المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بمركز فريدي بمدريد:العلاقات بين الشعوب يجب أن تبنى على التفاهم و المصالح المشتركة واحترام كل طرف لهويةالآخر
نشر في التجديد يوم 07 - 06 - 2005

ألقى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الدكتور سعد الدين العثماني محاضرة بمركز فريدي بالعاصمة الإسبانية مدريد يوم 31 ماي المنصرم، تطرق فيها للوضعية السياسية الراهنة بالمغرب، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها، كما عالج موقع حزب العدالة والتنمية في حركية الإصلاح بالبلاد، وتوقف عند العلاقات المغربية الإسبانية والقضايا المحورية فيها وتصور الحزب لكيفية التعاطي معها، وقد تتبع هذه المحاضرة جمع من الأكاديميين وممثلين عن وزارة الخارجية الإسبانية وباحثين بعدد من مراكز الدراسات والأبحاث بمدريد فضلا عن عدد من الإعلاميين، وتناول النقاش عددا من القضايا كملف الإصلاحات الدستورية، وتوجهات حزب العدالة والتنمية وتأثير المرجعية الإسلامية في برنامجه وتصوره للعلاقة بين الديني والسياسي، وسبل مقاومة الإرهاب، وطبيعة الحركات الإسلامية المعتدلة، ورؤية الحزب لدور الاتحاد الأوروبي في الدفع بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ونظرا لأهمية المحاضرة ننشر نصها كاملا.
أيها السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي الابتهاج و الاعتزاز أن أقوم باسم حزب العدالة و التنمية، وقبل ذلك كمواطن مغربي، بهذه الزيارة للبلد الجار والصديق إسبانيا، وشعبها المتأصل العريق، الذي تربطنا به علاقات الجوار الجغرافي والترابط التاريخي والعلاقات السياسية المميزة. والتاريخ يذكر ما عرفه بلدكم لقرون طويلة من نموذج فائق للتعايش والتسامح والائتلاف، وهو النموذج الذي أنجب إبداعا و نبوغا في مختلف الميادين الثقافية والفلسفية والأدبية والعلمية والسياسية والحقوقية. ولم يكن ذلك التنوع في الخاصيات الدينية والعقائدية والعرقية عائقا أو مثبطا، بل كان كل ذلك محفزا وفضاء واسعا لحرية الرأي و التعبير.
و اليوم ما أحوجنا أن نستلهم ذلك كله لنثري ثقافة الحوار ولتحقيق مزيد من التقارب والتواصل والتفاهم والتكامل بين الشعوب، لنحقق السمو الإنساني في معاملاتنا و تدبير اختلافاتنا. فالتجربة و الواقع تفيد بأن العنف و التشنج و منطق القوة لا يفيد و لا يجدي بل يبدد الطاقات و يؤجج التوترات و يثير الحساسيات. ويحظى الجوار في ثقافتنا بمعنى أخلاقي واجتماعي يرقى إلى درجة الأخوة، بحيث أن الجار في الإسلام يكاد أن يرث الجار، مما يدعو إلى إحاطة علاقة الجوار بين بلدينا، كما كانت تاريخيا، بشبكة أمان تقيها من تقلبات الأحوال الإقليمية والدولية والحسابات السياسية الضيقة، أو ما قد يبدو من تناقض في المصالح في بعض الأحيان، وهو ليس كذلك. ونحن متأكدون أنه مهما تكن المشاكل الشائكة والمسائل العالقة بين البلدين فلدينا متسع وخيار في الحوار الجاد والعمل على أساس منطق المصالح المشتركة والمتكافئة، لتيسير علاقة قوية ومتوازنة تخدم بواقعية وبعد نظر مصالح الجوار الإستراتيجية. إن مصالحنا المشتركة تفوق كل الاعتبارات الضيقة، ومسؤولياتنا الدولية المشتركة تستدعي تنسيقا وتشاورا وثيقا يخدم الأمن و الاستقرار و الازدهار، خاصة في المرحلة
الحرجة الحالية التي يكاد منطق القوة يطغى على منطق الحق والقانون.
إن التخلف ليس قدرا محتوما بل نتيجة لسوء التدبير وعبثية التسيير في تبديد الطاقات وإفقار المقدرات و تكاثف التواطؤات لاستغلال النفوذ ولضعف روح المواطنة المناضلة الحريصة بأمانة على خدمة المواطنين والوطن.
التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمغرب
أيها السيدات والسادة،
لقد كان المغرب باستمرار ملتقى لتلاقح الثقافات والحضارات المختلفة، وشكل عبر التاريخ بموقعه الجغرافي الاستراتيجي معبرا يربط بين القارات وخصوصا منها الأفريقية والأوروبية، وهو ما جعل جذوره العميقة الأصيلة لها امتدادات متنوعة، هي مزيج من ثقافات عدد من شعوب العالم ومن هنا فإن الشعب المغربي كان دائما وعبر الأزمنة منفتحا على الآخرين. و نحن إذ نقدر اليوم أهمية هذا الامتداد، فإننا نسعى بالتأكيد إلى المزيد من إثراءه.
وقد شهد المغرب تطورات كبرى منذ بداية التسعينيات، حيث انخرط في مسلسل للإصلاحات، نعي جيدا أنها لا زالت في حاجة إلى المزيد من الجهد والتطوير، لكن هذا لا ينقص من أهميتها. فعلى المستوى السياسي والدستوري تم توسيع حرية الصحافة والتجمعات وإنشاء الجمعيات، والعفو عن العديد من المنفيين والمعتقلين السياسيين استفاد منها المئات من المعتقلين من كافة الحساسيات السياسية والإيديولوجية. كما تم إجراء تعديلين دستورين الأول سنة 1992 والثاني سنة .1996 وينص هذا الأخير في ديباجته على تشبث المملكة المغربية بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. كما جاء بمجموعة من المقتضيات التي رامت توسيعا نسبيا لبعض صلاحيات الوزير الأول والبرلمان.
كما كان من معالم هذا الانفتاح أنه تم في شتنبر 2002 إجراء أول انتخابات تشريعية تمر منذ عقود من الزمان نسبيا في أجواء ديمقراطية وشفافة.
وأما على صعيد التدابير المؤسساتية، فقد مثل تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة ,1990 مظهرا من مظاهر هذا الانفتاح السياسي، تلاه تأسيس هيئة التحكيم سنة 1999 المتعلقة بتعويض ضحايا الاختفاء القسري، وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2001 بهدف إنعاش الثقافة واللغة الأمازيغيتين والنهوض بهما، وإنشاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري سنة 2002 لإنهاء احتكار الدولة لهذا القطاع، ثم تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004 بهدف إجلاء حقيقة الماضي وإنصاف ضحاياه وتحقيق مصالحة وطنية توفر الظرف السياسي لانكباب البلاد على مواصلة مسلسل تكريس الديموقراطية وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
وأما على صعيد التدابير التشريعية، فإننا نسجل سن إصلاحات معتبرة همت المسطرة الجنائية والقانون الجنائي وقانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية وقوانين الحريات العامة (الجمعيات والتجمعات العمومية والصحافة والنشر) ومدونة الشغل، ومدونة الأسرة التي عرفت إصلاحات جريئة قادرة على الجمع بين مقتضيات المرجعية الإسلامية ومتطلبات التحديث... كما شملت أيضا مصادقة المغرب على اتفاقيات دولية أساسية في مجال حقوق الإنسان...
أما في الجانب الاقتصادي، فإن المغرب قد اختار منذ استقلاله في العقد السادس من القرن الماضي، نموذج اقتصاد السوق، في الوقت الذي كان فيه الكثير من البلدان التي نالت استقلالها حديثا آنذاك، تتبنى النموذج الموجه سياسيا واقتصاديا. ولا شك أن خصوصيات المغرب قد ساهمت بشكل كبير في هدا الاختيار. فنظام الحكم ملكي دستوري، قائم على التعددية السياسية. والمغرب كان دائما بلد الانفتاح والتعايش مع الآخرين. لكن المشكل الذي عانى منه مغرب الاستقلال كان هو غياب استراتيجية ورؤية اقتصادية واضحة، إضافة إلى أن رأس المال المغربي لم يكن من القوة بحيث يمكنه من تمويل القفزة النوعية والكمية التنموية التي كان المغرب يتطلع إليها. وكان هناك سبب آخر مرتبط بالصراعات السياسية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال حتى أوائل السبعينات، مما ضيع فرصا كثيرة لبناء اقتصاد قوي قادر على خوض التنافسية وحل الإشكاليات التي ورثتها البلاد من أمية وفقر وتهميش وضعف للدخل وغيرها.
