في الجزء الثاني من حواره مع التجديد يتحدث الشيخ محمد السحابي عن مساره العلمي في الرباط في دار القرآن التي أسستها رابطة المجودين، وفي كراسي العلم بمسجد السنة، ثم التحاقه بدار الحديث الحسنية بتوجيه من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق الحاج احمد بركاش رحمه الله، كما يحكي الشيخ السحابي قصته مع إدارة الفوسفاط حين انزعجت من الإقبال المكثف على دروسه الوعظية في المسجد التابع لها، وبعد مساومتها له قرر المغادرة على أن يخضع لمطالبهم بتغيير مواضيع خطبته التي كانت تجذب الناس. بعد انتهاء المسابقتين وإحرازكم على مراتب متقدمة فيها ولقائكم بوزير الاوقاف، هل عدتم مرة اخرى إلى مدرسة سيد الزوين؟ بعد لقائي الثاني بوزير الأوقاف الحاج أحمد بركاش رحمه الله، طلب منا الوزير أن نبقى في الوزارة وأن نتفرغ لتلقي العلوم الشرعية، وهيأوا لنا السكن وأعطونا منحة، وكنا نتلقى دروس العلم في مسجد السنة وكذلك في دار القرآن بإشراف السيد عبد الحميد احساين، وتعرفنا على عدة شيوخ درسنا عليهم ألفية ابن مالك ولامية العجم ولامية العرب وغير ذلك من العلوم والفقه وهكذا. ثم طلب منا وزير الأوقاف أن نلتحق بدار الحديث الحسنية وكان مديرها آنذاك مولاي مصطفى العلوي الذي رحب بنا، وقال لنا: أنتم أحق من غيركم بدار الحديث لأنكم تحفظون ما شاء الله كتاب الموطأ، فصرنا ندرس فيها ونزاوج بين دار القرآن والدروس التي كانت تلقى في مسجد السنة وبين دار الحديث لما يقرب أربع سنوات. وبعد انتهاء هذه المرحلة التكوينية، أين اتجهتم؟ بعد تخرجي استدعيت للاستفادة من تدريب في غابة المعمورة وكان الهدف منه أن نتكون ليتم إيفادنا أساتذة في إحدى الدول الإفريقية من أجل تعليم اللغة العربية ونشر الدعوة الاسلامية، فذهبنا بإشراف من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى المركب الرياضي في المعمورة حيث قضينا ستة أشهر ونحن ندرس اللغة الفرنسية والجغرافيا والتاريخ وخاصة جغرافية القارة الافريقية وأسلوب الدعوة، وزارنا الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وغيره من الفقهاء الذين كانوا يحاضرون منهم الأستاذ علال الفاسي والشيخ المكي الناصري، لكن لم يتم بعد انتهاء التدريب إرسالنا إلى إفريقيا. وبعد انتهاء الدراسة لم يفرط فينا السيد عبد الحميد احساين، فنسق مع إدارة الفوسفاط في اليوسفيةاقليمآسفي وصرت أعلم اللغة في مدارسها وأقوم بالوعظ والارشاد في المساجد التي توجد تحت إشرافها، ثم صرت خطيبا في مسجد الفوسفاط إلى أن وقع ما وقع حيث رجعت إلى القبيلة سنة .1979 مالذي وقع بينك وبين إدارة الفوسفاط؟ عندما صرت إماما في المسجد الفوسفاط،عرف هذا الأخير إقبالا كبيرا وحضورا مكثفا على دروس الوعظ من سكان اليوسفية والمناطق المجاورة لها، فتخوفت الإدارة من هذا الإقبال الكبير، واستدعاني مسؤول الشؤون الاجتماعية وقال لي: منذ سنة 1964 والمسجد لم يمتلئ كما هو الحال الآن فما الذي يحدث؟ وطلبوا مني التوقف عن الخطب لكنني مللت منهم وتركت كل شيء، بعد خروجي من اليوسفية عدت إلى قريتي ثم اتصل بي أحد الاخوة في سلا وطلب مني أن أدرس القرآن الكريم فيها، فلبيت الدعوة واستمر عملي في تدريس القرآن الكريم إلى يومنا هذا والحمد لله طلبتنا منتشرون تقريبا في أنحاء العالم والفضل كله لله وللمخلصين الغيورين على القرآن. والآن أشتغل في حي الرحمة بسلا في جمعية أبي شعيب الدكالي لتحفيظ القرآن الكريم ودريس علومه. بالنسبة لأبنائك هل وجهتهم لحفظ القرآن الكريم؟ نعم، بناتي الثلاثة في طور حفظ القرآن الكريم، وابني معاذ حفظ القرآن ودرس قراءة نافع وكذلك درس ابن كثير وفي هذه السنة أخذ شهادة الإجازة في الدراسات العليا، والولد الصغير ختم القرآن هذه السنة وابني الآخر يعيش في ألمانيا وحفظ أيضا القرآن الكريم والحمد لله.