحظ أن أحسن ما يوجد في السوق العالمية أفلام شباب" وهذا خلافا للدورات السابقة التي حضرها مبدعون لهم ماض وتاريخ طويل. + التوافق على المكتسبات لربح رهان النجاح + ولاحظ السيد الصايل أن المهم في هذه الدورة هو ذلك التوافق المتمثل في الاحتفاظ ب`"كل المكتسبات الجيدة للمهرجان"، موضحا أن "مجرد كونه يحتفظ بمكتسباته، خاصة إذا كانت قيمة، فهذا نجاح في حد ذاته". وأوضح أن تلك المكتسبات تتمثل، على الخصوص، في "مسابقة رسمية جيدة" و"لجن تحكيم في المستوى"، وفي "حسن اختيار البلدان المكرمة"، و"الأفكار الجيدة المضافة، التي أدرجت في السنة الماضية، ضمن جسم المهرجان من قبيل سينما المكفوفين"، مشيرا إلى أن هذه المكتسبات تولد عنها "كائن حي ينمو ويتطور إلى الأحسن". فسينما المكفوفين، على سبيل المثال، "فكرة ناجحة، نطورها الآن من الداخل ونمغربها"، كما أن اليوم الذي خصصته الدورة التاسعة للمهرجان للبيئة "يتطابق مع المشاكل المطروحة حاليا" أي أنها "معاصرة وآنية" خاصة أنها تتزامن مع اجتماع الدانمارك حول التغيرات المناخية الأمر الذي يكسب هذا اليوم "مدلولا ثقافيا وسياسيا". واعتبر أن "إضافة فكرة أو فكرتين لجسم المهرجان تعضد كيانه العام" كما أن "بعض الأفكار التي تنبثق من المجتمع تدعم المهرجان"، معلنا أنه سيتم في الدورة العاشرة تقديم فكرة جديدة وهذا ما يدعم "النفس الطويل للمهرجان ورؤيته الطويلة المدى". + المهرجان.. كائن حي يتفاعل مع الأزمة العالمية + وتوقع السيد الصايل أن يحقق المغرب ما بين 50 إلى 60 مليون دولار من الاستثمار الأجنبي في مجال السينما، وهو "رقم غير موجود إطلاقا في إفريقيا أو في العالم العربي"، مضيفا أن ذلك سيتحقق بالرغم من أن بعض الأفلام وبعض الاستثمارات التي كانت ستنجز عام 2009 أجلت إلى عامي 2010 أو 2001 بسبب من الأزمة العالمية. وقال نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش "كوننا حققنا في 2008 مبلغ استثمار أجنبي وصل إلى 100 مليون دولار يعني أننا حققنا أرقاما لا ينبغي لنا أن نبتعد عنها". واستخلص أن ثقة المنتجين الأجانب في المغرب له مدلولات مهمة، فمن جهة لا أحد يجادل في توفر تقنيين حقيقيين بالمغرب الذي يعترف بكونه بلد السينما والاستقرار حيث يمكن أن يصور المنتجون مع الاستفادة من كل التسهيلات التي توفرها الدولة. + مهرجان مراكش : ثقة متبادلة بين المبدعين المغاربة والأجانب + وأشار السيد الصايل إلى أن المشاركة المغربية في الدورة التاسعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش تجلت أولا في عرض أفلام (المسابقة الرسمية "الرجل الذي باع العالم"، وفي نبضة قلب "كو دو كور"، وفي جامع الفنا)، وكذا في الحضور المكثف للمبدعين والمنتجين والممثلين الذين تتم بينهم "لقاءات مثمرة". وفي هذا الصدد، قال نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش "إن الثقة التي وضعها المبدعون المغاربة في المهرجان معناها أنهم فهموا أنه يمكن أن يستعمل لمصلحتهم، وهذا نجاح حقيقي للمهرجان". من جانب آخر، تعرف الدورة التاسعة للمهرجان تنظيم لقاءات بين مسؤولي المهرجان والمركز السينمائي المغربي مع صناع سينما أجانب لتوطيد حضورهم الاستثماري، و"هذا يعني أن هناك ثقة للمنتجين الأجانب في المغرب، وهذا له مدلولات مهمة". ويوضح السيد الصايل أنه من جهة "هناك تقنيون حقيقيون"، ومن جهة أخرى "يعترف بالمغرب بلدا للسينما وبلدا للاستقرار" إذ "يمكن للمنتجين العالميين إنجاز أعمالهم مع كل التسهيلات التي توفرها الدولة"، مشيرا إلى أن "مراكش تستفيد من هذا الأمر، فبها تتم مجموعة من اللقاءات في هذا المضمار". + المهرجان ومؤسسته : علاقة "تبادل وتكامل" مع المجتمع ومع السياسة السينمائية + وقال السيد نور الدين الصايل "إن المهرجان منفتح ومؤسسته