عكست نتائج انتخابات مجالس العمالات والأقاليم التي جرت بحر الأسبوع الماضي، فرضية قابلية الخريطة السياسية المغربية للخضوع لمنطق التغيرات التي تفرضها الانتخابات، وطبيعة الأحزاب السياسية، إذ لم تعكس هذه الانتخابات طموحات الأحزاب التي حصلت على الرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009. واحتل حزب العدالة والتنمية المرتبة السابعة ب62 مقعدا حسب النتائج الرسمية، بينما كشفت النتائج التي قدمها الحزب حصوله على 74 مقعدا، مما جعله يحتل الرتبة السادسة، وهي نفس المرتبة التي احتلها الحزب في الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009. وبذلك تكون النتائج قد عززت من تواجد الحزب في الهيآت التمثيلية وفي مجالس الأقاليم والعمالات، بعد حصوله على نسب مهمة من عدد المقاعد في مدن كبرى كمدينة الدارالبيضاء التي حصل فيها على نسبة 23 في المائة من المقاعد المتبارى عليها في العمالة التي شارك فيها، ب7 مقاعد من أصل 31 مقعدا، وجهة طنجة تطوان التي حصل فيها الحزب على نسبة 16 في المائة من المقاعد المتبارى عنها في 5 عمالات، والتي تبلغ 95 مقعدا حصل الحزب على 15 منها، واستطاعت الأغلبية التي ينتمي إليها الحزب في مدينة سلا الحفاظ على قوتها، بعدما حصلت على أزيد من 70 في المائة من مجموع المقاعد. وقد منحت انتخابات مجالس الأقاليم والعمالات الرتبة الأولى للوائح اللامنتمين ب 325 مقعدا، وحصل حزب الاستقلال على الرتبة الأولى في لوائح الأحزاب السياسية ب185 مقعدا، فيما تراجع حزب الأصالة والمعاصرة إلى الرتبة الثانية ب179 مقعدا رغم حصوله في الانتخابات الجماعية ل12 يونيو2009 على الرتبة الأولى ب6015 مقعدا. وبينما تنظتر الأوساط الحزبية فك شفرة اللوائح المستقلة التي تضم منتخبين عن بعض الأحزاب، اختاروا الترشح في لوائح اللامنتمين لتقوية حظوظ الأحزاب. واعتبر فاعلون سياسيون أن الانتخابات الأخيرة كشفت طبيعة حزب الأصالة والمعاصرة، واعتبر حسن طارق عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي في تصريح للتجديد أن تراجع الأصالة والمعاصرة كان متوقعا، ومعناه أن القاعدة الانتخابية للحزب غير مستقرة، وأنه اعتمد على منطق التجميع في الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009, مضيفا أن الانتخابات الأخيرة كشفت أن الالتزام داخل الحزب ضعيف جدا لكون الناخبين لا تربطهم أي التزامات إديولوجية أو روابط مع مشروع الحزب. من جانبه اعتبر عبد العالي حامي الدين عضو الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية أن نتائج الأصالة والمعاصرة أثبتت أنه لا يتوفر على قواعد حزبية منضبطة، مضيفا أن قاعدة مرشحيه في الانتخابات الجماعية السابقة أخذها من سماسرة الانتخابات الذين كانوا ينتمون إلى أحزاب أخرى، وبالتالي لا تتوفر فيه قيمة الانضباط الحزبي. ومن المنتظر أن تعرف مرحلة تشكيل المكاتب وانتخاب الرؤساء في مجالس العمالات والأقاليم منافسة حادة بين الأحزاب والأقطاب السياسية، وبين الأغلبيات المسيرة لمجالس المدن والمجالس البلدية والمعارضة، خاصة في مدن الدارالبيضاء وطنجة تطوان والرباط.