وقد بدأ الانفتاح الاقتصادي في الواقع مع اتفاقية 1969 مع السوق الأوربية المشتركة، مما هيكل الاقتصاد المغربي حسب حاجيات السوق الأوربية، وبالتالي فإن كل التقلبات في السوق الأوربية تؤثر سلبا أو إيجابا على المغرب. وقد أبرمت اتفاقيات كثيرة توجت باتفاقية برشلونة أواسط التسعينات. لكن عددا من الإصلاحات الضرورية لم تواكب هذه الاتفاقيات، كما لم يتم تأهيل النسيج الاقتصادي بالشكل الكافي. وهذا أدى إلى أن الاقتصاد المغربي يعاني حاليا من إشكاليات هيكلية تقتضي تسريع وتيرة الإصلاحات ونهج أسلوب جديد في التأهيل. لقد كانت هناك مكتسبات إيجابية مثل تعديل قانون الشغل وقانون الصفقات العمومية وتبسيط نسبي لمسطرة الاستثمار، كما بذل جهد كبير على مستوى البنيات التحتية. ومن نتائج كل ذلك تزايد وتيرة الاستثمار الخارجي وخصوصا في قطاع السياحة والمؤسسات المخوصصة.
ونعتبر في حزب العدالة والتنمية أن المغرب قد أصبح عبارة عن أوراش عمل وبناء ينخرط فيها منظمات المجتمع المدني والدولة والأحزاب السياسية، الرجل والمرأة، أوراش أوجد حزبنا لنفسه داخلها موقعا طموحا وواقعيا وديناميكيا لتحقيق ازدهار منطقتنا واستقرارها ورفاهيتها.
كما نعتبر أن ما تم في هذا المجال غير كاف لتوفير شروط الإقلاع الاقتصادي الضروري وحل الإشكالات والاختلالات الاجتماعية المزمنة. كما نرى أنه من الضروري إجراء إصلاحات عاجلة وشجاعة على صعيد المحاور التالية: التعليم والقضاء والإدارة والتعبئة الاجتماعية، إضافة إلى مباشرة عملية تأهيل المقاولة والإصلاح الضريبي وتحفيز الاستثمار ومزيد من إصلاح قانون الصفقات العمومية وإلغاء أنظمة الامتيازات وإصلاح أنظمة التمويل والتركيز على مبدأ تقليص الفوارق الاجتماعية وتوفير العيش الكريم لكل مواطن ومواطنة. وتشخيصنا أن الحكومة لحد الساعة تسير باضطراب كبير ولم تعط الأهمية الكافية لهذه الأوراش.
كما أننا نعي جيدا أنها أوراش تحتاج إلى شجاعة سياسية ومناخ اجتماعي ملائم وموارد مالية إضافية، لكن بإمكان المغرب رفع هذا التحدي والنجاح فيه.
النهوض بالمرأة في التجربة المغربية
أيها السيدات والسادة
إن التحولات الإيجابية التي عرفها المغرب يقر بها الجميع، وعلى سبيل المثال فإن تقرير التنمية البشرية العربية لسنة 2004 والذي أطره ما يفوق 100 باحث حول دراسة ل 15 بلدا عربيا، أكد أن المغرب حقق الإنجاز الأكبر في مجال الارتقاء بوضعية المرأة.
فقد شهدت وضعية المرأة فعلا خلال النصف الأول من هذا العقد تطورا ملحوظا تجسد في عدد من المؤشرات منها على الخصوص إضفاء طابع مؤسساتي على قضية المرأة من خلال إنشاء قطاع وزاري سنة 1998 مكلف بأوضاع المرأة، وتشجيع تمدرس الفتيات، وارتفاع التمثيلية النسائية في البرلمان، حيث بلغ عدد المقاعد التي تحتلها المرأة في البرلمان 35 مقعدا 2002 أي بنسبة 8,10% مقابل 6,0% في انتخابات .1997 وتعتبر مدونة الأسرة أصدق تعبير عن التحسن الذي شهدته وضعية المرأة على اعتبار أنها تزاوج بشكل دقيق بين القيم السامية للدين الإسلامي الحنيف والقيم الكونية لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإننا في حزب العدالة والتنمية نعتبر أن قضية المرأة في المجتمع المغربي لا تزال لم تحظ بما يناسب مكانها.
