قرر منتدى الكرامة لحقوق الإنسان تنظيم ندوة علمية يوم السبت حول موضوع :المقاربة التصالحية ودورها في معالجة إشكالية الإرهاب، تجارب عربية، بتعاون مع منظمة باكس كريستي إنترناشيونال، بدار المحامي بالدار البيضاء. وعن خلفية هذه الندوة الدولية التي ستضم العديد من المهتمين، والفاعلين الحقوقيين من المغرب، المملكة العربية السعودية، مصر، لبنان، ذكر بلاغ المنتدى أنها محاولة لاستعراض جولة من تجارب الحوار والمناصحة، والمراجعات التي تمت في بعض الدول العربية ومحاولة اجتراح مقاربة بديلة لمعالجة إشكالية الإرهاب، لاسيما وأنه في المغرب بدأ الحديث عن الحوار مع ما بات يسمى اليوم بـمعتقلي السلفية الجهادية داخل السجون، وهم عبارة عن مجموعات لا تعبر عن كتلة متجانسة، ولا تصدر عن رؤية واحدة ولا يجوز رميهم في سلة واحدة تحت مسمى مكافحة الإرهاب- تقول ورقة تقديمية للمنتدى توصلت التجديد بنسخة منها. وبهذا الخصوص يرى المنتدى، أن أحداث 16 ماي 2003 وقبلها أحداث 11شتنبر، مثلتا منعطفا في طريقة تعاطي السلطات المغربية مع الموضوع، فقد كان من الطبيعي أن تقوم مختلف الأجهزة الأمنية بواجبها في متابعة المتورطين في هذا الفعل الإرهابي، وفي القيام بكل ما من شأنه تحصين البلاد من مخاطر العنف والإرهاب وفي توفير الأمن للمواطنين، لكن المقاربة التي تم اعتمادها -يضيف المنتدى- خلفت العديد من الضحايا بفعل حجم الاختلالات، والتجاوزات التي أسفرت عنها المتابعات التي تمت فيما بعد الأحداث، وقد أقرت الدولة في أعلى مستوياتها بوجود اختلالات في هذا الملف. وفي السياق ذاته؛ ذكر المنتدى أنه قبل حوالي عشر سنوات أعلنت الجماعة الإسلامية في مصر عن مراجعات فكرية أثمرت مبادرة لوقف العنف، وهو ما تفاعلت معه السلطات المصرية بشكل سريع، وبدأت في الإفراج التدريجي عن قيادات الجماعة وأفرادها، وفي السنة الماضية أقدم تنظيم الجهاد في مصر على خطوة مماثلة وأصدر منظره الشيخ السيد إمام مراجعات جديدة تصب في نفس الاتجاه، وهو ما أعقبه إفراج السلطات المصرية عن قيادات التنظيم وأفراده، وهي تجربة جديرة بالدراسة والتأمل، وفي المملكة العربية السعودية قامت السلطات بتشكيل لجان للمناصحة نحتاج إلى معرفة سياقاتها وظروفها والوقوف عند إنجازاتها وإخفاقاتها، وفي لبنان هناك تجربة للحوار مع المعتقلين على خلفية أحداث إرهابية-حسب المصدر ذاته-. وجاء في الورقة التقديمية أن مجموعة من الدول التي عاشت في مراحل تاريخية معينة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، درجت على تشكيل لجان للحقيقة والمصالحة، واعتماد نهج العدالة الانتقالية كأسلوب لطي ملفات الماضي، وفتح آفاق متحررة نحو انتقالات ديموقراطية يتم فيها احترام حقوق الإنسان، وترسيخ مجموعة من الآليات القانونية والفكرية التي تمثل ضمانات حقيقية لعدم تكرار ما حصل في الماضي من انتهاكات في سياقات معينة غاب فيها احترام القانون؛ سواء من قبل الدولة، أومن قبل الجماعات والأفراد. وأشار المنتدى من خلال ورقته التقديمية، إلى أن القضايا المرتبطة بظاهرة الإرهاب ظلت بعيدة عن هذه المقاربة، وبدا نهج مجموعة من الدول في التعاطي مع إشكالية العنف الديني، أو قضايا الإرهاب مقتصرا على المقاربة الأمنية التي أثبتت فشلها ولم تساهم إلا في إنتاج المزيد من نزعات العنف ضد الدولة، خصوصا في أوساط من خبروا السجون، وتعرضوا للتعذيب في مخافر الشرطة، وانتزعت منهم اعترافات تحت الإكراه ووجدوا أنفسهم أمام محاكمات اختل فيها ميزان العدالة. وشدد المنتدى على أن الحالة المغربية بسيطة بالمقارنة مع الحالة الجزائرية أو المصرية أو الليبية أو السعودية، ذلك أن هذا الصنف من المعتقلين عبر في مناسبات متعددة عن رفضه للعنف، ولمنهج التكفير، وتفاعل بشكل سريع وتلقائي مع مبادرة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التي يتوسط فيها منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، فقد عبر أزيد من سبعين معتقلا عن رفضهم للعنف، وعن إيمانهم بثوابت البلاد، وقبولهم للنظام الملكي واستعدادهم للحوار مع العلماء المشهود لهم بالنزاهة والاستقلالية من أجل توضيح أفكارهم ومواقفهم.