بلهجة توبيخية اعتبر تقرير الخارجية الأمريكية حول المتاجرة في البشر أن الحكومة المغربية لا تحترم المعايير الدنيا للقضاء على المتاجرة في البشر. وذكر التقرير، الذي قدمته كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، أول أمس الثلاثاء، أن المغرب لم يتخذ التدابير اللازمة لتجميع المعطيات المتعلقة بالمتاجرة بالبشر، وتحديد هوية الضحايا، وتعزيز الجهود المبذولة على المستوى القانوني والمتمثلة في التحقيق في قضايا الاتجار بالبشر وإدانة المتورطين ومعاقبتهم، أو توفير الحماية للضحايا، الذين يتم عادة اعتقالهم ثم ترحيلهم. كما اعتبر التقرير أن المغرب يعتبر في نفس الآن مصدرا ووجهة ونقطة عبور لشبكات المتاجرة في الرجال والنساء والأطفال، الذين يتم إجبارهم على العمل أو يتم استغلالهم جنسيا. موضحا أن تلك الشبكات تنشط على الصعيد المحلي من خلال استقدام الأطفال من البوادي إلى المراكز الحضرية للاشتغال قسرا في ظروف مأساوية في المعامل أو داخل البيوت دون تمكينهم من أجورهم أو حرية التحرك، بل يتم إخضاعهم لشتى أنواع التعذيب والاستغلال والإهانة، كما يتم تهريب الرجال والنساء والأطفال إلى البلدان الأوربية أو الشرق أوسطية بشكل سري بهدف استغلالهم في العمل الإجباري أو تسليمهم لشبكات الدعارة الدولية. وذكر التقرير بوضعية المغاربة الذين يقعون ضحايا شبكات إجرامية تمنحهم عقود عمل وهمية تمكنهم من الهجرة إلى الخارج، لكن بمجرد وصولهم إلى الوجهة المقصودة، يتم حرمانهم من جواز السفر وإرغامهم على العمل لصالح شبكات الدعارة، كما هو عليه الأمر في دول الخليج العربي وسوريا والأردن وليبيا وقبرص، أو في مافيا ترويج المخدرات في أوربا، وبالضبط في إيطاليا. ومن بين التوصيات التي وجهها تقرير الخارجية الأمريكية للمغرب، تلك المتعلقة بتفعيل تشريع يناهض المتاجرة بالبشر ويوسع من نطاق العقوبات المفروضة على المتورطين في التشغيل القسري للأشخاص، وجمع كافة المعطيات الخاصة بقضايا المتاجرة في البشر، وإحداث آلية للتعريف بضحايا تلك الظاهرة، وعدم معاقبة أولئك الضحايا بسبب أفعال ارتكبوها نتيجة استغلالهم من طرف الشبكات الإجرامية، إلى جانب القيام بحملات توعوية لمكافحة كافة أشكال استغلال البشر بما في ذلك التصدي للسياحة الجنسية التي تستهدف الأطفال على الخصوص. وأشار التقرير إلى أن القانون الجنائي المغربي يمنع التشغيل الإجباري للأطفال بمقتضى الفصل 467، والدعارة القسرية ودعارة القاصرين بمقتضى الفصلين 497 و499، غير أن العقوبات المنصوص عليها في تلك الفصول لا ترقى لمستوى الجنح المرتكبة في حق الضحايا. وبخصوص الأرقام التي قدمتها وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، نزهة الصقلي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، والتي جاء فيها أن المغرب تمكن خلال سنة 2008 من تفكيك 220 شبكة للاتجار بالبشر، قال التقرير الأمريكي إن الحكومة المغربية لم تميز بين تهريب المهاجرين والمتاجرة بهم، لذلك كان من الصعب تحديد الرقم الدقيق لشبكات المتاجرة بالبشر. وأضاف التقرير أن المغرب تابع 42 شخصا بسبب تورطهم في المتاجرة بالأطفال بغرض تشغيلهم في المنازل، كما تمت في 2008 متابعة 200 شخص بسبب «تحريضهم» على دعارة الأطفال واستغلالهم جنسيا، لكن دون أن يتم الكشف عن عدد الذين تمت إدانتهم. وبخصوص أوضاع المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، كشف التقرير أن جهود المغرب تظل غير كافية من أجل الدفاع عن ضحايا شبكات التهجير والمتاجرة، حيث يكتفي المسؤولون باعتقال أولئك الأشخاص دون تمييز بين من المهاجرين وضحايا شبكات المتاجرة، ثم ترحيلهم إلى الحدود مع الجزائر وتركهم في أغلب الأحيان بدون ماء ولا طعام، حيث يتعرضون للسرقة والاعتداء وحتى للاستغلال الجنسي من طرف عصابات إجرامية تنشط في المنطقة. واتهم التقرير المسؤولين المغاربة بعدم تشجيع الضحايا على المشاركة في التحقيقات ضد مستغليهم، رغم أن بعض الضحايا قدموا شهاداتهم خلال المتابعات. وفي المقابل، نوهت الخارجية الأمريكية بالدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية سيما تلك التي تنشط في مراكش والدارالبيضاء، بالنظر إلى المجهودات التي تبذلها من أجل دعم ضحايا المتاجرة في اللحوم الأدمية سيما في صفوف الأطفال. وقالت هيلاري كلينتون، خلال تقديم التقرير الذي يصدر بمقتضى القرار الذي أصدره الكونغرس سنة 2000، إن هدف الخارجية الأمريكية من إصدار هذا التقرير هو تشجيع البلدان على التدخل عندما تدعو الضرورة إلى ذلك، وكذا توجيه الانتقادات للمقصرين والتهديد بفرض عقوبات عليهم.