ونرى أن أي تطور لحقوق المرأة المغربية يجب أن ينبني أولا على تفعيل برامج التنمية والمساهمة في تحسين مستوى المعيشة وتمكين المرأة المغربية من المشاركة بفعالية في صياغة القرار السياسي للبلاد. ونشير إلى أن حزبنا يتوفر على 6 نساء في البرلمان من أصل 35 امرأة، وهي أعلى نسبة يتوفر عليها حزب سياسي، كما أن مناضلة من حزبنا هي الأستاذة سمية بنخلدون ترأس حاليا لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني في مجلس النواب، وهي المرأة الوحيدة التي ترأس حاليا لجنة برلمانية ببلادنا.
توجهات حزب العدالة والتنمية
أيها السيدات والسادة،
إن حزب العدالة والتنمية، وهو يستحضر هذا السياق العام، يعي جيدا أنه يشكل الحزب الأكبر في المعارضة، ويحرص على أن تكون معارضته بناءة وناصحة، وأن تكون علاقته بباقي الفرقاء السياسيين داخل الوطن، وعلاقته بمختلف الحساسيات والأحزاب والشعوب في مختلف أنحاء العالم جيدة مبنية على الحوار والتفاهم والحرص على المصالح المشتركة. وهو في ذلك ينطلق من المرتكزات التالية:
.1اعتماد الثوابت الوطنية والتوافق عليها أرضية للإصلاح والتنمية: وهذه الثوابت هي المرجعية الإسلامية والوحدة الوطنية والملكية الدستورية. ووجود هذه الأرضية التوافقية الصلبة هي ضمانة للاستقرار وحفظ المصالح العليا للبلاد ويتم على أساسها التنافس السياسي الشريف والتداول على السلطة
أما المرجعية الإسلامية فيرتكز فهمنا لها على مقومات ثلاثة هي: الوسطية والاعتدال أولا، واجتناب كل مظاهر الغلو والتطرف في الفكر والممارسة ثانيا، واعتماد الاجتهاد والتفاعل الخلاق والإيجابي مع مكتسبات الحضارة الإنسانية ثالثا.
إن الحزب يؤمن بأن الوسطية والاعتدال تشكلان الخاصية الأساسية للدين الإسلامي وللفكر والحضارة الإسلامية عبر التاريخ، بينما ظل الغلو والتطرف على الدوام سواء منه الديني أو اللاديني شذوذا لا يعبر عن الاتجاه الغالب في تاريخ الأمة وحاضرها. كما أن الإسلام لم يكن في يوم من الأيام عامل انسداد وانغلاق ورفض للتعاون والتعامل مع غير المسلمين، بل كان ولازال وسيبقى دعوة إلى التفاعل والانفتاح على كل الديانات والحضارات والأفكار والمعتقدات والقيم التي تقدر الإنسان وتبني المجتمعات وتحقق الرخاء والازدهار وتعمر الأرض عدلا وسلما واستقرارا.
وانطلاقا من ذلك فإن حزب العدالة والتنمية يعتبر نفسه حزبا سياسيا، لا حزبا دينيا وصيا على الإسلام، ويعتبر أن مجال اشتغاله هو المجال السياسي، كما أن الانتماء إليه هو انتماء سياسي على أساس المواطنة. وهو ما يجعل حزبنا مفتوحا لجميع المواطنين ماداموا ملتزمين ببرامجه السياسية وبقوانينه.
وليس في ذلك أي تناقض مع الديمقراطية، فالعديد من الدول الأوربية تضم الكثير من الأحزاب الديمقراطية المسيحية التي تنطلق من القيم المسيحية لبناء برامجها وفعلها السياسي، وهي تتنوع في ذلك مع تنوع واقعها ونظامها السياسي.
أما الملكية الدستورية في المغرب فهي حسب الدستور ملكية دستورية اجتماعية ديمقراطية، وهي النظام السياسي الذي تقوم عليه الدولة المغربية منذ ما يزيد عن14 قرنا وتدور حوله الحياة السياسية المغربية وتتوحد عليه القوى السياسية والاجتماعية.
