صنف تقرير أخير للخارجية الأمريكية المغرب في المرتبة الثانية عالميا إلى جانب مجموعة من الدول في "الاتجار بالبشر خلال العام 2008"، وهي المرتبة التي تدرج فيها "الدول التي لا تمتثل حكوماتها كليا للحد الأدنى من معايير قانون حماية ضحايا المتاجرة بالبشر". وأقر المسؤولون عن إنجاز هذا التقرير ب"أن المغرب تراجع كثيرا في هذا المجال إلى جانب العديد من الدول العربية". ووصف التقرير المغرب "كبلد منتج ومولد لظاهرة استغلال الأطفال، سواء في خدمة البيوت أو في الجنس، داخل ترابه الوطني"، كما جاء في التقرير أن "المغرب هو أيضا بلد يصدر ويستضيف نساء ورجالا يتعرضون باستمرار للاستغلال الجنسي من أجل غايات مادية". وكشف التقرير السنوي الثامن للمتاجرة بالبشر، الذي تم رفعه إلى الكونغرس الأمريكي، أن "الأطفال المغاربة يخضعون لنوع من الاستغلال اللاإرادي، ذكورا وفتيات، حيث يتم استغلالهم في عالم الدعارة بالمغرب، ويزداد تعاطيهم للسياحة الجنسية يوما عن يوم". وأضاف معدو التقرير أن "هناك أيضا ظاهرة تهريب شباب وشابات مغاربة، من أجل الاستغلال الجنسي، إلى كل من العربية السعودية، قطر، سوريا، الإمارات العربية المتحدة، قبرص وبعض الدول الأوربية". وخصص التقرير، الذي وصف المغرب في فقرات طويلة ب"البلد المنتج لدعارة الأطفال"، إحدى فقراته للحديث عن "فتيات مغربيات مستقطبات من البادية المغربية، يتم استقدامهن من أجل الخدمة في البيوت بالمدن، ولكنهن يواجهن دائما نفس المصير: التقليص من تحركاتهن وسجنهن في بيوت الخدمة، ولا تصرف لهن أجورهن، ويتعرضن للعنف الجسدي والاستغلال الجنسي من طرف أرباب وربات البيوت". من جهة أخرى، أكد معدو التقرير السنوي الأمريكي أن "هناك رجالا ونساء من أصول إفريقية جنوب الصحراء والهند والبنغلاديش وسيريلانكا وباكستان، يدخلون إلى المغرب بإرادتهم، ولكن بطريقة غير شرعية بمساعدة مهربين، وبمجرد اجتيازهم للحدود يتم إجبارهم على ممارسة الدعارة من أجل دفع أجرة المهرب". ولم يتردد التقرير في فضح تعامل الحكومة المغربية مع الموضوع، إذ جاء فيه أن "الحكومة المغربية لا تستجيب حتى للضوابط الدنيا لمحاربة ظاهرة تهريب الأطفال، رغم قيامها بمجهودات في هذا المجال، كما أن المغرب لم يطلق أية حملة أو تحقيق لمتابعة مشغلي الأطفال خلال فترة إعداد هذا التقرير". ولم يتوقف الملاحظون الأمريكيون عند هذا الحد وإنما تجاوزوه إلى التصريح بأن "الحكومة لم تبذل أي مجهود من أجل ترسيخ القانون المناهض للاستغلال الجنسي للأطفال". واستناداً إلى أبحاث رعتها حكومة الولاياتالمتحدة، وأنجزت عام 2006، شملت المغرب أيضا، فإنه تتم المتاجرة بحوالي 800 ألف رجل وامرأة وطفل عبر الحدود الدولية كل عام. ولا يشمل هذا الرقم ملايين الضحايا الذين تتم المتاجرة بهم داخل بلادهم. وتُشكِّل النساء والفتيات نسبة 8 في المائة من هذا العدد تقريباً، بينما يُشكِّل الأحداث نسبة تصل إلى 50 في المائة. وإلى جانب المغرب، كررت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها الأخير اتهامات لمصر بأنها محطة للاتجار بنساء دول أوربا الشرقية المتجهات إلى إسرائيل للعمل في الدعارة، كما اتهمت واشنطن بعض الدول العربية النفطية بالشيء نفسه وبسوء معاملة الأطفال والمهاجرين والمغتربين، وخصّت واشنطن مصر باتهامات بالمتاجرة في الأطفال المصريين ممن يستغلون في السياحة الجنسية والخدمة المنزلية. ويلسون: على الحكومة المغربية متابعة من يتاجرون بالبشر قالت إيمي ويلسون، مسؤولة الشؤون السياسية والاجتماعية بقنصلية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالدار البيضاء، في تصريح ل"المساء"، على خلفية التقرير الجديد الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية ورفعته إلى الكونغرس الأمريكي، حول "الاتجار بالبشر عام 2008": إن "المغرب لم يقم برفع تقارير أو متابعة أي من الأشخاص الذين يجبرون الأطفال على العمل. علاوة على ذلك، لم ترفع الحكومة بطريقة لافتة للنظر من سقف تطبيق القوانين ضد استغلال التجارة الجنسية بالمقارنة مع السنة الماضية"، وأضافت ويلسون أن "الحكومة فشلت في تقديم الحماية اللازمة لضحايا تهريب الأشخاص، الذين غالبا ما يتم احتجازهم وبالتالي فهم دائما معرضون للترحيل على أساس أعمال ارتكبت نتيجة كونهم أشخاصا مهربين". في نفس الصدد، أكدت المسؤولة الأمريكية أنه على "المغرب أن يطور أداءه في مكافحة التهريب"، واقترحت على الحكومة المغربية "أن تكون حازمة في متابعة المهربين المتورطين في الإكراه على البغاء والرق بطريقة غير مباشرة"، وأضافت إيمي ويلسون أنه "يجب إرساء مسطرة قانونية لتحديد هوية الضحايا من أجل ضمان أن هؤلاء الضحايا لا يتعرضون للعقاب أو يتم ترحيلهم بطريقة مباشرة على أساس أعمال ارتكبت نتيجة كونهم أشخاصا مهربين".