وجد محمد الذي يعمل رئيسا لقسم العبور بمطار محمد الخامس الدولي بالبيضاء نفسه متهما في قضية تتعلق بجنحتي المساعدة على الهجرة السرية و الارتشاء؛ اللتين توبع على إثرهما من قبل وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالحي الحسني عين الشق بعد اعتقاله بتاريخ 2002/08/.28 فماهي حيثياث هذه القضية؟ وكيف أثبت محمد أنه بريء من التهم الموجهة إليه؟ وعلى أي أساس بنى المدير العام للأمن الوطني قراره القاضي بعزل محمد من عمله بالرغم من تبرئته من قبل المحكمة. (الملف رقم 2004/327غ، حكم رقم :455/بتاريخ 2004/11/08/المحكمة الإدارية بالدار البيضاء) (منشور بمجلة الملف: العدد رقم 8/2006) حسب محضر الضابطة القضائية عدد 4257 الذي أنجز في النازلة بتاريخ 29/08/,2002 فقد توصلت الإدارة العامة للأمن الوطني من مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية بوزارة الشؤون الخارجية بفاكس يفيد بأن سفارة المغرب بالبحرين تمكنت من وضع اليد على جواز سفر في اسم سيدة تدعى مينة، تقدمت به أختها حنان إلى السفارة المذكورة لتسجيل نفسها هناك. وقد تم استفسارها عن الجواز الذي بحوزتها فاعترفت أنها سافرت بواسطته من مطار محمد الخامس في اتجاه مدينة المنامة منتحلة هوية أختها، وقد ساعدها على ذلك شرطي يعمل في المطار مقابل مبلغ مالي، حسب تصريحها لدى الضابطة القضائية. وعند الاستماع إلى الظنين عايد من قبل الضابطة القضائية أكدت تصريحات الشاهدة بديعة بخصوص تسهيل سفر الفتاتين المسميتين سلامة وحسناء إلى الإمارات العربية المتحدة، وكذا مساعدة المسماة حنان في السفر إلى دولة البحرين بواسطة جواز سفر أختها، موضحا أنه تلقى مقابل العملية الأولى من المسماة بديعة مبلغ 3.000.00درهم، ومقابل العملية الثانية مبلغ 1.5000.00درهم، وموضحا أنه استعان بموظف الشرطة محمد المسؤول عن قسم المغادرة بمطار محمد الخامس، والذي كان يؤشر له بطائق معلومات الشرطة الخاصة بالمعنيات بالأمر، والذي بدوره سلمه على التوالي مبلغ 2.000.00درهم، ومبلغ 1.000.00درهم نصيبا له من العمليتين. غير أنه تراجع أمام هيئة الحكم عن أقواله أمام الضابطة القضائية بعد إدراكه تناقض تصريحاته، مؤكدا بأنه لم يسلم محمد أي مبلغ مقابل مساعدته له. براءة .. وإدانة وأكد محضر المعاينة والاستجواب الذي أنجزه العون القضائي أحمد أن محمد لم يكن يعمل بتاريخ سفر الفتاتين سلامة وخنساء في 28/07/,2002 وأن الذي كان يعمل في ذلك التاريخ هو المسمى المكي. وعند الاستماع إلى محمد من قبل الضابطة صرح أن المسمى عايد الذي يشتغل معه في نفس حصة العمل، لكنه ينتمي إلى فرقة التدخل المتنقلة سبق أن حضر عنده بتاريخ 30/7/2002 مرتديا الزي المدني، ومعه فتاة قدمها له على أساس أنها من معارفه، وسلمه جواز سفرها، وبطاقة الصعود إلى الطائرة، فوقع له عليها بعد أن اطلع على التأشيرة بالجواز دون أن يتأكد من كون جواز السفر هو لنفس الفتاة التي كانت ترافق المعني بالأمر لأن ذلك لم يكن من اختصاصه، نافيا أن يكون قد تسلم من محمد عايد أي مبلغ مالي مقابل ذلك، أو سبق له أن ساعده في سفر فتيات أخريات، وأن المحكمة الابتدائية بالحي الحسني عين الشق بالبيضاء قضت بتاريخ 2002/9/10 بالنسبة لـمحمد بعدم مؤاخذته عن جنحتي الرشوة والمساعدة على الهجرة السرية وحكمت ببراءته منهما. تم استئناف الحكم الابتدائي من قبل النيابة العامة، إذ نوقشت القضية من جديد وتمسك محمد بإنكاره، معززا إياه بمحضر المعاينة والاستجواب الذي يؤكد بطلان مزاعم عايد الذي صرح بكون محمد ساعده في تسفير الفتاتين سلامة وخنساء يوم 2002/7/,28 في حين أن محمد لم يكن يعمل في هذه الحصة بل كان المكي هو المشرف على قسم المرور. وبتاريخ 31/10/2002 أصدرت محكمة الاستئناف قرارا بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به محمد من جنحة الارتشاء