.2 الاختيار الديمقراطي: يستمد الحزب نضاله في سبيل الخيار الديمقراطي من إيمانه العميق بضرورة احترام الاختيار الشعبي. لذلك كان تأسيسه سنة 1967 انتصارا للديمقراطية ودفاعا عنها في معارضة مع حالة الاسثناء التي أعلنها الملك الحسن الثاني آنذاك. لذلك حمل اسم: الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية. ثم قاوم الحزب بقوة عمليات التزوير المتتالية وقاطع بسببها الانتخابات لمدة تقرب من عقدين من الزمان.
واليوم يتميز حزب العدالة والتنمية بسيادة ممارسة ديمقراطية داخلية متقدمة وشفافية متميزة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية منها والآنية. وفي مؤتمر الحزب الأخير في أبريل 2004 شارك أكثر من 1600 مؤتمر في انتخابات شفافة بمساطر واضحة وبحضور الصحافة الوطنية والدولية.
ومن الإضافات النوعية للحزب في مجال الديمقراطية أيضا العمل على تعزيزها ثقافيا وشعبيا، على أساس أن الديموقراطية لا يمكن أن تكون بناء فوقيا منبتا ومنفصلا عن ثقافة المجتمع ومرجعيته. ولإيماننا بأنه لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، ولذلك فإن من أولويات برنامج الحزب جعل الديمقراطية ثقافة وسلوكا داخل الحزب وداخل المجتمع.
كما جعل الحزب من تطوير الديمقراطية أحد مرتكزات برنامجه السياسي، وعدد مقترحاته لتحسين النظام الانتخابي وتحديث المشهد الحزبي ومعالجة كل ما يضر بالممارسة السياسية السليمة. وتشهد السنوات التي مضت على تجربتنا في العمل البرلماني والمجالس المحلية والجهوية والمهنية ومؤسسات دستورية أخرى، بأننا اتخذنا دائما مواقف حازمة ومبدئية من كل ما يضر بالديمقراطية ويسيء إلى الشفافية والمصداقية، لأن اختيارنا المشاركة السياسية في إطار بناء دولة الحق والقانون هو اختيار مبدئي واستراتيجي ومدخل ضروري لبناء مغرب أفضل.
إن قناعتنا الراسخة في حزب العدالة و التنمية بالانخراط المسؤول في إنجاح المسلسل الديموقراطي نابع من مبادئنا وثقافتنا، ومن إيماننا بأن المصلحة العامة لا تستقيم إلا بمشاركة مختلف الفاعلين المهتمين بالتدبير المعقلن والفعال للشأن العام الوطني والمحلي بما يخدم العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. وهذا يقتضي وعيا متميزا بالمسؤولية وإسهاما فعليا في المبادرة السياسية بما يتلائم وتلبية الحاجيات الحقيقية للمواطنين. ذلك أن العمل السياسي ليس ترفا، بل هو مسؤولية والتزام بخدمة المصلحة العامة، كل حسب قدرته وكفاءته، ليعمل جهده وذكائه وضميره لتحقيق الحكامة الراشدة، والعدالة والتنمية.
وإن خلاصة التجربة المغربية في مجال الإصلاح السياسي تدعونا إلى التأكيد على عدة نقاط هي:
1 إن مسار الانفتاح السياسي والمسلسل الديموقراطي بالمغرب قد أخذ طريقه بثبات على الرغم من المعوقات الكثيرة. ومن تلك المعوقات التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة. فالتطورات المتزايدة بالمغرب ديمغرافيا واجتماعيا والتطورات الجهوية والعالمية أسرع بكثير من كفاءة ونجاعة المؤسسات على إيجاد الحلول. إن المطلوب من جيراننا في الشمال أن يثمنوا الإنجازات والإصلاحات عندما تتم وأن يشجعوا عليها، ويساعدوا على إنجازها، وألا يتعاملوا معها بالحذر والشك. فالمستقبل الجيد للعلاقات ونجاح أهداف الاستقرار والتنمية في المنطقة رهين بنجاح تلك الإصلاحات.