أكثر انفتاحا" والفضل في ذلك يعود لرئيس المؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد الذي ما فتئ يلح سموه على أن لا يقتصر اهتمام المؤسسة على المهرجان وحده بل أن ينتقل إلى الحضور الفعلي طيلة السنة. وأكد أن للمؤسسة "حضورا كبيرا وقويا بمراكش، وداخل المجتمع. المراكشي" فعلاوة على بعدها الفني تتوفر على "أبعاد مجتمعية" أي أنها "تدخل مع المجتمع في علاقة تبادل وتكامل مع كل ما هو سياسة سينمائية في المغرب، ومع مجموعة من المهرجانات في المغرب ومع المركز السينمائي للتشاور والاشتغال سويا في بعض المشاريع". واعتبر السيد الصايل أن ما ينقص المؤسسة هو "عامل الزمن"، موضحا أنها "مؤسسة فتية جدا، والمهرجان فتي جدا"، ويحتاجان بالطبع إلى "الانغماس أكثر فأكثر في المجتمع". وأكد السيد الصايل أن "المؤسسة تشتغل طبقا لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، المتمثلة في التقدم رويدا رويدا بموازاة مع الخطط السينمائية المغربية، ليكون للمؤسسة مستقبلا حضور وقوة لا يستهان بهما بدون بهرجة وبهدوء، وهذا ما يميزها". وعن حال السينما المغربية حاليا، قال السيد الصايل إن وضعها على مستوى الإنتاج جيد (14 إلى 15 فيلما سنويا وما يناهز 80 فيلما قصيرا) كما خطط لذلك منذ سنوات، معربا عن الأمل في أن ينتقل هذا الحصاد الكمي إلى حصاد كيفي وأن ينتقل العدد إلى 20 فيلما سنويا "وهذا في المتناول". وقال "إن من حسن حظ السينما المغربية أنها تتوفر على مختبر ما يعطيها استقلالا ذاتيا غير موجود في أي بلد إفريقي أو عربي آخر، باستثناء مصر". وأضاف أن المهم الآن هو إيجاد سوق سينمائية حقيقية التي لا يمكن أن يكون ب 75 شاشة المتوفرة حاليا فقط "مما يقلل من عشق الممثلين والمخرجين". وقال "إن الخطة التي سنقدمها للمجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي في 15 دجنبر الجاري هي خطة حل هذه الإشكالية لتقدم هذه الاقتراحات للحكومة ويكون فيها تداول حقيقي إذ بها سيكتمل بها السياسة السينمائية بالمغرب". وأوضح أن السوق السينمائية الحقيقية تتوسع بقاعات القرب (ما بين 30 و50 شاشة) واهتمام المجالس البلدية بها كما بدأ الأمر في طنجة (350 مقعدا)، وهي قاعات يمكن توحيد برمجتها ويقدم لها المركز السينمائي المغربي المساعدة حتى يتمكن الموزعون الكبار من تسهيل توزيع الأفلام. وأشار إلى القاعات الكبيرة ذات الأسلوب الهندسي للثلاثينيات والأربعينيات والتي لا يمكن أن تشتغل بكيفية عادية، مقترحا إعادة تركيبها مع الاحتفاظ بمظهرها الخارجي وهندستها ولكن تقسم إلى 4 أو 5 قاعات صغيرة مما يعطي إمكانية برمجة أربع أو خمس أفلام دفعة واحدة وتسهيل شروط الراحة والفرجة مع دراسة أثمنة التذاكر بكل منطقة على حدة. + نقاد سينمائيون وإعلاميون يواكبون المهرجان + وبخصوص الحضور المكثف للنقاد في المهرجان الدولي التاسع للفيلم بمراكش، اعتبر السيد الصايل أن هذا الأمر يتبع التطور العام للإنتاج السينمائي، ويعني أن الناس استرجعوا الثقة في السينما التي تخلق جدلا حقيقيا، مشيرا، بالمناسبة، إلى التدفق الكبير للجمهور على القاعات لمشاهدة الأفلام المعروضة. وشدد على أن المغرب والمركز السينمائي المغربي بصفة خاصة، ضامنان لكل التجليات والحريات الإبداعية، مشيرا إلى أن كل المواقف تحترم بشرط توفر المهنية والتماسك في الخطاب. ولاحظ، بشأن الحضور الإعلامي، أن "التغطية الصحفية هذه السنة كانت في مستوى جيد، والانتقادات الموجهة للأفلام وللمهرجان كانت مقبولة على العموم، وتم الإخبار بموضوعية وبمهنية"، مضيفا أن "روح التكامل والانتقاد دائما مقبولة إذا كانت تنبثق من أرضية مهنية واضحة"، معتبرا أن "الرأسمال الأساس لمثل هذه التظاهرات هو الزمن حيث تصبح الانتقادات أكثر قوة وننضج معا مع مرور الزمن".