وبعد التصدي قضت بمؤاخذته من أجلها ومعاقبته بأربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافدة قدرها 1000 درهم. طعن بالنقض طعن محمد بالنقض أمام المجلس الأعلى في القرار الاستئنافي لخرقه مقتضيات الفصل 251 من القانون الجنائي، والفصل 352 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك بعدم إبرازه العناصر المكونة لجنحة الرشوة من جهة، ولتناقض أجزائه من جهة أخرى، الشيء الذي استجاب له المجلس الأعلى، حيث أصدر قرارا بتاريخ 04/06/2003 قضى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه، وإحالة القضية من جديد على نفس المحكمة للبت فيه، وهي مشكلة من هيئة أخرى. فأحيلت القضية من جديد على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ونوقشت من قبل هيئة أخرى، فتبين لها أن التهم المنسوبة إلىمحمد مجردة من كل إثبات، وليس بوثائق الملف أي قرينة تفيد توصل العارض بمبالغ مالية لتسهيل سفر المسماة حنان أو غيرها أو ما يفيد تغاضيه عن سفرها فأصدرت بتاريخ 19/09/2004 قرارها بتأييد الحكم الابتدائي لقاضي ببراءة محمد من جنحتي الرشوة والمساعدة على الهجرة السرية، غير أنه، وبعد صدور براءته، وعرضه على المجلس التأديبي بتاريخ 24/03/2004 الذي أدلى له بجميع الوثائق والحجج التي تثبت عدم اقترافه للتهم التي نسبت إليه، فوجئ بتاريخ 15/04/2004 بقرار صادر عن المدير العام للأمن الوطني يقضي بعزله من منصبه ابتداء من تاريخ 25/03/2004 بسبب ختمه جواز سفر مواطنة بدون التأكد من هويتها. اعتبر محمد أن قرار العزل مشوب بالشطط لعدم احترامه لأحكام نهائية حائزة لقوة الشيء المقضي به لفائدته، على اعتبار أن حجية المقضي به قرينة قانونية تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات يخالف القرينة طبقا للفصل 453 من قانون الالتزامات والعقود، وهذا ما كرسه المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 1989/08/10 في الملف عدد 7189/58 المنشور بمجلة المعيار عدد 16 الصفحة ,97 والذي جاء فيه أن عدم امتثال الإدارة لحكم حائز لقوة الشيء المقتضى به يشكل إخلالا بقواعد التنظيم القضائي والإجراءات الأساسية التي باحترامها يحترم النظام العام، وهذا الإخلال يفتح المجال لتقديم دعوى إلغاء مقررها والمطالبة بالتعويض حسب القواعد الخاصة لكل من الدعوتين. فقضت بإلغاء قرار طرد محمد من الوظيفة العمومية المتخذ من قبل المدير العام للأمن الوطني، والمبلغ له بتاريخ 14/4/,2004 والصادر بتاريخ 06/04/2004 تحت عدد .15150 وبناء على جواب الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن الدولة المغربية في شخص الوزير الأول وعن وزير الداخلية وعن المدير العام للأمن الوطني المدلى به بتاريخ 3 شتنبر 2004 أكد من خلاله أن القرار المطعون فيه مشروع، لأن براءة المدعي في الملف الجنحي بنيت على الشك الذي وإن درأ العقوبة الجنائية فإنه لن يرفع عنه المسؤولية في المجال الإداري، وذلك لتسرب الشك والشبهات إلى سلوكه. ومن جهة أخرى، هناك حدود فاصلة بين المتابعة الجنائية والمتابعة التأديبية، كما أن محاكمة المدعي أمام القضاء الزجري أساءت إلى الجهاز الذي يعمل فيه، والمكلف بالحفاظ على أمن وسلامة المواطنين. وبذلك يكون القرار القاضي بعزل المدعي مشروعا ومبنيا على أسس قانونية سليمة فرفض الطلب، وذلك وبالرجوع إلى وثائق الملف، لا سيما محضر اجتماع المجلس التأديبي المؤرخ في 2004/3/24؛ فإنه يتبين بأن ما آخذته الإدارة على المدعي الذي كان يعمل مفتشا ممتازا للشرطة بمفوضية مطار محمد الخامس بالدار البيضاء هو قيامه بتسهيل عملية مغادرة التراب الوطني لثلاث فتيات إلى دول الخليج مقابل مبالغ مالية إلى أن تم الإبلاغ عنه من قبل إحداهن بعد أن تقدمت إلى السفارة المغربية بالبحرين من أجل تسجيل نفسها، وأدلت بجواز سفر أختها