2 لا شك أن الديموقراطية ضرورية للاستقرار الاجتماعي، ضرورية لضمان حقوق المواطنين في التعبير والتنظيم الحزبي واختيار المسؤولين والممثلين، والإسهام في القرار السياسي ببلادهم. وفي المقابل فإن المسار التاريخي للديموقراطية في البلدان الغربية ليس واحدا. فلكل من التجربة الفرنسية والتجربة البريطانية خصوصياتها. وكذلك الإيطالية والأمريكية والأسبانية. لأن الديمقراطية تنبت وتتفاعل مع واقعها الاجتماعي والسياسي وتتشكل من الوعاء الثقافي والموروث التاريخي والأعراف الاجتماعية الذي ظهرت فيه. سطحيا وصوريا لا مضمون له، فإنه لا يمكن أن يكون النموذج الذي يصوغه شعب من الشعوب نسخة طبق الأصل لما يقع في دولة أخرى، بشرط ألا تكون الخصوصية مبررا للاعتداء على الحريات الفردية والجماعية، وإقرار ديكتاتورية مغلقة.
3 إن مكانة الدين في المجتمع والدولة موضوع آخر لنقاش واسع. ورأينا أن العلاقة بين الديني والسياسي تختلف من مجتمع لآخر، ومن حضارة لأخرى. كما أن تلك العلاقة يمكن أن تتطور من فترة زمنية لأخرى داخل المجتمع الواحد. لقد وقع هذا داخل المجتمعات الغربية طيلة القرون الأخيرة. فاللائيكية الفرنسية التي نشأت في البداية من فكرة محاربة الكنيسة، تطورت اليوم إلى لائيكية تتدخل لتنظيم الشأن الديني للمسلمين. وهي تختلف كثيرا عن النموذج الأمريكي حيث البروتستانتية لها مكانة متميزة، أو البريطاني حيث الملكة هي رئيسة الكنيسة الانجليكانيةب. ونفس الشيء بالنسبة لنماذج أخرى في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال. كل حالة وجدت صيغتها الخاصة للتوازن بين الديني والدنيوي بين الديني والسياسي.
وفي المغرب بالذات، يشكل الدين اليوم عاملا مهما من عوامل التماسك والتضامن الاجتماعيين، والشعب المغربي عميق التدين، متشبث بقيم وأخلاق الإسلام: دين تعايش وسلام، وإيجابية وبناء. والملكية في المغرب كانت تاريخيا ملكية راعية للدين وشؤونه. والملك هو أمير المؤمنين. لذلك فإن الصيغة التي اختارها المغرب في علاقة الديني بالسياسي متكيفة مع تاريخه وهويته وهي لا تنافي في شيء تطوير الديموقراطية إلى أبعد مدى.
الإرهاب والموقف المطلوب
أيها السيدات والسادة
إننا نعي ما يشكله الإرهاب من تهديد. وأنتم تعلمون أن المغرب عانى منه كما عانت إسبانيا، وأن لدينا ضحايا كما لديكم ضحايا. وإننا إذ نثمن من أعماق قلوبنا تعازيكم لنا في محنة 16 ماي ,2003 نؤكد لكم مرة أخرى إدانتنا لما وقع في مدريد من أحداث إجرامية في الحادي عشر من مارس عام .2004 ونؤكد أنه ما من سبب يبرر الإرهاب وقتل الأبرياء على الإطلاق، وما من دين أو مبدأ يصلح مبررا لقتل الأبرياء وترويع الآمنين. كما نرفض أن يقرن الإرهاب بأي معتقد ديني أو أي ثقافة أو حضارة. وما فتئ المسلمون يكررون باستمرار أن الإسلام دين سلم وسلام، دين تعايش بين الأمم والشعوب: وفي القرآن الكريم آيات صريحة في هذا المعنى منها قوله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
ومع إدانتنا للإرهاب نؤكد بأن العلاج يكمن في المقاربة الشمولية وتطبيق القانون والتمسك بالخيار الديموقراطي، وأن لا يقابل الإرهاب باستعمال أساليب غير قانونية لمواجهته كما أن العلاقات بين الأمم والشعوب يجب أن تبنى على التفاهم ورعاية المصالح المشتركة واحترام كل طرف لهوية وثقافة ودين الطرف الآخر. لكن تضخم الفوارق وازدياد الفقر والاضطهاد في عالم اليوم، يكرس سوء الفهم والشك في الآخر، وفي كثير من الأحياء يغذي التوجس والنفور. وأيضا فإن طريقة الإدارة الأمريكية في محاربة الإرهاب بالاعتداء على الدول والشعوب في انتهاك للشرعية الدولية والتحيز للحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه. وهذه التصرفات تزيد من الشك والارتياب، ولا تساعد على الطمأنة والتفاهم.
