قال المقرئ الإدريسي أبو زيد إن التجديد ضرورة حضارية من أجل نهضة الأمة، لكنه حذر من التلاعب بالنص القرآني باسم التجديد أو غيره، مضيفا نحن لا نخاف من التجديد بقواعده. وتوقف أبو زيد في محاضرة حول القراءات الحداثية للنص القرآني بالملتقى الدعاة الثالث لمنظمة التجديد الطلابي بالقنيطرة، عند تاريخ الفكر الاستشراقي وكيف حاول تفكيك النص القرآني من داخله دون أن يفلح في ذلك، وقال إنهم حاولوا النيل من النص القرآني وجودا ومادة ومعنى، غير أن الله تعالى ردّ بعلماء أفذاذ قيضهم لهذه الأمة ردوا عن قرآنها شبهات المضلللين والمرجفين. وحذر أبو زيد من ما أسماه الدعوات المغرضة التي تبلس لبوس التجديد في قراءة النص، مبرزا الفروق المنهجية بين التجديد في القراءة بما هو منهج إسلامي تراكم لقرون طويلة على يد علماء أفذاذ، وتشهد عليه آلاف التفاسير والمؤلفات والاجتهادات التي خلفوها من بعدهم، وبين التجديد التي يزعمه أصحاب القراءات الحداثية، وقال أبو زيد أن القراءة التي تسمى بالحداثية ما هي إلا محاولات يائسة لنقض النص القرآني من أسسه باعتماد مقاربات غربية تفتقد للأسس العلمية، بسبب ارتباطها ببيئات ثقافية تختلف جوهريا عن البيئة الثقافية الإسلامية، ولارتباطها بنص غير النص الإسلامي، وبيّن المقرئ في الملتقى الخلاف بين الموقفين الأصولي والحداثي في علاقتهما أو تناولهما للقرآن الكريم، حيث يتجه الأول إلى تسطيح النص ولو تعارض مع العلم، ويتجه الثاني إلى تحكيم العلم في صدقية النص. من جهة أخرى، ألقى محمد بنينير، باحث في العلوم الشرعية، محاضرة حول القواعد والضوابط في التعامل مع السنة تطرف فيها إلى أهمية إدراك المنهج السليم لحسن التعامل مع السنة النبوية، بالنسبة للباحث في العلوم الشرعية وكذلك للداعية الممارس للعمل الدعوي الرسمي أو التطوعي، وفي هذا الصدد أشار بنينير إلى جملة قواعد منطقية اعتمدها المحدثون والفقهاء للتأكد من صحة الحديث وحسن التعامل معه، وتنزيله على الظواهر الاجتماعية المتجددة والمتغيرة، موضحا كل قاعدة بأمثلة تطبيقية من واقع الصحابة والعلماء من السلف الصالح. وفي معرض مداخلته حول العقيدة الأشعرية، شدد الدكتور عبد القادر بيطار، رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، على ضرورة التمييز بين العقيدة كعقيدة منزلة في القرآن والسنة، وبين علم العقيدة كاجتهاد بشري ومنهج إنساني في شرح قضايا العقيدة المنزلة، وقال الدكتور بيطار إن هذا التمييز ضروري جدا من أجل تجاوز مجموعة من الإشكالات المنهجية التي يصادفها العقل الإنساني أثناء تناوله لقضايا العقيدة. وتناول الأستاذ بيطار تاريخ المذاهب العقدية وفي مقدمتها العقيدة الأشعرية، مزيلا عنها ما ألصق بها من شبهات تعارضها مع عقيدة أهل السنة والجماعة، وموضحا مميزات هذه العقيدة التي لا تتعارض مع عقيدة أهل السنة والجماعة، وتتماشى مع ما قرره سلف الأمة من الصحابة المؤسسين الاوائل. وشهد الملتقى لقاء مفتوحا مع الأستاذ الداعية عبد الله بوهتيش حول تجربته الدعوية، أبرز فيها أهمية فترة الشباب في التزود بطلب العلم والرهان على التكوين الشخصي، كما أشار إلى أن الانتظام في مسيرة الدعوة والحركة والتنظيم يحفز ويساعد على الممارسة الدعوية مستقبلا. مؤكدا على ضروررة التزود بالعلم الشرعي الكافي للإسهام في فعل دعوي وازن وقوي. أما الدكتور محمد عوام، أستاذ الأصول بجامعة محمد الخامس بالرباط، فركز في مداخلته حول أصول الفقه وضرورته للداعية إلى الله، وقال إن ملتقى مثل ملتقى منظمة التجديد الطلابي يعد مبادرة مهمة في الإسهام في تكوين الطلاب وخاصة في المواضيع الشرعة، وقد تطرق الأستاذ عوّام في موضوعه إلى المنهج الأصولي ودوره في تشكل العقل المسلم، تعرض فيه لماهية أصول الفقه وتاريخ تطوره وأهميته في مساعدة العقل المسلم في التحليل والتفسير والتركيب.