استنكرت مجموعة من الهيئات العلمية الإسلامية قانون حظر الحجاب في المؤسسات العمومية والتعليمية، معتبرة القرار مسا بحرية التعبير والتدين المكفولة في المواثيق الدولية. واعتبر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث خلال أعمال الدورة ال12 للمجلس، التي احتضنها مقره الرئيسي في العاصمة الأيرلندية دبلن في يناير 2004 أن إكراه المسلمة على خلع الحجاب المعبر عن ضميرها الديني واختيارها الحر من أشد أنواع الاضطهاد الذي لا يتفق مع القيم الفرنسية الداعية لاحترام كرامة المرأة وحريتها الشخصية والإنسانية والدينية، ودعا باريس إلى مراجعة موقفها بهذا الشأن. وتضمن البيان الختامي للمجلس انتقادات قوية لموقف فرنسا ، كما حرص على الإشادة في الوقت نفسه بمواقف فرنسا من عدة قضايا عربية وإسلامية، ودعا مسلمي فرنسا إلى التصدي للقرار الفرنسي حول الحجاب بالوسائل السلمية. ودعا المجلس أيضا في بيانه المسؤولين في فرنسا الى إعادة النظر في هذا المشروع بما يتفق مع غايات الوحدة الوطنية والأمن الاجتماعي والتلاحم بين شتى مكونات المجتمع الفرنسي في عصر حوار الحضارات لا صراعها. وعبر بيان مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا قلقه البالغ من استصدار تشريع يحظر الحجاب في المدارس العامة والدوائر الحكومية، مسجلا أسفه لانحياز الرئيس الفرنسي إلى تيار الحظر ومطالبته البرلمان الفرنسي باستصدار هذا القانون! وأشار المجمع إلى أنه من حق الدول في التعامل مع شؤونها الداخلية وفق ما تقرره أجهزتها السياسية والقانونية، إلا أنه يؤكد ما أكدته جميع المواثيق والأعراف الدولية من أن هذا الحق مقيد باحترام حقوق الإنسان ومن بينها وآكدها الحرية الشخصية والحرية الدينية التي تعني حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، مضيفا أن صدمة الضمير المسلم عنيفة وهو يرى فرنسا معقل الحريات تتنكر في هذه القضية لأبسط هذه الحريات وآكد هذه الحقوق. وأهاب المجمع بصناع القرار في السياسة الفرنسية مراجعة هذا الموقف الذي يمثل ارتدادا عن ثوابت الثورة الفرنسية وتنكرا لرسالتها التي عرفت بها في العالم أجمع، وبكل مناصري الحق والعدل في العالم أجمع أن يدعموا مسلمي فرنسا في قضيتهم العادلة. وأكد بيان مجمع البحوث الإسلامية حول حظر الحجاب بفرنسا أن دعوة المسلمين الالتزام بأنظمة تلك الدول لا يحرمهم حقهم المقرر في تلك الأنظمة من الاعتراض أو التحفظ على أي إجراء يرونه ماسا بتلك الحقوق والحريات شريطة أن يتم ذلك من خلال القنوات الشرعية القضائية المقررة في تلك البلاد، فإذا استفرغن الجهد في هذا السبيل، والتزمن بتلك التشريعات كن في حكم المضطرات إعمالا لقول الله تعالى (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم). ودافع البيان عما تعرض إليه الشيخ الطنطاوي بتصريحه حول الموضوع بأن من حق فرنسا استصدار القرار المنسجم مع علمانيتها، دون النظر إلى أن هذه العلمانية تضمن الحرية الشخصية في التعبد، وقال البيان إن الحجاب فريضة إسلامية على المسلمة البالغة الالتزام بها، وإنه ليس مجرد رمز أو علامة، هو قول مطابق للشرع الإسلامي، ويوافق عليه جميع الأعضاء. وطالب مجمع البحوث بالتقليل من الجدل الطويل الذي دار حول هذه القضية، لأنه لا يتناسب مطلقا مع الأولويات التي تفرض نفسها على الأمة الإسلامية وهي تواجه ما تواجه من مشكلات حياتها ورد الحملة الظالمة على دينها وثقافتها.