جو الحملات الانتخابية التي عاشت على إيقاعها بلدية بوسكورة، ينبؤ عن حيوية مخفية تشعر بها ولا تراها، وإن كانت من طرائف الحملة هناك، أن ترى أغلب زوار السوق الأسبوعي ثلاثاء بوسكورة يحملون مشترياتهم وقد لفت بأوراق منشورات المرشحين. فهذه الحيوية تراها في وجوه الناس الذين يواجهون سيل المنشورات الانتخابية ويستقبلون المرشحين بوعود يكون خير، الله يوفقكم، وفي واجهات سيارات البائعين القادمين من كل أطراف بوسكورة، المكسوة بصور المرشحين، وفي قمصان يرتديها شباب مشاركين في الحملات، تحمل شعارات الأحزاب، وفي سيح العربات المرعب للعابرين.. وفي أحاديث زوار السوق الأسبوعي التي تكشف بعضا من واقع الانتخابات بمنطقة تأخذ طابعا فلاحيا بالدرجة الأولى، وتحتضن أسرار هذا الواقع الذي عرفته المنطقة لسنوات. فالمنطقة أغلب سكانها غير مسجلين باللوائح الانتخابية، والمسجلون منهم أكثرهم لم يتمكنوا من التوصل ببطائقهم الانتخابية. وتحمل أحاديث الساكنة أن السؤال عنها تاه بين مقدم الحومة وقائد المنطقة، قائد المنطقة بحسب ما أكده بعض السكان لـ التجديد يؤكد أنه أرسلها إلى المعنيين عن طريق مقدم الحومة، والمقدم يطمئن السائلين عن بطائقهم بأنها لا زالت بالقيادة..وإذا كان التجوال في سوق ثلاثاء بوسكورة المتخذ مكانه قريبا من مقر البلدية، الذي كان قد صوت المجلس المنتهية ولايته على نقله إلى مكان آخر لإخلاء الأرض لشركة العمران كي تقيم مشاريع سكنية، يحتاج إلى ساعات طويلة، بحسب بعض الأحزاب المشاركة في هذه الاستحقاقات الجماعية، إذ إنه يتوسط كاريان جاميكا ودوار الضرابنة، ويمتد على مساحة شاسعة تقارب 3 هكتارات، فإن رحلة الحملة الانتخابية في بلدية بوسكورة التي تتوزع على جغرافية ممتدة من سيدي معروف إلى دار بوعزة تقريبا كانت منهكة جدا، وكأن المرشحين داخلون في متاهة المساحة المتسعة على خوف وتعب. ذلك أن منعطفات أودية ملوثة تجري وسط المساكن المهمشة، وتشكل بركا آسنة تحيط بكل الدواوير وملامح العفونة ماثلة في كل مكان جراء انعدام قنوات الصرف الصحي بالمنطقة، تنبعث منها روائح كريهة تزكم الأنوف. والطرقات ومنعرجات غير معبدة تقود إلى منطقة لا تنام بهدوء بجانب السكة الحديدية التي لا يتوقف مسير القطارات بها ليل نهار. وخريطة التحرك في هذا الامتداد الجغرافي الشاسع، لأجل تغطية منطقة يهيمن على بنيتها السكنية البناء العشوائي وغير المهيكل. الذي اتخذ منحى في هوامش الأراضي الزراعية.. يحتاج مجهودا مضاعفا لإيصال خطاب أحزاب تنوعت شعاراتها ومقترحاتها لحل مشاكل المنطقة. قادتنا زيارة المنطقة إلى كاريان مزيريرة، حيث ينطق المشهد بمحنة خاصة يعيشها سكان الدوار... مياه ملوثة تصرفها شركة للمشروبات الغازية.. سموم روائح كريهة ناتجة عن التخمر والتعفن.. وأذيات صحية نتيجة انتشار الجراثيم.. زرعت الأمراض في الصدور، والعيون... تلك بعض من المخاطر المباشرة التي تتهدد أزيد من 2000 ساكن بدوار مزيريرة الواقع على تراب بلدية بوسكورة بإقليم النواصر. فمخلفات شركة المشروبات الغازية تتدفق بشكل مستمر من خلال خط صبيب ينبع من أسفل السور الخلفي للشركة، المقابل لفضاء الدوار، مشكلا بركا آسنة تتجمع فيها هذه المياه، تنبعث منها رائحة مميزة مزعجة مهيجة لأعضاء الجهاز التنفسي، ومثيرة للسعال الحاد وخاصة عندما يزداد تركيزه ويصيب العيون بأذى شديد، إضافة إلى وجود نفايات صلبة تطفوا على سطح هذه المياه الملوثة، التي تتدفق في محيط المساكن دون رقيب، فالمياه العادمة تجري في موقع مفتوح يؤثر بشكل حاد على الساكنة التي يعاني أكثرهم من أمراض الحساسية ليلتحق في الأخير بوادي بوسكورة مسببا تلوث مياهه السطحية. وأكد بعض السكان لـ التجديد أن قوة جريان هذه المياه الملوثة التي تطرحها شركة المشروبات الغازية، تصبح خطرا في الليل وفي فصل الشتاء بشكل خاص عندما تختلط مع مياه الأمطار، بل إن الماشية تشرب في هذه المياه الملوثة. ولأن المسألة عمرت أزيد من 3 سنوات، منذ أن حطت الشركة رحالها بمحاذاة هذا الدوار، فيما الإجراءات لا زالت غائبة لحد الآن لحماية صحة ساكنة هذه المنطقة التي تحاصرها مخلفات الشركة من كل مكان، فالتلوث مستمر، ولا يمكن لأحد أن يضمن ما يمكن أن يحدث مستقبلا، تؤكد ساكنة دوار مزيريرة، مضيفين أن الموضوع تتغافله السلطات المحلية بالرغم من قدمه، ولكن ما يثيره هو حالات الإصابات بالحساسية التي أصابت العديد من سكان وأطفال الدوار نتيجة تأثرهم بهذه المخلفات. فيما ينطق المشهد بمحنة السكان، فأغلب الأطفال الذين قابلناهم عيونهم متورمة مصحوبة باحمرار شديد. حلول كثيرة تطرح إزاء هذا الواقع البيئي البئيس الذي يعانيه ساكنة دوار مزيريرة، وهي أساسا ليست جديدة يؤكد مصدر مطلع لـ التجديد، ومنها نقل هذه الشركة الملوثة أو توجيه إنذار لها، لكن ما يهم الناس فعلا أن لا تبقى الإجراءات التي يمكن اتخاذها، كالعادة على الورق.ويضاف هذا المشكل البيئي الخطير، إلى بنية لصرف صحي جد هشة لجل دواوير بلدية بوسكورة، الذي يتدفق دون أي معالجة في موقع مفتوح، قبل أن يلتحق في الأخير بـ وادي بوسكورة مسببا تلوث المياه السطحية لها. هذا، وتعيش بوسكورة على إيقاع مضاعفات حادة لمشاكل التلوث الذي يهدد الصحة والأنشطة المزاولة بهذه المنطقة وكذا المناطق المجاورة . عزيزة الزعلي