والتي اعترفت باستعمالها له أثناء مغادرتها التراب الوطني بمساعدة الشرطي. وتطبيقا لمقتضيات القانون 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية صرحت المحكمة الإدارية بإلغاء القرار الإداري الصادر عن المدير العام للأمن الوطني المؤرخ في 6/6/2004 القاضي بعزل المدعي من وظيفته؛ مع ما يترتب عن ذلك قانونيا. تعليق: قرار العزل في هذه الحالة مشوب بالشطط في استعمال السلطة في واقعة الملف رقم 2004/327غ) الذي قضت بخصوصه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ثلات مراحل، الأولى أن محمد أتبث براءته بكل وسائل الإثبات، فاقتنعت المحكمة وقضت بالبراءة، ثم الشق الثاني وهو إعادة عرض القضية من قبل النيابة العامة، وبها أدين محمد، ليسارع في طلب الطعن بالنقض ليقضي المجلس الأعلى ببراءته. وبعد الحكم بالبراءة؛ بدأت المواجهة مرة أخرى بين محمد والجهة التي يعمل بها، والتي رفضت أن يعود إلى عمله كشرطي ممتاز، وقامت بعزله بدعوى أن دفوعات الوكيل القضائي للمملكة سارت في اتجاه أن محمد كان مقصرا في أدائه لواجبه المهني، وأن هذا التقصير هو أساس متابعته تأديبيا، علما أن ذلك أدى إلى المساعدة على الهجرة السرية، والتمس الحكم وفق مذكرته الجوابية. والطلب الأساسي لـمحمد بعدما قضى المجلس الأعلى بالبراءة هو الحكم بإلغاء قرار عزل المدعي من وظيفته، الصادر عن المدير العام للأمن الوطني الصادر بتاريخ 2004/4/6 لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة. تمسك محمد بأن التهمة المنسوبة إليه، والتي على أساسها تم اتخاذه قرار عزله، قد تمت تبرئته منها قضائيا بمقتضى القرار النهائي عدد 04/589 الصادر بتاريخ 19/1/2004 عن محكمة الاستئناف بالبيضاء. ولما كان من المستقر عليه قانونا وقضاء أن القرار الإداري لا يكون مشروعا إلا إذا كان له سبب يقره القانون، والذي يتمثل في مجموعة العناصر القانونية والواقعية التي تقود الإدارة إلى التصرف، ويكون بمقدورها أن تبرهن على وجودها ماديا. من المستقر عليه قانونا وقضاء أن القرار الإداري لا يكون مشروعا إلا إذا كان له سبب يقره القانون، والذي يتمثل في مجموع العناصر القانونية والواقعية التي تقود الإدارة إلى التصرف، ويكون بمقدورها أن تبرهن على وجودها ماديا. وبالرجوع إلى وثائق الملف، لا سيما محضر اجتماع المجلس التأديبي المؤرخ في 2004/3/24 فإنه يتبين بأن ما آخذته الإدارة على المدعي الذي كان يعمل مفتشا ممتازا للشرطة بمفوضية مطار محمد الخامس بالدار البيضاء هو قيامه بتسهيل عملية مغادرة التراب الوطني لثلاث فتيات إلى دول الخليج مقابل مبالغ مالية إلى أن تم الإبلاغ عنه من قبل إحداهن؛ بعد أن تقدمت إلى السفارة المغربية بالبحرين من أجل تسجيل نفسها وأدلت بجواز سفر أختها والتي اعترفت باستعمالها له أثناء مغادرتها التراب الوطني بمساعدة الشرطي، وهي التهمة التي سبق للنيابة العامة أن تابعت من أجلها المدعي محمد ثم صدر في حقه حكم بالبراءة. وحيث إنه والحالة هاته تكون الإدارة قد أسست قرارها المطعون فيه على وقائع مادية تبين عدم صحتها. وتبعا لذلك يكون القرار القاضي بعزل المدعي والمبني على وقائع نفت المحكمة الزجرية ارتكابها من قبله، وبرأته منها مشوبا بالشطط في استعمال السلطة لعدم استناده على أساس واقعي صحيح، ولخرقه لقوة الشيء المقضي به مما يتعين معه التصريح بإلغائه. والقاعدة أنه لا يكون القرار الإداري مشروعا إلا إذا كان له سبب مشروع يقره القانون، والذي يتمثل في مجموع العناصر القانونية والواقعية التي تقود الإدارة إلى التصرف، ويكون بمقدورها أن تبرهن على وجودها ماديا. وبالتالي فإن قرار العزل المبني على وقائع فند القضاء الزجري ارتكابها من قبل المدعي وبرأه منها يكون مشوبا بالشطط في استعمال السلطة لعدم استناده على أساس واقعي صحيح ولخرقه قوة الشيء المقضي به إلغاؤه.