جلسة افتتاحية جماهيرية "" حجت حشود غفيرة إلى المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط لتحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية بالقاعة المغطاة، وقد صدقت توقعات قادة الحزب في تعبئة أزيد من 15 ألف من مناضلي الحزب ومتعاطفيه لتغص القاعة بكل جنباتها، مما اعتبره المراقبون إنذارا شديد اللهجة للذين يشككون في قدرات حزب العدالة والتنمية وردا قاطعا على الذين تنبؤوا بأفول نجمه. وبعد قراءة الفاتحة على شهداء الأمة والوطن وعلى المرحوم الهاشمي الفيلالي أحد أقطاب جيل جيش التحرير، انطلق الدكتور سعد الدين العثماني في قراءة التقرير السياسي، والذي عالج فيه أهم القضايا التي يشهدها المغرب حيث ركز على الإصلاح السياسي باعتباره نتاج تفاعل مجتمعي يسهم فيه الجميع وتدفع في اتجاهه الهيئات السياسية والمدنية وخلفها قطاع واسع من الرأي العام الوطني، وفي تفسيره لشعار الحزب: "لا حياة سياسية بدون مصداقية" أكد على أن "رد الاعتبار للحياة السياسية والحزبية والمؤسساتية المنتخبة هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع، لكنها على عاتق الفاعلين الحزبيين أكيد واوجب". وفي تفسيره لضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة أكد على أن "إجراء انتخابات خالية من الشوائب يتطلب بالخصوص إرادة وطنية جماعية للإصلاح وأحزاب سياسية فاعلة ومسؤولة وذات جاذبية قوية ومستعدة للإدماج الفعلي للطاقات والكفاءات، تقوم بواجبها في مقاومة عوامل الفساد الذاتي بتكريس الممارسة الديمقراطية الداخلية والشفافية في العلاقات والانتدابات، ومواطنون واعون بحقوقهم وواجباتهم". وفي سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، ذكر العثماني أن ابرز سمات هذا الوضع تتجلى بالخصوص في الزيادات المتتالية في أسعار العديد من المواد الغذائية الأساسية، ما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين والفئات الفقيرة بشكل خاص. كما أوضح بأن الاقتصاد المغربي يحتاج إلى نقلة بنيوية نوعية لتحقيق نسب نمو أعلى تمكنه من الانخراط في دينامية الاقتصاديات الناشئة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لمختلف فئات الشعب. ورغم اعتراف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالتطورات الأخيرة في العقدين السابقين في مجال حقوق الإنسان حيث قال "لا ينكر منصف متابع لملف حقوق الإنسان بالمغرب التطور النسبي الذي عرفه هذا المجال"، فإنه طالب بتسريع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وأضاف أن "قضية المصداقية ستكون لها عواقب خطيرة إذا لم تبذل جهود من أجل إعادة الاعتبار للحياة السياسية وللأحزاب والمؤسسات". واعتبر أن غياب المصداقية "يظهر أساسًا في تأخير تطبيق إصلاحات مؤسساتية". وقال: "المصداقية هي مشاركة الجميع في تنمية البلاد والتقاسم العادل للثروات. والتقدم لن يتحقق مع استمرار منح الامتيازات لمصلحة طبقة من الأغنياء إضافة إلى الاختلاس والفقر". وأكد أن "التقدم يتطلب أيضا الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان". وطبعا وكعادته في جميع المحطات التنظيمية للحزب جدد العثماني التأكيد على تمسك الحزب بإسلامية الدولة التي على رأسها أمير المؤمنين وبالاختيار الديمقراطي في إطار الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية، وبالتعددية السياسية باعتبار ذلك كله هو الضامن لوحدة المغرب واستقراره والكفيل بذلك في الحاضر والمستقبل وباعتباره أيضا ضمانة لوقاية البلاد من مختلف أشكال التطرف أو الاستئصال أو الاستبداد أو الإقصاء. حضور جزائري وازن في مؤتمر الإسلاميين المغاربة: بتمثيلية ثلاثة أحزاب جزائرية : حركة مجتمع السلم بقيادة رئيسه وزير الدولة أبو جرة سلطاني المتحالف مع الرئيس بوتفليقة