الحوار الأوروبي الإسلامي
أيها السيدات والسادة
تجسيدا لهذه المبادئ، أحضر اليوم هنا مدعما بكل تواضع خطوات الاستجابة للدعوة إلى الحوار الأوروبي الإسلامي، والإسهام في ديناميكيته لإعطائه آفاقا رحبة في المستقبل. ويشرفني في هذا المجال أن أؤكد على ما يلي:
1 إننا في حزب العدالة والتنمية نعتبر إسبانيا بابا رئيسا لتوسيع قنوات الحوار والتفاعل والتعاون مع جيراننا في الشمال. كما ندعم ونثمن مشروع رئيس الحكومة الأسبانية السيد خوسي لويس رودريغيس ساباتيرو الداعي إلى قيام تحالف الحضارات بدل صراعها، ونعتبر هذه المبادرة إشارة قوية إلى تذويب الجليد في العلاقات بين دول الجوار أولا وبين شعوب العالم ثانيا.
2 يتم هذه السنة تخليد ذكرى مرور عشر سنوات على انطلاق مسلسل برشلونة للتعاون والشراكة الاورومتوسطية الذي أساسه الحوار السياسي والثقافي والحضاري، وتحقيق الأمن الجماعي والتعاون الاقتصادي، وإعمال مبادئ وقيم حقوق الإنسان. ولأن المغرب يتابع باهتمام كبير مختلف التطورات التي تشهدها أوروبا، فإن هذه الذكرى العاشرة لمسلسل برشلونة، لا يمكنها إلا أن تشكل بالنسبة له قوة دافعة للانخراط في مسار التعاون المشترك. لكن مع الأسف فإن الدعم الأوربي للمغرب لم يكن في مستوى طموحات تلك الاتفاقية. ونتمنى أن تتجاوز سياسة الجوار الأوربية الجديدة نقائص اتفاقية برشلونة ونقائص تنزيلها في الواقع. ونظن أن السياسة الجديدة ستلبي جزءا من ذلك العجز بسبب تركيز اهتمامها على دول الجوار بإعطائها وضعية خاصة في العلاقات. ونتمنى أن يكون حظ تنزيل هذه السياسة أفضل من سابقاتها. ونغتم هذه الفرصة لندعو شركاءنا في أسبانيا والاتحاد الأوروبي لجعل هذه المناسبة للعمل المشترك والبناء في مستوى طموحات شعوبنا جميعا لنواجه، بأسلوب جديد، ظواهر الهجرة السرية وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة والإرهاب التي تهدد استقرارنا وأمننا، وتنمية فرص تحقيق
المزيد من الازدهار والرخاء في المنطقة المتوسطية، بعيدا عن المقاربات الأمنية الضيقة.ومن جهة أخرى فإننا نعي أن بلدان شمال إفريقيا والعالم العربي تعاني من إشكالات كبيرة في الوضع السياسيي، وكذلك واعون بضرورة الانكباب على معالجة الاختلالات التي تسببها، ولكن دعم أوروبا للإصلاحات السياسية ولإقرار الديموقراطية المتوخاة شرط أساس ليس لتنمية الدول المعنية فقط، وإنما لدعم أسس مسلسل برشلونة نفسه وتحقيق أمن أوروبا واستقرارها.
لذلك فإننا ندعو الأطراف إلى العمل على تحقيق هدفنا المشترك الذي أكده الكثيرون وفي مقدمتهم السيد خوسي لويس ساباتيرو في تجاوز حالة انعدام اللقاء بين العالمين الغربي والعربي الإسلامي، ليكون الحوار مبنيا على أسس إزالة الحواجز النفسية الناتجة عن الاحكام المسبقة في إطار الاحترام المتبادل للديانات ولثقافات الشعوب وهوياتهم، وفي إطار من الشراكة والشفافية والإنصات الهادئ حتى يستطيع الأطراف رصد نقط الالتقاء والعمل على بلورتها على أرض الواقع. إن المشاكل الاقتصادية والسياسية والآفات الاجتماعية والأمنية التي يعرفها عالم اليوم، ليس بمقدور دولة بمفردها، مهما بلغت قوتها وثروتها، أن تواجهها في ظل عالم مفتوح بلا حدود، الأمر الذي يقتضي منا جميعا تكثيف الجهود وتجاوز مقاربات أمنية ضيقة وغير مضمونة العواقب، لإيجاد حلول فعالة لهذه المشاكل.
