بحسب ما تضمنه التقرير الصادر عن مكتب شؤون العمل التابع لوزارة العمل الأمريكية، فإن سمعة المغرب على مستوى الاتجار الجنسي بالأطفال، بعد سمعته السيئة على مستوى تنامي شبكات الاتجار بأعراض نسائه، صارت مثيرة للقلق، فأن ترد ضمن معطيات هذا التقرير عن المغرب، البلد المسلم المعروف برجالاته وتاريخه، أنه تحول إلى مصدر للاتجار الجنسي والعمل القسري بالأطفال في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، فهذا يثير أكثر من سؤال عن السياسات التي رفعتها الحكومة لمواجهة ظاهرة استغلال القاصرين وبخاصة خطة المغرب جدير بأطفاله. التقرير الصادم الذي يتضمن أرقاما مخيفة (50 ألف طفل يعملون كخدم في المنازل، و7000 من أطفال الشوارع في الدارالبيضاء، و8000 في مدن أخرى) وينقل عن تقارير رسمية تلقاها البنك الدولي ، ومنظمة العمل الدولية ، واليونيسيف ، والتي تتحدث عن دعارة الأطفال في أكادير ومكناس وطنجة ومراكش وفاس والدارالبيضاء، فضلا عن وجود حالات لاستغلال الأطفال في الصناعة البورنوغرافية، كل هذه المعطيات، إلى جانب الصورة التي نقلتها وسائل إعلامية سمعية بصرية لأشكال من الاستغلال الجنسي في مدن سياحية، تطرح سؤالا كبيرا يتعلق بالمسؤولية عن إنتاج هذه الظاهرة. منذ سنة، رفعت الحكومة، في شخص وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة، خطة مغرب جدير بأطفاله، لكن يبدو أن هذه التقارير الصادمة والتي ترسم صورة كارثية عن وضعية الأطفال في المغرب، تجلعنا نطرح السؤال عميقا حول مآلات هذه الخطة، والتطلعات التي رفعتها. من غير تردد، وبدون عناء كبير في التفكير، يبدو أن العوامل تضافرت بين سياسات متساهلة لا تضع قضية حماية القاصرين ضمن أولوياتها، وبين جهات تستغل هذا الوضع المتراخي في المغرب، وتعمد إلى استغلال الأطفال، بمن فيهم أطفال الشوارع في الاتجار الجنسي والعمل القسري بدون أن تجد من يضرب على أيديها بيد من حديد. يبدو أن وضعية التساهل هذه إن استمرت على ما هي عليه، ستجد هذه الجهات المحلية والدولية المجال الأرحب لتوسيع شبكاتها، وحينها لن يكون السؤال فقط هو من المسؤول عن الصورة الكارثية التي وصلت إليها وضعية الأطفال في المغرب، ولكن سيكون علينا أن نجيب عن تساؤل آخر أكثر قتامة، وهو من يبيع أطفال المغرب؟