والحزب الحاكم جبهة التحرير وحزب إسلامي صغير حركة الاصلاح الوطني كان للشقيقة الجزائر حضور متميز في مؤتمر العدالة والتنمية المغربي، ومن حسن قدر الحزب بأن جميع المتدخلين تناسوا المواقف المتعجرفة للجزائر وبعبع الصحراء، مما أوحى بوجود حالة انسجام تامة ومطلقة مع العدالة والتنمية المغربي مما يؤهله للعب دور ريادي على مستوى العلاقة بين البلدين وسبل تطويرها. السفياني يحيي حسن نصر الله ويصفه بأسد المقاومة. وكعادة العدالة والتنمية مع حلفائها الاستراتيجيين على مستوى المشروع والفعل السياسي أفسحوا المجال لمنسق مجموعة العمل من أجل العراق وفلسطين خالد السفياني والذي صال وجال في كلمة بتراء أمتع بها جمهور العدالة والتنمية واستفز بها رجالات الحكومة الماثلين أمامه، وسوق إعلاميا لحزب الله وانتصاره الباهر من خلا عملية مبادلة الأسرى الأخيرة. أما عن الحليف السياسي أو الأخ الأصغر فقد عاد الحجوجي رئيس حزب القوات المواطنة ليصحح من صورة العدالة والتنمية أمام الإعلام وعند الحاقدين من أذناب المخزن، ويصفه بالقوة والتماسك والجمع بين الأصالة والمعاصرة. تركيا كانت ممثلة بحزب السعادة الأقرب فكريا من حركة الإخوان المسلمين بزعامة رئيسه رجائي قوطان والذي قدم في نهاية كلمته هدايا إلى قادة حزب العدالة والتنمية. السودان وتطورات مذكرة اعتقال البشير كانت حاضرة في أغلب الكلمات إلا أن حضور وزير التربية الوطنية السابق في السودان، واستدعاءه وإلقاءه مداخلته التي ألقاها بالمناسبة شكل موقفا واضحا لدى حزب العدالة والتنمية في مواجهة مخططات أمريكا وحلفائها ودعما قويا للسودان الشقيق، وقد قال الوزير السابق في مجمل كلامه: "أحمل لكم تحيات الرئيس البشير، وحب البشير ونضال البشير، الذي لا يمكن أن يحاكم إلا من قبل شعبه"، مضيفا أن "السودان لم ولن تسلم أي مواطن من مواطنيها لأي بلد بهدف محاكمته". ارتباك في الأداء والتنظيم. شهدت خيمة كتابة الاستقبال في المؤتمر احتجاجات عدة لعدد من أعضاء الحزب بسبب عدم توفر أسمائهم في لوائح المؤتمرين سواء بصفة عضو ملاحظ أو ملحق، رغم أن الإخوان ليسوا قريبي عهد بالتنظيم ويتوفرون على تراكمات تنظيمية مذهلة. أما عن الجلسة المسائية فقد شهدت بعض حالات عنف متبادلة من طرف بعض رجال الأمن الخاص مع بعض مناضلي الحزب بسبب عدم توفرهم على بادج الدخول، ولولا تدخل البعض لتطور الأمر. قمع باها وإصراره على خوض عملية التصويت: عرفت اللحظات الأولى للجلسة المسائية وخصوصا بعد قراءة بعض التعديلات المقترحة، عدة نقط نظم لعدد من الأعضاء مطالبة بضرورة تأجيل التصويت إلى حين المصادقة على تعديلات النظام الأساسي، غير كل هذه التدخلات ووجهت بقمع صارم لعبد الله باها رئيس اللجنة التحضيرية، والذي أصر على استكمال برنامج المؤتمر بدون تعديل بحجة أن المجلس الوطني قد صادق عليه ولا يمكن تعديله بأي حال من الأحوال، تصرف كان سيدفع ثمنه غاليا لو كان في حزب آخر (غير هو جا في حزب الدراوش) هكذا علق البعض. هذا وقد تواصلت أشغال المؤتمر بقراءة التقارير الجهوية المشتملة على مقترحات التعديلات وعرضها على المصادقة، ثم استكمال باقي العمليات الانتخابية في يوم الغد. ومن غرائب ما تم رصده هو حضور الوزير الأول السابق إدريس جطو للجلسة الافتتاحية، مما استفز بعض الصحفيين الذين سألوا أحد مناضلي الحزب عن الإشارة السياسية لهذا الحضور فأجاب بأن جطو صديق للعدالة والتنمية، وهو ما يؤكد بعض الانطباعات السابقة لقياديي العدالة والتنمية لأداء جطو الحكومي. وفي انتظار أن يتم المؤتمر السادس للعدالة والتنمية أشغاله، يكون قد حقق الأهم بتنظيم جلسة افتتاحية جماهيرية ويبقى السؤال المطروح هل سيجدد الحزب نخبه وقيادييه وهل سينسحب العثماني من قيادة الحزب أم أنه يطمح لولاية أخرى، هذا ما ستسفر عنه انتخابات الحزب.