حمل التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية حول الاتجار في البشر والعبودية، بين فقراته توصية واحدة عنونها ب«توصية إلى المغرب»، دعا فيها الحكومة المغربية إلى تكثيف الملاحقات القضائية ضد المتاجرين في البشر وشبكات الدعارة القسرية والتشغيل اللاإرادي، مع وضع ميكانيزمات لتحديد هوية الضحايا ووضع آلية تضمن عدم ترحيلهم إثر ارتكابهم لأفعال ناتجة عن استغلالهم أو الاتجار فيهم. وذلك بعد أن اعتبر التقرير أن المغرب مصدر للأطفال المتاجر فيهم داخليا بغرض استغلالهم في أعمال منزلية والاستغلال الجنسي التجاري، ومعبر، لمرور النساء والرجال الموجهين للاستغلال الجنسي التجاري والعبودية في دول أخرى. واعتبر التقرير أن الحكومة المغربية لا تحترم المعايير الدنيا للقضاء على ظاهرة الاتجار في البشر، رغم بذلها لجهود كبيرة. حيث لم يباشر المغرب تحقيقات أو متابعات حول التشغيل القسري للأطفال، ولم يتخذ الخطوات الضرورية لتفعيل القوانين المتعلقة بمحاربة الاستغلال الجنسي التجاري للبالغين والنساء الأجنبيات، حيث يكون مصير الضحايا ترحيلهم تلقائيا. الفتيات القرويات مازلن، حسب تقرير الخارجية الأمريكية، يخضعن للتشغيل اللاإرادي داخل منازل المدن، حيث يتعرضن إلى ظروف عمل قاسية وتقييد للحرية وعدم تحصيل الأجور والتهديد والعنف البدني والجنسي؛ فيما يتحمل الأطفال الذكور وضعا مماثلا من خلال إرغامهم على العمل ك«متعلمين» في ورشات الصناعة التقليدية والبناء والميكانيك والصناعة؛ ويشترك الذكور والإناث في استغلالهم المتنامي في إطار السياحة الجنسية، بينما يتم «تصدير» النساء نحو كل من العربية السعودية وقطر وسوريا والإمارات العربية المتحدة واليونان والدول الأوربية من أجل استغلالهن في الجنس التجاري. إضافة إلى مواطني كل من دول إفريقيا جنوب الصحراء والهند وبنغلاديش وسريلانكا وباكستان، الذين يدخلون المغرب إراديا بطرق غير شرعية في انتظار العبور نحو دول أخرى؛ وخلال مكوثهم فوق التراب المغربي، تضطر النساء منهم إلى العمل في الدعارة من أجل الحصول على المال الضروري الذي يطالبهن به المهربون، فيما يوجه بعض الرجال منهم إلى أصناف من الاستعباد. وقد عرف المغرب خلال العام 2007، حسب التقرير، مائة وخمسين متابعة قضائية بتهمة تحريض القاصرين على البغاء، وأدين 129 شخصا بالتهمة ذاتها، إضافة إلى 170 إدانة في حق أرباب عمل يشغلون الأطفال. فيما لم تبد الحكومة المغربية ما يبرهن إدانتها ومعاقبتها للمتاجرين في البشر. ورغم إعلانها عن تفكيك 260 عصابة لتهريب البشر، فإن الحكومة لا تفرق بين الاتجار في الأشخاص وتهريب المهاجرين. وقد واصل المغرب قيامه بتوقيف وترحيل الضحايا رفقة مهاجرين غير قانونيين، مع عدم التدقيق في هوياتهم؛ ما يثير الكثير من القلق بفعل تواتر التقارير التي تتحدث عن قيام المغرب بتجميع المهاجرين غير القانونيين وتركهم على الحدود مع الجزائر دون طعام أو ماء؛ كما لم يقدم المغرب بيانات عن عمليات الترحيل هذه. الخارجية الأمريكية عادت لتقر بأن المغرب زاد من جهوده لمحاربة الاتجار في البشر خلال الفترة المشمولة بهذا التقرير، ورصدت الحكومة في شهر مارس 2.6 مليون دولار لدعم الأنشطة المولدة للدخل وإمكانيات الأسر المرشحة لإرسال أبنائها من أجل العمل المنزلي؛ كما وقع المغرب اتفاقيات مع كل من كطلانيا وإيطاليا لمحاربة الهجرة السرية للقاصرين المغاربة، الذين يواجهون احتمالا قويا للوقوع في شبكات الاتجار في البشر. في المقابل، لم تبذل الحكومة جهدا كافيا من أجل توعية الرأي العام حول الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال والنساء بالمدن الكبرى، خاصة في المناطق السياحية.