وندعو الجميع إلى دعم مسار الإصلاحات السياسية في بلدان شمال إفريقيا والعالم العربي، لتنطلق من الداخل بديناميكية خاصة، ولتعبر عن حاجة ذاتية لهذه البلدان.
العلاقات المغربية الإسبانية
3 إننا نثمن عاليا التطور المهم الذي وقع في العلاقات المغربية الإسبانية خاصة بعد الانتخابات الأخيرة. ونعتبره توجها نحو الحالة الطبيعية. فالتاريخ المشترك وقوة أواصر الصداقة والجوار بين الشعبين المغربي والأسباني، والمصالح المشتركة كلها مرتكزات لهذه العلاقة الخاصة التي نجدها بين الشعبين.
لذلك فإننا ندعو إلى فتح حوار مسؤول بين ضفتي المتوسط، بين مؤسساتنا الحزبية والثقافية والمدنية والحقوقية، وبناء جسور التعاون والتنسيق بشأن القضايا المشتركة، سواء تلك التي تهم بلدينا مباشرة أو تلك التي نتفق حولها تجاه قضايا مجتمعات وشعوب أحرى.
وتحتل مسألة الهجرة في العلاقات الأورومتوسطية مكانة خاصة. فهي ظاهرة تتوسع وتتطور على المستويين الكمي والكيفي. والهجرة بالنسبة لعدد من دول جنوب وشرق المتوسط توجد في قلب عدد من التحديات منها التحدي الديمغرافي وتحدي الشغل، وتحدي هجرة الكفاءات وتحدي النمو وغيرها.
والمؤسف أن السياسة حول الهجرة في بعض البلدان تتوجه أساسا نحو الإبعاد والطرد والنبذ، وترتكز على إغلاق ومراقبة الحدود مع تفضيل البعد الأمني. لذلك فإننا إذ نحيي خطوة المملكة الإسبانية بتسوية وضعية عدد مهم من المهاجرين من المغرب ومن دول أخرى، ندعو إلى اعتماد مقاربة شاملة وبراغماتية تأخذ بعين الاعتبار المسألة في جميع أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، من أجل المزيد من أنسنة علاقاتنا. ودعم الجهود الرامية إلى التنمية البشرية في المغرب. إن المزيد من الاستثمار في المغرب، والتعاون لمعالجة الاختلالات الاجتماعية به، هو السبيل الأنجع لمقاومة الهجرة السرية، ولجعل الهجرة المنظمة في عمومها فرصة إيجابية لمجموع الأطراف في الجنوب والشمال. وفي هذا الإطار نظن أن أصدقاءنا في إسبانيا قد قاموا بجهد مشهود، لكن الوضعية على الأرض تتطلب جهودا أكثر واستثمارا أكبر. ولا شك أن للمغرب هو كذلك خ بسبب موقعه الجغرافي كبوابة نحو أوربا- حضورا أكبر في هذا الملف. إذ يستقبل أفواجا من المهاجرين الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء وخصوصا من المناطق التي تعاني الحروب الأهلية وحدة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
لذلك فإن الجهود يجب أن تتضافر من قبل الجميع لمعاجة هذه الوضعية، التي لن يستطيع المغرب وحده حل مختلف إشكالاتها. وهذا يقتضي بلورة استراتيجية متكاملة تعالج الظاهرة في مختلف أبعادها وتهدف إلى تحقيق حد أدنى من الاستقرار والتنمية في البلدان الإفريقية جنوب الصحراء. وللمغرب في هذه الدول الإفريقية جنوب الصحراء من التجربة والعلاقات ما يؤهله ليكون شريكا في تنزيل هذه المقاربة. ونرجو أن تكون إسبانيا المدافع الأكبر لهذه المقاربة لدى الاتحاد الأوربي.
أيها السيدات والسادة
إنني أشكر لكم في الختام إتاحة هذه المناسبة الطيبة كما أشكر لكم حسن إصغائكم، وهي مناسبة سنعمل على تكرارها وإثرائها هنا في أسبانيا الجارة القريبة والصديقة وهناك في المغرب، وأغتنم هذه اللحظة الكريمة لأوجه إليكم الدعوة لزيارتنا والاستمرار في الحوار والتواصل والعمل المشترك، وشكرا جزيلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.