على غرار باقي السنوات الماضية يعرف شهر رمضان لهذه السنة منافسة شديدة بين القنوات الفضائية على مستوى البرامج والمسلسلات، الهدف منها استقطاب عدد كبير من المشاهدين، ورفع التحديات التي يفرضها المشهد الإعلامي اليوم. نفس الاهبة تعيشها القناتين المغربيتين الأولى والثانية اللتان بعد عدة شهور من الاستعدادات، كلفت أكثر من 4 مليارات . لكن وككل سنة تسجل نفس المؤاخذات على البرامج والمسلسلات الفكاهية والأعمال الدرامية المقدمة للمشاهد في هذا الشهر الكريم. فكاهة فارغة مازالت القناتين المغربيتن تراهن على الفكاهة والسلسلات الفكاهية الجديدة لشد انتباه المتفرج، عملا بمقولة : لا شيء يبعث على الاشتهاء أفضل من الفكاهة ، ويظهر ذلك جليا في كثرة السلسلات الهزلية التي بلغت 11 سلسلة، 6 للقناة الأولى( جحا ياجحا و كاميرا غسان و دار الورثة و لكيشي و فركوس و فركوسة و ضحك اللوالا ) فضلا عن الأفلام الكوميدية المصرية . و 5 للقناة الثانية (كاستينغ و كاميرا خفية، و كول سانتر و نسيب الحاج عزوز و بنت بلادي...). ويرى متتبعون أن هذا الرهان صعب، ليس لان الفكاهة لا تلاؤم شهر التقوى كما يظن البعض، و لكن لان ما قدم لغاية اليوم لم يكن مقنعا، وحسب تصريح لاحد الفنانين المغاربة فضل عدم ذكر اسمه، فأن ما يتعلق بالفكاهة هزيل ويشوبه التكرار. وفي السياق ذاته أكدت الفنانة نعيمة الياس في تصريح لالتجديد أن :السيتكوم ليس فكرتنا بل هو فكرة أمريكية ، و ما نفعله نحن هو اقتباس الأفكار لكنها أشارت إلى انه إذا تمت مغربته و أصبح يشبه مجتمعاتنا ويحمل معاناتنا و يتقرب للمشاهد المغربي في طريقة الترفيه فلا شك انه سينجح. كول سانتر قد يكون بالنسبة للقناتين المسلسلين الغريب (على القناة الأولى) و المجذوب (على دوزيم) من أقوى لحظات برمجة رمضان لهذه السنة. لكن يظل حدث هذه السنة على القناة الثانية هو سيتكوم كول سانتر الذي يعرض لقصص وأحداث تطرأ داخل مراكز الاتصال. العمل الذي لا شك سيثير ردود أفعال متباينة من إخراج نرجس الرغاي وهشام العسري. و هو عمل جديد من حيث الشكل و المضمون والأول في المغرب كما عبرت عن ذلك نعيمة الياس التي تخوض التجربة لأول مرة ومع شباب يمثلون لأول مرة. لكن مع انطلاقته في بداية رمضان اتضح ان العمل بعيد عن التربة الثقافية المغربية في مدلول أساليبه التعبيرية وحواراته التي توحي على رموز وثقافة أخرى. بمعنى انه عمل مقتبس بعيد عن المغربة التي تحدثث عنها الفنان نعيمة الياس . أفلام لا تحترم حرمة رمضان وتستمر القناتين الأولى والثانية في عرض أفلام أجنبية و عربية و كذلك مسلسلات مكسيكية و مصرية سواء بالنهار أو بالليل، تتضمن مشاهد مخلة بالحياء و لاتراعي حرمة رمضان و لا الأجواء الإيمانية التي يكون عليها الصائم. فالأولى كعادتها تشهر ورقة الأفلام الهندية المعروفة بالغناء و الرقص المثير . ثم هناك الأفلام المصرية التي تعتمد الإثارة المجانية من خلال القصص الغرامية التي تخاطب الغريزة، مثل واحدكابتشينو و إحنا بتاع المطار وجعلتني مجرما و علمني الحب، فضلا عن أفلام عادل إمام الذي يتعمد الاستفزاز في أفلامه التي تخصص له القناة الأولى حيزا كبيرا هذه السنة: زوج تحت الطلب و أزواج طائشون و خصوصا هاللو أمريكا الذي يتضمن لقطات لااخلاقية. هذا بالإضافة إلى بعض المسلسلات التركية والمكسيكية المدبلجة التي تعرض على القناتين و بالأخص على الثانية، و التي لا تخاطب هي الأخرى إلا ما هو غرائزي و عاطفي في المتفرج. قد ينضاف أحيانا إلى هذه القائمة بعض الأفلام المغربية التي تتضمن لقطات جريئة مثل شريط قلوب محترقة الذي يعد من بين الأعمال السينمائية المتميزة. قلة البرامج الدينية مما لا شك فيه أن برمجة رمضان على القناتين الأولى و الثانية ككل سنة تحتوي على برامج دينية تتعلق برمضان، لكنها بالمقارنة مع ذكر تعد ضئيلة جدا . فإذا ما استثنينا برنامج الدروس الحسنية الذي يعد محطة هامة في هذا الشهر ، وحديث الصائم الذي لم يعد يلبي حاجيات الصائم المغربي على الأولى. ثم البرنامج الديني الوحيد على الثانية مواهب في تجويد القران الذي لم تشمله الدعاية الاشهارية لهذه السنة كما كان في السابق، فانه يمكن الجزم بان القناتين تشهد فراغا في الفقرات الدينية، و هذا بشهادة مجموعة من المواطنين استقت التجديد آرائهم خلال رمضان منهم فنانين وكتاب و أساتذة باحثين. و هذا ينعكس على المواطن المغربي الذي يضطر، رغم وجود قناة دينية مغربية إلى الهجرة نحو الفضائيات الدينية المشرقية التي تعرف برمجة مكثفة ومتنوعة في شهر رمضان، وفي حلة فنية تستهوي المتفرج. من هنا تتبين مسؤولية القناتين باعتبارهما العمود الفقري للقطب الإعلامي ببلادنا ، في ظاهرة ترحال المغاربة إلى فضائيات أخرى . ولذلك قال احد المتتبعين:إذا كنا نريد الحفاظ على الخصوصية الدينية المغربية، فان القناتين المغربيتين مطالبتين بتغيير طريقتيهما في التعامل مع الشأن الديني بالمغرب و بالأخص في شهر رمضان الذي يحتاج فيه الصائم إلى المزيد من العمل الصالح و من معرفة دينه.