في نهاية سنة 1974 جاء طلب تدريب محمد السحابي بالمعمورة ضمن المنتقين من أجل الدعوة في إحدى البلدان الإفريقية (49 ضمن192مرشحا)، يقول محمد: استدعانا الأستاذ عبد الحميد احساين رحمه الله، وقال لنا:إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية اختارتكم للتدريب بالمعمورة داخليين، تتكونون في التاريخ والجغرافية واللغة الفرنسية من أجل الدعوة في بلد إفريقي، أظنه بلاد النيجر، وكان من المرشحين للتدريب والتكوين ممثلون عن وزارة التعليم والداخلية والوزارة الأولى. تدريب دعوي مكثف خضع جميع المنتقين للتكوين من لدن الأستاذ بنكيران، مسؤول شؤون الجماعات المحلية بوزارة الداخلية، والأستاذ المكي الناصري، الذي خلف الأستاذ أحمد بركاش على رأس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي حاضر المرشحين للدعوة في فقه الدعوة ومنهجها، والأستاذ عبد الرحيم عبد البر المصري، الذي كان يلقي على المتدربين دروسا في منهج الدعوة، كما استفاد المتدربون من محاضرات الأستاذ علال الفاسي حول مقاصد الشريعة ووسائل التبشير، ومن الخارج المقرئ عبد الباسط عبد الصمد فقرأ عليهم سورة الرحمان، وأحمد الصواف العراقي الداعية رحمه الله، وشيخ الأزهر وقتها محمود عبد الحليم وآخرون. واستمرالتدريب ستة شهور، ولما التحق المتدربون بالمعمورة، يتابع محمد السحابي، خاطبنا الأستاذبنكيران المسؤول بوزارة الداخلية قائلا:لقد اخترناكم لتمثيل المغرب في الدعوة إلى النيجر، تدرسون اللغة العربية وتمارسون الدعوة الإسلامية، فأولونا اهتماما خاصا في هذا التدريب. الانقلاب يغير الأحوال وفي يونيو 1974 أحس المتدربون بشيء من الفتور لدى المسؤولين عن التكوين، فصاروا يتحادثون في ما بينهم في الأمر، ويستقصون الأسباب، وأخيرا جاء السيد بنكيران إلى المتدربين، وصارحهم عن سبب الفتور بأن الدولة التي كانوا يتدربون من أجل الدعوة فيها قد وقع فيها انقلاب فتغيرت الأحوال، ووعدهم بأن يكونوا موظفين في إحدى مصالح وزارة الداخلية بداية السنة الدراسية أكتوبر.1974 ويذكر محمد أنه لم يطق سياسةسير وأجي فأهمل الأمر كليا، بينما أخذ بعض المتدربين الأمر بجد وتابع الموضوع، وتم توظيفهم في مصالح وزارتي التعليم والداخلية. يقول محمد: أما أنا والدكتور حسن صدقي وحسن الصردي من القنيطرة، فقد تحدث لنا السيد عبد الحميد احساين مع مدير الترفيه والتعليم بإدارة الفسفاط للتدريس والدعوة، وبعضنا ذهب إلى خريبكة للعمل، بينما ذهبت أنا إلى اليوسفية. الرحلة إلى اليوسفية طلب الأستاذ عبد الحميد احساين رحمه الله من محمد التوجه إلى مدينة اليوسفية التابعة لإقليم آسفي ليكون مدرسا في مدارس إدارة الفوسفاط الخاصة، وإلقاء الدروس في الوعظ بمساجد المدينة ونواحيها. رحب محمد بالاقتراح، وكان ذلك سنة 1975م أي بعد حدث المسيرة الخضراء، فقام محمد السحابي بإلقاء خطب الجمعة في مساجد المدينة ونواحيها بالموازاة مع تدريس تلاميذ شغيلة المكتب الوطني للفوسفاط. ويذكر محمد أن إدارة الفسفاط كانت في أول العهد تهيء له ولبعض رفاقه الظروف للقيام بمهمتهم الدعوية، إذ خصصت لهم سيارة وسائقا للذهاب إلى المساجد باليوسفية، والوعظ بقرية سيدي احمد وزييدة، وكانت المنطقة ونواحيها مفتقرة إلى العلم الشرعي وعلوم القرآن الكريم، لكن الأمور ستنقلب إلى توترات بين الإدارة وموظفها الجديد نظرا لبعض التوجسات، التي صاحبت تجمع الناس في المساجد، التي كان يلقي بها محمد خطبه ومواعظه.