ما جرى في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي لممثل الكيان الصهيوني من هزيمة ناجمة عن ديبلوماسية أدت إلى انسحابه المذل، يكشف عن حجم التحول الذي أحدثه صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، وعن الآثار العميقة لهذا الصمود في الموقفين الدولي والوطني. فالمغرب الذي استضاف ممثل العدو في خريف السنة الماضية سيلفان شالوم بطنجة، هاهو اليوم ينخرط ضمن مجموعة الوفود الثمانية التي قادت حملة مقاطعة كلمة ممثل الكيان الصهيوني في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي، والمغرب الذي خرج قلة من دعاة النزعة الأمازيغية المتطرفة فيه ضدا على الموقف المغربي المتضامن مع الشعب الفلسطيني أصبح بعضهم اليوم يعتبر ربط إسرائيل باسمه عملا يستهدف تشويهه، وذلك بعد أن كان في السابق لا يتردد في الدفاع عن التطبيع وعن ما يسميه بتقوية العلاقات مع الكيان الصهيوني. ما سبق ليس سوى آثار تكشف استمرار المعركة الديبلوماسية، وذلك في مواجهة السعي الصهيوني لتبييض وجهه الاستعماري والعنصري والعدواني، وهي معركة نضيف إليها التقرير القوي الذي أصدرته قبل مدة هيومان رايت وتتش الأمريكية، وكشفت الاستعمال المتعمد للعدو للقنابل الفوسفورية من جهة، وعدم لجوء حركة حماس لاستعمال السكان دروعا بشرية. وفي المقابل تأتي بعد إعلان مشروع علاء الدين لمؤسسة ذاكرة المحرقة بباريس كوجه آخر لعملية تبييض الكيان الصهيوني ودفع العالم الإسلامي إلى تبني عقدة المحرقة النازية، والتي كان للمغرب موقف تاريخي في مواجهتها بعد أن عبر الملك محمد الخامس عن رفضه الصارم لتطبيقها في المغرب بعد الاحتلال الألماني لفرنسا وانتقال وجوده إلى المغرب. المطلوب اليوم أن نعزز المسار الدولي الذي انطلق، وأن يكون للمغرب موقف متقدم يؤهله لتقوية دوره في المشهد الدولي، وأن نتجاوز الحسابات الضيقة التي جعلت البعض يروجون لمزاعم عدم إغضاب إسرائيل وأمريكا؛ لما لذلك من آثار على موقف المغرب في قضية الصحراء المغربية، فها نحن اليوم نرى تركيا وكيف كان لرئيس وزارئها موقف حاسم من رئيس دولة العدو في قمة دافوس، وبالرغم من ذلك اختار الرئيس الأمريكي أوباما هذا البلد ليزوره ويعلن دعمه لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي. إننا نعتقد أن علاقات إيجابية منفتحة مع الغرب تحقق مردودية أكبر إذا ما ارتكزت على مواقف قوية تحقق المكانة المطلوبة، والتاريخ القريب للمغرب حافل بذلك، والدعوة المغربية لاجتماع لجنة القدس في الشهر المقبل مؤشر عن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب لتحقيق ذلك.