لماذا ينصب اللوم على الفتاة وتتحمل هي النتائج دون الشاب، وخاصة إذا كانت ضحية ولم تجن أي ذنب أو خطيئة؟! والله إنها لنظرة مجتمع ظالم ومظلم، جعل للرجل الحق في أن يخطئ مائة مرة. وخطيئة واحدة من الفتاة - قد تكون لا يد لها فيها - كفيلة بالقضاء على مستقبلها، بل مستقبل أسرة كاملة توصم بالعار لذنب لم ترتكبه، كل هذا بسبب غشاء رقيق ظن الكثيرون عن جهل وقصور أنه علامة العفة والعذرية والشرف.. فقد تسرق المرأة وتظل شريفة.. وقد تقتل وتظل أيضا شريفة.. أما أن يعتدى عليها أو تغتصب وتنتزع عذريتها بكل وحشية وقذارة دون رحمة فهذا ما لا يغفره لها ذلك المجتمع الجائر، مع أن قانون العدل يقول إن العذرية صفة لا بد أن تنطبق على الرجل والمرأة.. والقرآن الكريم لم يفرق في هذا الأمر في الثواب والعقاب بين رجل وامرأة.. إلا أن نظرة المجتمع قاصرة لغشاء البكارة إذ يعتبرونه رمز الشرف المقدس لدى المرأة ولدى أسرتها بأكملها.. ولكن الحقيقة الغائبة عن هؤلاء أن هذا الغشاء هو قشرة العفة وليس جوهرها، فهناك أنواع من الممارسات الجنسية التي لا يتأثر معها غشاء البكارة، فهل من تمارس هذه الممارسات وتحتفظ بغشائها تظل عفيفة؟! إن ارتباط مفهوم العفة بغشاء رقيق وبدونه تفقد الفتاة نعمة الشرف أصبح أمرا لا بد له من وقفة، فهل يكمن الشرف فعلا في عذرية الفتاة، والسؤال الأهم هل يطبق الرجال نفس القواعد الصارمة التي تتخذها الفتيات للحفاظ على شرفهن، وهل تبحث الآن الفتاة عن رجل ما زال يحتفظ بعذريته كما يفعل الرجل؟! الحقيقة أن مفهوم العفة والشرف لا بد أن يتساوى عند الرجل والمرأة كل على حسب دوره، بداية من غض البصر ونهاية بحفظ الفرج مرورا بأشياء كثيرة منها تجنب الزينة المتبرجة والأجساد العارية والحركات المثيرة والعلاقات المحرمة، يصاحب ذلك عفة اللسان والقلب والأفكار وأشياء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها. قال المولى عز وجل وهو أصدق القائلين: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، نعم لقد وضع الخالق للبشرية ضمانات وقائية تقي المجتمع وتطهره من كل دنس وإثم، ولم يفرق في هذا الأمر بين ذكر وأنثى، فالمرأة لا تزني وحدها، بل يشترك معها في هذا الفعل رجل.. وفي الشرع هذا الجسد يجلد وذاك الجسد يجلد.. أما مجتمعاتنا الجائرة فلا تجد أمامها سوى جسد الفتاة لتنهال عليه لوما وتقريعا وقتلا. ويفر الرجل هاربا بفعلته، لذلك لا بد أن يتساوى الطرفان في الحقوق والواجبات والعقوبة حتى تستقيم الحياة، وتستقر الموازين وليعلم الجميع أن شيوع الفاحشة والانحلال في المجتمع وظيفة الطرفين، كما أن انحسارها وظيفتهما أيضا