يبدو أن البعض من الفاعلين الجدد في الحياة الحزبية مدعو إلى قراءة التقرير الذي أصدره معهد الدراسات الأمنية التابع الاتحاد الأوربي في أبريل 2009 والذي يناقش سبل تجاوز الخوف الأوروبي من الديموقراطية في المنطقة المغاربية، كما يقدم عناصر النقد الذاتي المطلوب من أوربا أن تنخرط فيه، وذلك في جوانب عدة أهمها الموقف من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، والتي كان التقرير صريحا في القول بأن سياسة تقديم الإسلاميين كشياطين أدت إلى إعاقة الإصلاح السياسي، وقد آن الأوان لتجاوزها. وللأسف فهذه السياسة (شيطنة الإسلاميين) هي التي نجد البعض هذه الأيام يتجول بين المدن المغربية للترويج لها واختلاق المبررات لها تحت وهم-حقيقي أو مزيف-بأن ذلك يخدم الإصلاح في الوقت الذي لا يزيد إلا في إعاقته. يقترح التقرير منهجية جديدة في التعامل مع الإسلاميين تقوم على الاعتراف بكونهم يشكلون مكونا سياسيا أساسيا وعنصرا مركزيا في التحول السياسي والديمقراطي في العامل العربي، هذا التقرير يؤشر على أن الموقف من الإسلاميين داخل مؤسسات الأبحاث الأوربية بدأ يتحول لجهة القطع مع المنهجية التقليدية التي كانت تركز على الربط الميكانيكي بين مصالح الأوربيين وبين دعم الأنظمة السياسية، وهي المنهجية التي ساعدت بعض الجهات البحثية واللوبيات الضاغطة لترويج رؤية سطحية عن الإسلاميين لا تميز بين الإسلاميين الذين انخرطوا في العملية السياسية وأصبحوا يشكلون فاعلا سياسيا لا يمكن الاستغناء عنه في عملية الإصلاح السياسي والديمقراطي، وبين مكونات انخرطت في أجندة نابذت لخيار المشاركة في العملية السياسية. فما هي الدروس التي يريد مناهضو الفعل السياسي للحركة الإسلامية التنكب عنها؟، باختصار وكما يقول التقرير : - لا إصلاح ديمقراطي في العالم العربي بدون إدماج الإسلاميين في العملية السياسية. - إبعاد الإسلاميين عن العملية السياسية يوسع قاعدة المتطرفين ودعاة العنف الذين يدعون إلى مقاطعة العملية السياسية والانتخابية برمتها. - إدماج الإسلاميين في العملية السياسية يدفعهم إلى خلق تمايز واضح بين العمل الدعوي والعمل السياسي، ويشجعهم على التحول إلى حزب عصري مدني مسؤول وذي مصداقية. للأسف بعد أن كان المغرب يدافع في السابق عن هذه النظرة معتبرا أن المشروع الاستئصالي الذي انخرطت فيه بعض الدول المغاربية في أوساط التسعينيات أمر لا يعنيه، وذهب إلى حد مقاطعة اجتماع لوزراء الداخلية العرب في الموضوع، ها هو اليوم يجد نفسه أمام سعي البعض لجره إلى ما رفضه في الماضي مع مفارقة غريبة هي أن الذين تبنوه في السابق وخاصة في أوروبا يتجهون إلى التخلي عنه.