قالوا قديما الحديث ذو شجون ويظهر أن الشجون ذات أحاديث أيضا. ففي أكثر من مجلس و في كل المناسبات تقريبا يتجاذب الناس أطراف الحديث، ويخوض الناس في الحديث عن واقعهم اليومي و تأخذ حصة التشخيص حصة الأسد وينفض المجلس في حالات كثيرة دون أن يشعر من حضر المجلس انه معني بهذا الواقع الذي تحدث عنه كل تلك المدة !! ذلك لأن الكلام يتجه في الغالب إلى تحديد جهات مسؤولة خارجية إما خارج الوطن، أو خارج الذات. سواء الذات الفردية أو الجماعية أكانت جمعية أو حزبا أو غيرهما وأظن أن المطلوب هو عكس القضية بأن نتحدث عن مشاكلنا وهمومنا وقضايانا على أساس أننا جزء من المشكل وينبغي أن نكون جزءا من الحل أيضا!! ولعله بعض ما تشير إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران : 165) مع إعمال قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .فالآية تنقل تساؤلا للناس في الذي أصابهم على جهة الاستبعاد والاستغراب فكان الجواب القوي الذي لا ينتبه إليه الناس إلا قليلا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ وكثيرا ما يشار إلى أن خطابنا العامي ينزع نحو إلقاء المسؤولية على الغير في كل شيء حتى الجمادات لم تسلم من تحميلنا إياها المسؤولية فنقول ضربني الحيط وأخواتها ... وكلها تحتاج لإعادة الصياغة بما يجعل المعني بالأمر طرفا فاعلا وليس ضحية إلى الأبد. وهذا الذي قلته أظن انه يصدق إلى حد بعيد على مجالات عديدة ولنأخذ على سبيل المثال واقع اللغة العربية، ففي المغرب تأسست كما هو معلوم في السنتين الأخيرتين الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية وكان ذلك يوم السبت 17 مارس 2007 في الرباط وهي بعمر الجمعيات استطاعت ان تحقق انجازات نوعية كبيرة و شاركت في عدد غير يسير من التظاهرات العلمية ، وأسست فروعا لها على الصعيد الوطني ضمت في عضويتها نخبة من الباحثين والمفكرينب ولكن حماية اللغة العربية تظل مطلبا حضاريا تتأكد الحاجة إليه بعد سنوات من رفع الحماية واستعادة البلاد استقلالها، ويظهر أننا مدعوون لتفعيل مقولة المغفور له محمد الخامس عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر في كثير من مجالات الحياة ومن ذلك العناية باللسان فالمستعمر جاهد فينا الجهاد الأكبر والأصغر للتمكين للغته في فترة الحماية وهو يرعى مشاريعه بعد الاستقلال وتغلغل وتغول الفرنكفونية في بلادنا اكبر شاهد !! ولذلك ورغم كل الجهود التي بذلت في سبيل التعريب بقي أمر العربية يحتاج لجهود الأفراد والمؤسسات ومنه تأسيس جمعية لحماية اللغة العربية . ولكن الذي أود ان ألفت النظر إليه هو إسهام الأفراد في حماية اللغة العربية من خلال إجراءات عملية يسيرة يلتزم بها الفرد ويدعو إليها في محيطه العائلي او المهني او غيرهما وذلك ضمن قاعدة : لا تحقرن من المعروف شيئا وهو التوجيه النبوي الذي عبر عنه الناس بصيغ أخرى فقالوا لا تسبوا الظلام ولكن أوقدوا الشموع. فالتباكي على اللغة العربية لن يحل المشكلة لكن إيقاد الشموع قد يساهم في ذلك. ومن الإجراءات البسيطة التي تندرج في هذا العمل التوقيع بأحرف عربية ، فمن الوسائل المعتمدة في الضبط التوقيع أو الإمضاء وقد يكون خطوطا أو بصمة وفي حالات كثيرة تجد البعض يوقع بأحرف فرنسية وليست لاتينية كما يحاول البعض التلبيس علينا ، ولا نعرف فرنسيا واحدا يوقع بأحرف عربية . فإن وجد فهو منا ونحن منه!! ومن ذلك كتابة واجهات المحلات التجارية وغيرها بأحرف عربية. وإذا كان لابد من فرنسية أو إنجليزية فلتكن بعد العربية لا قبلها ولا عوضا عنها،ومن ذلك كتابة الصك أو الشيك بأحرف عربية .ومن ذلك كتابة عناوين المكاتب في الإدارات العمومية بأحرف عربية فقد تجد على أبواب المكاتب أحيانا لوحات فرنسية تحدد طبيعة المصلحة مع العلم ان المخاطب الأصلي هو المواطن المغربي . بقي في الأخير التذكير بأن شعار أكتب بالعربية هو من اجل اللغة العربية وليس ضد غيرها من اللغات واللهجات ،فقد علمنا القرآن أن اختلاف الألسن واللغات من أعظم الآيات : وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الرو